إعلان

قصر عابدين.. هدايا الرؤساء ولعنة ''بدران'' ..صور

10:53 ص الجمعة 04 أبريل 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- علياء أبوشهبة:

قصر عابدين تلك التحفة المعمارية العالمية، والذي يعتبر واحدا من أهم القصور التي شيدت خلال حكم أسرة محمد علي لمصر، لمشاركة كبار فناني فرنسا و إيطاليا ليس فقط في بناءه، ولكن في تصميم كل ما يزينه من لوحات و أثاث و مقتنيات تشمل حتى أدوات المائدة، خلف جدرانه جرى الكثير من الأحداث التاريخية الفارقة في تاريخ مصر، ولعل من أشهرها اليوم الذي اقتحم ساحته المناضل الوطني أحمد عرابي مواجها الخديوي توفيق قائلا عبارته الشهيرة :'' لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم''.

''مصراوي'' قام بجولة داخل القصر التاريخي في الذي يقع في ميدان عابدين على بعد أمتار قليلة من مقر محافظة القاهرة، ومساحته تبلغ 25 فدان منها 25% مبانى، وجاء قرار بناءه عام 1863 بأمر من الخديوى إسماعيل نجل محمد علي باشا مؤسس مصر الحيثة، و الذي تولى الحكم عقب وفاة شقيقه الأكبر إبراهيم باشا و يعتبر هذا القصر هو البداية الأولى لظهور مصر الحديثة.

جاءت تسمية القصر باسم ''عابدين بك'' المالك الأصلي لقصر صغير كان مبنيا مكان القصر الحالي، وكان ضابطا في الجيش وعندما اختار إسماعيل الأرض وذهب لشرائها من أرملة عابدين بك اشترطت عليه تسمية القصر باسم زوجها وهو ما وعد به إسماعيل ونفذه بالفعل، وقم بشراء الأراضى المحيطة بالقصر وضمها.

ظلت مصر تحكم من قصر عابدين منذ إفتتاحه عام 1872 وحتى عام 1952، وكان مقرا للأسرة الحاكمة والتي انتقلت من القلعة التي كانت مقر الأسرة الحاكمة منذ بناء صلاح الدين الأيوبي لها.

باريس وكشك الموسيقى

من باب باريس بدأت جولة ''مصراوي''، وهو الباب الذي صمم خصيصا لتدخل منه الفرنسية ''أوجيني'' في وسط السور الشرقي للقصر، وسمي بذلك تكريما لها، وكانت زيارتها أثناء إحتفالات إفتتاح قناة السويس في 17 نوفمبر عام 1869.

عدم رمي القمامة على الأرض و تجنب اللمس، فضلا عن السير وفقا لتعليمات المرشد، هذه هي أهم التعليمات التي تستقبلك بمجرد دخول القصر.

يحتوى القصر على مساحات خضراء واسعة بها مجموعة من النباتات النادرة، ويزين أركانه تماثيل رخامية، ومدافع حربية قديمة، ويتخلله كشك الموسيقى، وهو عبارة عن تحفة معمارية رخامية، شيدت على الطراز الأغريقي، رغم مرور السنين مازالت تحتفظ برونقها الأخاذ، وكانت تجلس فيه الأميرات لإحتساء الشاي و الاستماع إلى مقطوعات الموسيقى العالمية.

ينقسم القصر إلى السلاملك والخاص بالحكم واستقبال الزيارات الرسمية،و الجزء الثان هو الحرملك، وبه يسكن أفراد العائلة المالكة حيث تتواجد حجراتهم، ويضم القصر أيضا عدة متاحف هي متحف الأسلحة و يضم قسم الأسلحة البيضاء و ساحة المدافع و قسم الأسلحة النارية، ومتحف الأوسمة و النياشين و يضم المقتنيات الملكية الخاصة، ومتحف هدايا الرؤساء، ومتحف الفضيات.

متحف الأسلحة

كان أبناء و أحفاد الخديوى إسماعيل صاحب قرار بناء قصر عابدين مولعين بتجميل القصرن ولكن وفقا لأهوائهم، وكان كلا من الملك فؤاد الأول و ابنه الملك فاروق الأول مولعين بامتلاك الأسلحة بكل أشكالها و أنواعها، بعضها كان يصنع لهم خصيصا و البعض الأخر اشتروه من المزادات العالمية، منها على سبيل المثال مسدس القائد الإيطالي موسيليني، كما كانت هدايا رؤساء العالم لكل من الملكين عبارة عن أسلحة، ويرى بعض المؤرخين أن أحفاد محمد علي كان لديهم ولع بالسلاح وخاصة ''السلاح المخفي''، وهو ما انتقل من الجد الذي كان يلازمه خوف مرضي من القتل غدرا، وهو ما يتضح من خلال امتلاك أنواع من المسدس الذي لا يكاد يصل حجمها إلى عقلة الإصبع وكذلك خناجر صغيرة.

كما يضم متحف السلاح ''الأسلحة الشراكية'' أو الخداعية،وهي عبارة عن مجموعة من البنادق أو سلاح ''شيش'' التي تحمل شكل العصى، كما أن بعض الأسلحة البيضاء مزود بالمسدسات فيجمع بين السلاح الأبيض و السلاح الناري.

سيف التتويج

ومن أبرز المقتنيات في متحف السلاح ''سيف التتويج'' وهو سيف نادر مرصع بالأحجار الكريمة بأحجام مختلفة وهو مصنوع في ألمانيا و كان يتم به تتويج أباطرة روسيا، واشتراه الملك فاروق من أحد المزادات العالمية.

كما يضم طاقم ''كمر'' من الجلد المحلى بالذهب المشغول لحمل طلقات الرصاص و مهدى من الملك عبدالعزيز آل سعود إلى الملك فاروق.

يضم المتحف أيضا عدد كبير من أسلحة الصيد،الثمينة أبرزها المعروفة باسم ''هولند آند هولند''، وهي أغلى أنواع بنادق الصيد في العالم، وبعضها مخصص لإطلاق الرصاص و الخرطوش معا، وسجل على بعضها اسم الملك فؤاد و أخرى سجل عليها اسم فاروق و شعار التاج الملكي، وجميعها منفذة بالذهب، وترافقها صور للملك فاروق في رحلات الصيد التي كان يذهب إليها، وذلك في مراحل عمرية مختلفة.

يضم متحف الأسلحة بعض المقتنيات الخاصة بأفراد العائلة المالكة ومنها الشارات التي كان يستخدمها رجال و نساء البلاط الملكي و بعضها مصنوع من الذهب المطعم بالألماظ، وأيضا مجموعة من علب السجائر و النشوق المصنعة من الذهب الخالص و المزينة برسومات لمناظر طبيعية منفذة بالمينا، هذا بالإضافة إلى شيشة الملك فاروق، وترافقها صور نادرة له.

وفي قسم الأوسمة و النياشين، يوجد مجموعة نادرة تم صنع بعضها في مصر و البعض الأخر مصنوع في أوروبا و أسيا، وبعضها منحت لأفراد أسرة محمد علي، والبعض الأخر منح لشخصيات عامة منها الممنوحة للفنانين أم كلثوم و عبدالوهاب و الشاعر أحمد شوقي.

لعنة ''بدران''

تتوسط المتاحف ساحة النافورة، وهي ساحة رخامية تحيط بها بعض المدافع التاريخية، وتماثيل نصفية لكل من محمد علي باشا والخديوى إسماعيل مؤسس القصر، وتمثال ثالث لابنه الملك فؤاد الأول.

من أسرار القصر الغامضة، ضريح ''سيدى بدران''، والمطل على ساحة النافورة، وله قصة غريبة، فعند بناء القصر كانت أرضه الواسعة تضم جبانات، تم نقلها جميعا إلا هذا الضريح الذي يرجع لشخص غير معروف اسمه بدران، وكلما حاول العمال نقله تعرض للإصابة، لذلك أمر الخديوى إسماعيل بالحفاظ على الضريح وإدخاله ضمن تصميمات القصر، وأعاد الملك فؤاد تجديد الضريح بزخارف نباتية ملونة وكتابات قرآنية مشابهة للموجودة في مسجد الفتح الموجود داخل القصر بجوار باب باريس.

الأسلحة البيضاء

بجوار الضريح يوجد قسم الأسلحة البيضاء، ويضم مجموعة نادرة من الدروع و التروس و الصدريات و الخوذات و واقيات الأذرع و الأرجل، كانت تستخدم في العصرين الأيوبي والمملوكي ومن المقتنيات النادرة فيه خنجر القائد الألماني روميل، وكذلك خنجر ذهبي المقبض والغمد من الذهب ومُحلى بفصوص وشرر من الألماس، ومن أهم المعروضات أيضا سيف السلطان العثماني سليم الأول ويعود إلى القرن السادس عشر، وكذلك سيف القائد الفرنسي نابليون بونابرت.

يضم المتحف لوحة نادرة استغرق رسمها خمس سنوات،ورسمها فنان عالمي تخصص في رسم المعارك، كما يضم مجسم من الخشب و الجرانيت و البرونز،يعلوه تمثال محمد علي و تتدلى منه أربع تماثيل تمثل انجازاته في بناء مصر الحديثة في مجالات الزراعة و تتمثل في تشييد القناطر الخيرية، ومجال التعليم و الملاحة.

هدايا الرؤساء

متحف هدايا الرؤساء أنشأه الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ويضم إلى جانب هداياه، هدايا الرئيس السابق محمد مرسي والرئيس المؤقت عدلى منصور، ويحوى مجموعة من التحف النادرة.

هدايا الرئيس عدلى منصور عبارة عن هديتين من البحرين ومن الكويت وهي عبارة عن مجسم لسور الكويت القديم.

وهدايا الرئيس السابق محمد مرسي، خصصت لها قاعة مستقلة، وتضم مصاحف مغلفة بالفضة، أهديت من عدة دول عربية، وبعضها مطعم بالعاج و الأبانوس، إضافة إلى قطع خزفية من إيران، ونموذج لمركب شراعي مهدى من الكويت، وسيف مهدى من قطر، إضافة إلى قطع خزفية مهداة من تركيا، إضافة إلى قطع متنوعة مهداة من ليبريا و البرازيل و السودان و مشايخ قبائل سيناء.

والنصيب الأكبر من مقتنيات المتحف لهدايا الرئيس الأسبق مبارك، وأبرزها مجسم المدينة المنورة المهدى من السعودية و المصنع من الذهب و الفضة معا، ويعتبر من أهم و أقيم القطع الموجودة في المتحف، ومن الهدايا البارزة أيضا مجسم الحجر الأسود ومجسم باب الكعبة.

تضم القاعة الرابعة مقتنيات خزفية نادرة مهداة إلى الرئيس الأسبق من عدة دول أسيوية،و يوجد أيضا تاج الساموراي الياباني و له قيمة كبيرة لدى اليابانيون، وكذلك منتجات صدفية مهداة من الأردن و فلسطين، وهي موضوعة داخل ''بوفيه'' خشبي مهدى من اليابان.

متحف الوثائق يضم الرسائل التي تلقتها العائلة المالكة من ملوك و رؤساء العالم، ويضم ألبومات الصور الشخصية و الزيارات الرسمية، وأبرزها صور فرح الأميرة فوزية أخت الملك فاروق التي تزوجت شاه إيران محمد رضا بهلوي، وأقيم حفل زفافها في القصر، وشهد المسرح الموجود بالقصر جانبا من الإحتفال، وهو نفس المسرح الذي عرضت عليه أشهر عروض الأوبرا.

متحف الفضيات

يضم متحف الفضيات أدوات المائدة التي كانت تستخدمها العائلة المالكة، وهي أدوات صنعت و صممت خصيصا لهم من عدة دول منها تشيكسلوفاكيا و روسيا، و الأطباق مطلية بماء الذهب و بعضها يحمل اسم صاحبه، منها طقم الأطباق الذي يحمل الحروف الأولى من اسم الأمير يوسف كمال مؤسس مدرسة الفنون الجميلة، والبعض الأخر عليه اسم ''شفق نور'' وهي إحدى زوجات الخديوي إسماعيل و والدة الخديوي توفيق.

من الأمور الملفتة للنظر في مجموعة الكؤوس والأكواب وجود جزء زجاجي صغير كان يستخدم لرفع جزء من المشروب ليتذوق منه الخادم قبل تقديمه، خوفا من السم، وهو خوف متوارث لدى أحفاد محمد علي كما جاء في روايات بعض المؤرخين.

إلى جوار الكؤوس الفخمة توجد أنوان زجاجية لا يبدو عليها نفس الرونق و الجمال، وهي كؤوس القائد نابليون تم شرائها من إحدى المزادات.

ومن التحف النادرة في متحف الفضيات ''الجالييه'' و المنسوب إلى مبدعه الفنان الفرنسي إيميل جالييه، وهو فنان ابتكر خامة تشبه الزجاج لكنها تختلف عنه في قابليتها للحفر عليها، وهي خامة نادرة يوجد في العالم عدد محدود من التحف المصنعة منها، حيث مات هذا الفنان بدون معرفة سر الخامة التي كان يصنعها بنفسه.

تنشيط السياحة الداخلية

جولة مصراوي في متاحف قصر عابدين كانت بتنسيق من '' حملات تنشيط السياحة الداخلية''، وهي رابطة أسسها 7 شباب من غير العاملين في المجال السياحي، بهدف التشجيع على زيارة الأماكن التاريخية و المزارات و المتاحف، مع التنسيق مع القائمين على إدارة هذه المزارات من أجل توفير مرشد، حتى تكون الزيارة مثمرة.

أحمد مهدى، أحد أعضاء الحملة، قال لمصراوي إنهم بدأوا نشاطهم قبل حوالي عامين، بهدف تنشيط السياحة الداخلية، من خلال تنظيم الرحلات في نهاية الأسبوع، مضيفا أن التجاوب و الحفاوة التي تقابل أعضاء الفريق تدفعهم للاستمرار، وهو ما دفع بعض المرشدين السياحيين للتعاون معهم في المزارات التي لا تحتوى على مرشدين، ومع مرور الوقت بدأ النشاط يتوسع إلى خارج القاهرة، ونظمو رحلات إلى الواحات و سيوة و الصحراء البيضاء و السوداء.

محمد النجار، أحد أعضاء الفريق، قال إنهم جمعهم هدف واحد وهو نشر رسالة سلام و وعي ثقافي و تاريخي، لينعكس بدوره على فكر المواطنين، مضيفا أن كثير من الأسر أصبحت تلجأ للمراكز التجارية من أجل الترفيه، و تراجع الوعي الأثري، في حين أن مصر تحفل بالمزارات المتنوعة، لكن ثقافة زيارتها غير موجودة،مضيفا أن هناك قصور في بعض المزارات التاريخية التي لا يتوفر بها مرشد أو يتوفر لقاء مقابل مادي مرتفع.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج