إعلان

''مصريون ضد الفحم'': مصنعي الإسمنت يهتمون بالأرباح على حساب صحة المصريين (حوار)

12:46 م الأحد 13 أبريل 2014

مصانع

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار – هبه محسن:

أثار قرار الحكومة الأخير بالبدء في استخدام الفحم في توليد الطاقة اللازمة لمصانع الإسمنت العديد من ردود الفعل، فقد أشاد مصنعي الإسمنت بالقرار لأنه يصب في صالح صناعتهم.

ولكن هناك قطاع أخر رفض هذا الأمر رفضاً قاطعاً بسبب الأضرار الصحية والبيئية والاقتصادية التي ستعود على الدولة جراء استخدامها للفحم والتي قطعاً ستنعكس على المواطن المصري.

وأطلق عدد من المعترضين على قرار استخدام الفحم في توليد الطاقة حملة بعنوان ''مصريون ضد الفحم'' ويحاولون من خلالها توعية المواطنين بخطورة استخدام الفحم على صحتهم ويدفعون باتجاه وقف القرار.

''مصراوي'' تحدث مع لبنى درويش –أحد منسقي حملة مصريون ضد الفحم- للتعرف منها على اسباب رفضهم لاستخدام الفحم في توليد الطاقة والبدائل التي يطرحونها أمام الدولة لحل مشكلة نقص الطاقة في مصانع الإسمنت..

من هم مصريون ضد الفحم.. ومتى بدأت الحملة عملها؟

نحن مجموعة من المهتمين بشئون البيئة والصحة العامة والطاقة والحملة منضم إليها أساتذة متخصصين في مجال الطاقة والبيئة والصحة في مختلف الجامعات، وقد بدأت عملها مع حكومة الدكتور هشام قنديل عندما بدأ الحديث عن استخدام الفحم في توليد الطاقة ولكن 30 يونيو أوقفت هذا الأمر حتى عادت حكومة الدكتور حازم الببلاوي للحديث عنه مجدداً وحينها كان ''مصريون ضد الفحم'' مجموعة صغيرة جداً وبدأت الدائرة تتسع مع قرار حكومة المهندس إبراهيم محلب باستخدام الفحم في توليد الطاقة وحينها بدأ صوتهم يصل إلى وسائل الإعلام المختلفة وانضم إليهم بعض أساتذة وخبراء الطاقة والبيئة في موقفهم المضاد لاستخدام الفحم في توليد الطاقة.

وهناك أيضاً اهتمام شعبي بهذا الأمر الذي سيؤثر كثيراً على صحة المصريين، وللأسف كل هذه الخطوات جاءت بعد اتخاذ الحكومة لقرارها ولكن مازال لدينا أمل في مراجعة القرار الذي سيؤثر على الشعب المصري بأكمله.

لماذا تعارضون استخدام الفحم في توليد الطاقة؟

خلال الفترة الماضية حاولنا عمل العديد من الدراسات وقمنا بتجميع العديد من المعلومات حول استخدام الفحم في صناعة الإسمنت حول العالم وتأثيرها البيئي والصحي والاقتصادي، ومن خلال هذه الدراسات تأكدنا أن استخدام الفحم في توليد الطاقة اللازمة لصناعة الإسمنت له أضرار عظيمة على صحة المواطنين ورفع نسبة التلوث في البيئة بشكل كبير فضلاً عن أضراره الاقتصادية على الدولة.

فقرار الحكومة اتخذ بشكل متسرع جداً بدون دراسة فلم تنتظر الحكومة نتائج الدراسة التي كانت تجريها بهذا الشأن؛ حيث جلست مع مصنعي الإسمنت فقط دون أن تستطلع آراء خبراء الطاقة والبيئة وحتى دون النظر للتقارير الرسمية التي خرجت من وزارة البيئة لتؤكد خطورة استخدام الفحم في توليد الطاقة.

فمثل هذه القرارات التي ستؤثر على الدولة لعقود طويلة لا يمكن أن تتخذ بهذا الشكل ولا بمعزل عن الشعب نفسه، فهذا القرار اتخذ لصالح صناعة الإسمنت التي لا تساهم بنسبة كبيرة في الدخل القومي للبلاد كما أن أصحابها يريدون إنقاذ صناعتهم ومضاعفة أرباحهم إلى مليارات الجنيهات على حساب صحة المصريين.

لكي أن تشرحي لنا أكثر عن أضرار استخدام الفحم؟

كما ذكرت من قبل فالفحم له أضرار بيئية وصحية واقتصادية كبيرة حتى إذا استخدمت المصانع أفضل التكنولوجيا لتقليل هذه الأضرار التي ستتحمل تكلفتها قطعاً الدولة المصرية.

الإضرار البيئية والصحية: تتمثل في الانبعاثات الضارة والسامة للفحم بداية من وصوله إلى الموانئ المصرية مروراً بعمليات تفله إلى المصانع والبدء في استخدامه في توليد الطاقة، وقد أكدت الدراسات أن الفحم به 76 ملوث مختلف بخلاف المادة الصلبة نفسها فهي ضارة جداً، حيث أن جزئيات الفحم تتطاير في الهواء وتختلط به مسببة زيادة في نسب تلوث الهواء مما يؤدي إلى إصابة المصريين بأمراض كثيرة أغلبها أمراض صدرية.

وهناك تجربة فعلية سيئة لعملية تخزين الفحم في ميناء الدخيلة بالإسكندرية والتي أضرت كثيراً بالبيئة هناك وتسبب في مشاكل صحية للمواطنين القانتين بالقرب من الميناء، حيث قامت بعض شركات الإسمنت في نوفمبر الماضي قبل أن تتخذ الحكومة قرارها باستيراد شحنة فحم من الخارج لبدء تجريب استخدامه في توليد الطاقة لمصانعهم، عندما اشتكى المواطنين تم وضع ساتر أمام شحنة الفحم المخزنة في الخلاء وكأن هذا الساتر سيمنع وصول غبار الفحم الملوث إلى الهواء الذي يستنشقه المواطنين، وقد وعدت شركات الإسمنت باستخدام آليات أخرى لتخزين الفحم ولكن بالنسبة لنا فالتجربة كانت خير دليل.

وكانت الدولة قد أعلنت عن اتجاها لاستخدام النقل النهري في نقل الفحم إلى المصانع وهذا يعني أيضاً تلوث مياه النيل بجزيئات الفحم التي ستتساقط فيه مما يؤدي إلى تلوث مياه النيل التي يشربها المواطنين مسببة العديد من الأمراض.

وخلال عملية التصنيع ستكون انبعاثات الفحم ضارة جداً وهي قطعاً ستختلط بالهواء وسيتسبب هذا في كارثة بيئية وصحية حتى إذا استخدمت المصانع أعلى الفلاتر جودة فلن تستطيع القضاء على انبعاثات الفحم خلال عملية توليد الطاقة.

وماذا عن الأضرار الاقتصادية؟

الأضرار الاقتصادية عديدة فعملية استيراد الفحم ونقله من الميناء للمصانع مكلفة جداً، كما أن عملية استيراد الفحم من الخارج لن يحقق لمصر الاستقلال الذي تنشده بل سيجعلها أكثر تباعية للدول التي تستورد منها الفحم.

ووفقاً للدراسة التي أجرتها وزارة البيئة مؤخراً فإن الدولة ستتكلف 3.2 مليار دولار بسبب الأضرار الصحية لاستخدام الفحم، فجميع دول أوروبا وأمريكا ينفقون مليارات الدولارات سنوياً على التكلفة الصحية.

ماذا عن الدول الأخرى التي تستخدم الفحم ألم تعاني هي الأخرى من أضراره على البيئة والصحة؟

نعم هذه الدول تعاني بشدة من أضرار استخدام الفحم على البيئة ولكنها تستخدمه منذ قيام الثورة الصناعية مما جعلها تنشئ بنية تحتية قادرة على تحمل أضراره ورغم ذلك فإن هناك اتجاه عالمي للحد من استخدام الفحم في صناعة الطاقة والبدء في الاعتماد على مصادر أخرى للطاقة كالطاقة المتجددة والقمامة والمخلفات الزراعية.

وهناك أمثلة لدول بدأت تخفيض استخدامها للفحم مثل ألمانيا التي خفضت استخدامها للفحم خلال 5 سنوات من 82 بالمئة إلى 66 بالمئة، وهي الآن تستورد قمامة من هولندا لاستخدامها في توليد الطاقة لأنها أقل ضرراً من الفحم.

وفي إيطاليا صدر حكم قضائي بإغلاق احد محطات توليد الكهرباء بالفحم لأنه ثبت أنها تسببت في موت 200 شخص خلال 7 سنوات بسبب انبعاثات الفحم الضارة.

ما الحل لإعادة تشغيل مصانع الفحم المتوقفة عن العمل؟

هناك بدائل كثيرة أمام مصانع الإسمنت لتوليد الطاقة اللازمة لمصانعهم ولكن منتجي الإسمنت في مصر مصرون على تحقيق أعلى ربح بأقل تكلفة حتى لو كان ذلك على حساب صحة الشعب، فهم لا يريدون أن تكون الدولة صاحبة اليد الأعلى عليهم ويريدون استيراد طاقتهم من الخارج ولذلك يدفعون بقوة للبدء في تنفيذ هذه المنظومة الجديدة، معتمدين على أسعار الفحم الرخيصة مقارنة بالغاز ولكن التكلفة الأكبر ستدفعها الدولة في علاج الشعب.

ومن ضمن البدائل المطروحة أمام مصانع الإسمنت ومنها استخدام رواسب المخلفات وقش الأرز بدلاً من حرقهم في الشارع بشكل يلوث البيئة فيمكن حرقهم داخل مصانع الأسمنت لتوليد الطاقة وسيكون ذلك أقل ضرراً على البيئة وعلى صحة المواطنين، وبذلك تتخلص مصر من مشكلة القمامة وفي الوقت نفسه توفر الطاقة اللازمة للمصانع.

ووضعت وزارة البيئة خطط واضحة لاستخدام مصانع الإسمنت للمخلفات بدلاً من الفحم في توليد الطاقة، وهي تكنولوجيا بسيطة وتوفر المزيد من فرص العمل وتحتج من الدولة تغيير في بعض التشريعات، وهناك تجربة فعلية بدأتها شركة ''العربية للأسمنت'' –وهي شركة مكسيكية تعمل في مصر- بدأت في استخدام المخلفات في توليد الطاقة لمصانعها ووفرت 10 بالمئة من طاقتها باستخدام قش الأرز والقمامة.

كما أن مصانع الإسمنت عليها ان ترشد استهلاكها من الطاقة التي يحصلون عليها من الدولة حيث أن معدلات هدر الطافة لدى مصانع الإسمنت هائلة وذلك لأنها يحصلون على الطاقة المدعمة ''ببلاش'' فيهدرونها كما يشاؤون، وهناك دولة مثل اليونان تستخدم نصف الطاقة المستخدمة في صناعة الإسمنت بمصر لإنتاج نفس الكميات تقريباً.

وماذا عن استخدام الفحم في توليد الطاقة اللازمة للمنازل.. اليس هذا حلاً مناسباً لمشكلة الكهرباء؟

هذا الكلام غير صحيح لأن مصر تحتاج حوالي 5 سنوات للبدء في استخدام الفحم في توليد الكهرباء، فهذا الأمر يتطلب إنشاء محطات توليد كهرباء تعمل بالفحم وهذا سيستغرق وقتاً طويلاً، كما ان مشكلة الكهرباء في مصر سببها الأساسي في أن محطات توليد الكهرباء متهالكة وبحاجة لتجديد شامل.

وهذا الدفع يدفع به أصحاب مصانع الإسمنت مستغلين حاجة المواطنين للكهرباء في المنازل للبدء في تنفيذ أهدافهم.

هل تعتقدي أن هناك مصالح من وراء الضغط لاستخدام الفحم في توليد الطاقة؟

هذا الأمر وارد جداً لأن حجم الأموال التي ستنفق في هذا الأمر مهولة مما يؤكد أن العائد سيكون أكبر على مصنعي الإسمنت والمستفيدين الأخرين، فأي مستثمر يريد استثمار لفترة طويلة في مصر فسيضع أمواله بأكملها في استيراد الفحم لأنه العائد سيعود عليه خلال 60 عاماً على الأقل مليارات الدولارات.

وما يحدث الآن ومحاولات الضغط المستمرة للبدء في توليد الطاقة بالفحم يؤكد أن استيراد الفحم سيكون ''السبوبة'' الأكثر ربحاً في الفترة المقبلة.

هل تواصلتم مع أياَ من المسئولين في الدولة؟

تحدثنا إلى كل من لديه رغبة في سماع وجهة نظرنا داخل قطاعات مختلفة في الدولة ولكن النتائج أدهشتنا، فبعض المسئولين لم يكونوا على علم بكل هذه الأضرار التي ستعم على الدولة جراء استخدام الفحم والبعض الأخر رفض طرحهم ومخاوفهم، وطالبنا لقاء رئيس الوزراء لشرح الأمر ولكن رفض هذا الطلب.

ولكني مع ذلك أود أن أحيي الدكتورة ليلى اسكندر وزير البيئة على أدائها الراقي والصلب فهي حتى الأن مازالت مستمرة على موقفها برفض استخدام الفحم وتحاول جاهدة توفير حلول بديلة لهذا الأمر.

كيف ستتصرفون في حال بدأت الدولة في فعلياً في استيراد الفحم وبدأت المصانع في العمل به؟

سنظل في حملاتنا لتوعية المواطنين بخطورة هذا الأمر على صحتهم وبيئتهم لتكوين رأي عام قوي ضد استخدام الفحم.

هل مصر يمكنها أن تسد عجزها في الطاقة؟

قطعاً يمكنها ذلك إذا توفرت الإرادة السياسية والاستراتيجية الواضحة لتحقيق ذلك، فمصر خلال سنوات يمكنها أن تكون المصدر الأول للطاقة في المنطقة إذا بدأت في استخدام بدائل أخرى للطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة ''الشمس والرياح''.

وقد بات هناك حاجة ملحة الآن للبدء في إعادة هيكلة منظومة دعم الطاقة، والاستعانة بالخبراء بدلاً من اتخذا القرارات بشكل عشوائي

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج