إعلان

عامان على الثورة المصرية في عيون إسرائيل - (تحليل)

08:23 م الإثنين 18 فبراير 2013

القدس - محرر مصراوي:

بعد عامين على رحيل الرئيس السابق حسني مبارك، وسماع الإعلان عن تنحيه على لسان نائبه عمر سليمان في ميدان التحرير في القاهرة، وتلقي الخبر بالفرحة والتفاؤل، لا يزال كثير من المصريين يتقاطرون إلى ميدان التحرير يعتقدون أن شيئا لم يتغيّر في مصر، وأن الحال نفسها، عدا عن تغيير اسم الحاكم من مبارك إلى مرسي، حتى أن بعضاً يصف مرسي بأنه أسوأ من سلفه.

وتعد هذه المناسبة - التي نشرتها مؤسسة المشروع الإسرائيلي - وقتاً مناسبا لتحليل التوجهات الإسرائيلية، الرسمية وغير الرسمية، التي برزت خلال العامين الماضيين نحو الربيع العربي عامة، والتحول العميق الذي حصل في مصر خاصة.

وظهرت عن هذا الموضوع دراسة خاصة، بعنوان ''الحديث الإسرائيلي عن الربيع العربي''، والتي واكبت التوجهات التي برزت خلال العامين في إسرائيل، وفحصت في ذلك كيفية تأثيره على الرأي العام في إسرائيل.

وترسم الدراسة، التي قام بها المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية، ثلاث توجهات رسمية رئيسية نحو الربيع العربي كظاهرة شاملة هزّت المنطقة التي تحيط بإسرائيل؛ الأولى تنظر إلى الربيع العربي بمنظار سلبي وسوداوي، ويمثلها في إسرائيل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وإلى جانبه سياسيون من اليمين مثل نائبه الوزير موشيه يعلون، الذين ركزوا على صعود الإسلام السياسي في دول الربيع العربي واقترحوا أنه تطور يخالف التطورات ''الديموقراطية - الليبرالية المأمولة''.

ويذكر كاتب الدراسة ''ليؤر لارس'' أن نتنياهو تحدث في كتابه '' مكان تحت الشمس'' (1993)، عن مشكلة السلام في الشرق الأوسط قائلاً:'' إن انعدام الدول الديموقراطية في المنطقة يحول دون تحقيق السلام''، لكن نتنياهو اليوم، وبعد أن انطلق الربيع العربي ''أصبح يهاب التطورات الجديدة في المنطقة ويفضل أن ينعتها ب ''الخريف الإسلامي''''.

وقال الباحث إن نتنياهو استخدم هذا الحديث داخليا، بينما تطرق إلى الحدث في وسائل الإعلام الأجنبية بإيجابية أكبر، وظهر هذا في أقوال نتنياهو في الأمم المتحدة، في أيلول 2011، حين صرح أن إسرائيل تمد يدها ''للذين يكافحون من أجل بناء مستقبل ديموقراطي''.

أما التوجه الثاني، وهو التوجه المغاير للتوجه المتشائم والأسود الذي يقوده نتنياهو وأتباعه، فهو الحديث عن الربيع العربي بروح متفائلة وإيجابية.

والممثل الرئيس لهذا التوجه هو رئيس الدولة شمعون بيريس الذي صرح في السابق قائلاً: '' إن إسرائيل تُرحب برياح التغيير التي جلبها الربيع العربي، وتعده فرصة كبيرة''، وأضاف بيريس :'' في مناسبات كثيرة أن التغيّر في العالم العربي سيكون تدريجياً''، موضحاً هذا بالقول ''حتى لو سيطر الإخوان المسلمين على مقاليد الحكم في المرحلة الأولى، إن حكمهم لن يستقر إذا لم يلبوا مطالب الشباب العربي، والذين وصفهم بيريس بأنهم '' منفتحون أكثر، ومتقدمون أكثر''.

أما التوجه الثالث، وهو الوسطي حسب الدراسة؛ فهو يقبل الإطار التحليلي السلبي، لكنه يحاول طرح زوايا وجوانب إيجابية ظهرت جراء الربيع العربي.

ومثّل هذا التوجه في إسرائيل رجال آمن مثل عاموس يدلين، رئيس شعبة المخابرات في السابق، والذي صرح أن الربيع العربي '' ليس خطرا فقط بل هو فرصة أيضا''، موضحاً:'' إن ما يحدث اليوم في العالم العربي يُضعف المحور الراديكالي ضد دولة إسرائيل''.

ويحاول أصحاب هذا التوجه تحفيز الحكومة الإسرائيلية على الانفتاح على القوى الإسلامية، ويذكر الباحث في ذلك المبادرة لعقد لقاء بين مسؤولين من إسرائيل مع ممثلين من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، في يونيو 2012 في الولايات المتحدة، والتي سقطت في النهاية، بعد أن تسرب الخبر إلى الإعلام.

وواكبت الدراسة كذلك استطلاعات الرأي العام التي فحصت رأي الإسرائيليين بالربيع العربي، وجاء منها استطلاع فبراير 2011 والذي أظهر حينها أن 46% من الإسرائيليين اعتقدوا أن الثورة في مصر تؤثر بصورة سلبية على إسرائيل، وبعدها في مايو 2011، قال 44% أن وضع إسرائيل الأمني في المنطقة أصبح سيئا.

وفي نوفمبر 2011، 68% اعتقدوا أن وضع إسرائيل الأمني في المنطقة أصبح أكثر سوءا، وفسر الباحث هذه النسبة الكبيرة بأنها ترتبط بالهجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة.

وقال الباحث إن استطلاع الرأي العام في إسرائيل بعد فوز مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي، أظهر أن الرأي العام الإسرائيلي ''أطمئن أكثر'' نحو الوضع في مصر؛ إذ بلغت في يونيو 2012 نسبة الإسرائيليين الذين اعتقدوا أن اتفاقيات السلام مع مصر لن تلغى 74% ، بعد أن كانت 63% في عام 2011. وينسب الباحث هذا التطور إلى الرسائل المطمئنة من القيادة المصرية الجديدة عامة، ومن الرئيس مرسي خاصة.

أما بالنسبة للتغيرات التي حصلت في إسرائيل بتأثير الربيع العربي، فيتحدث الباحث عن الصيف الإسرائيلي ، في يوليو 2011، حين انطلقت الاحتجاجات الشعبية في شوارع تل أبيب، وظهرت لافتات مثل ''ارحل'' في مدينة تل- أبيب، أو لافتة ''الشعب يريد عدالة اجتماعية'' محاكاة لللافتات في ميدان التحرير والتي كُتب عليها ''الشعب يريد اسقاط النظام''.

ويقدم الكاتب بعض التوصيات فيما يتعلق بالحديث الذي يدور في إسرائيل حول الربيع العربي، مقترحا أن يتسم بالعمق والجدية، وأن لا يكون أحادي البعد مثل موقف الحكومة الإسرائيلية، وفي ذلك ينبغي الحذر من التعميم والتبسيط لهذه الظاهرة المركبة، وعدم اللجوء إلى تبسيط الواقع وتقسيمه إلى ''إسلاميين'' و ''غير إسلاميين''.

وتشجع الدراسة على معرفة اللاعبين الجدد في الحلبة السياسية الإقليمية، وفي ذلك نقل التركيز على المجموعات التي تساهم في الربيع العربي بدل التركيز على القائد الواحد، والانفتاح إلى حوار رسمي أو غير رسمي معها، إضافة إلى فسح المجال لعرض الحقائق كما هي وعدم انتقائها، وفي هذا يذكر الباحث أن نصف المصريين صوّتوا للمرشح العلماني شفيق، أي أن النظرة إلى مصر أنها دولة ''إسلامية - دينية'' فقط تجانب الحقيقة.

وألقت الدراسة اللوم على الإعلام الذي يقدم صورة جزئية عن أحداث الربيع العربي، ويركز على الأحداث المتطرفة وما يمكنه أن يشد الجمهور، مهملا بذلك تطورات بطيئة تحدث في حالات انتقال الأنظمة وتعتبر إيجابية وبناءة.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج