الإعدام مرتان والملف لم يُغلق.. "توربيني البحيرة" من كشك السجائر إلى حبل المشنقة
كتب : أحمد نصرة
لم يكن يتصور أحد أن اسمه سيُذكر يومًا مقترنًا بالمشانق، ولا أن كشك سجائر صغير سيقود صاحبه إلى ثلاث قاعات محاكم، وحكمين بالإعدام، وإحالة ثالثة إلى مفتي الجمهورية.
محمد صابر السيد، الشهير إعلاميًا بـ"توربيني البحيرة"، يقف اليوم أمام واحدة من أخطر النهايات القضائية في تاريخ جرائم الاعتداء على الأطفال بمحافظة البحيرة، بعدما تحولت قصته من بائع سجائر عادي في شوارع كفر الدوار، إلى متهم بارتكاب سلسلة جرائم صادمة ضد الطفولة.
منذ أيام قليلة، قررت محكمة جنايات مستأنف دمنهور، الدائرة الثالثة، المنعقدة بمحكمة إيتاى البارود الابتدائية، إحالة أوراق المتهم إلى مفتي الجمهورية، لاستطلاع الرأي الشرعي في حكم إعدامه، في قضية جديدة تتعلق باختطاف الأطفال والتعدي عليهم جنسيًا، إحالة ليست الأولى، لكنها الثالثة، في سابقة تعكس حجم الجرائم، وتكرارها، وخطورتها.
جرائم خلف الواجهة
لم يكن "كشك السجائر" الصغير يلفت الانتباه؛ واجهة مألوفة، وبائع يعرفه الأطفال والكبار، يمد يده بعلبة سجائر أو قداحة.
لكن خلف تلك الصورة اليومية، كانت هناك غرفة مغلقة، وكاميرا خفية، ومواد مخدرة، وتهديد، وابتزاز، وسلاح أبيض، لتتكشف لاحقًا واحدة من أبشع القضايا التي هزت الرأي العام.
تفاصيل صادمة
كشفت أوراق القضية أن المتهم استدرج أحد الأطفال بكوب عصير، دسّ فيه مواد مخدرة أفقدته الوعي لمدة 9 ساعات متواصلة، قبل أن يحتجزه ويعتدي عليه جنسيًا.
وأثبتت التحقيقات أن الأسلوب لم يكن وليد لحظة، بل تكرر مع ضحايا آخرين، مستخدمًا التهديد بالسلاح الأبيض، والابتزاز بمقاطع مصورة، لإخضاع الأطفال لاعتداءات متكررة.
تقارير الطب الشرعي
تقارير الطب الشرعي بدمنهور جاءت حاسمة، مؤكدة وقوع اعتداءات جنسية وحدوث هتك عرض للأطفال المعروضين عليها، بما يدعم روايات الضحايا ويغلق باب الشك حول الوقائع.
شهادات من قلب الألم
أحد الضحايا روى تفاصيل ما جرى قائلًا: "بعرور عزمني على عصير وقالي تعالي نلعب بلياردو، بعد دقائق محستش بالدنيا وأغمي عليَّ".
وتابع: "بعد ما فوقت لقيته مصورني صور فاضحة، وهددني بيها، وقالي لو اتكلمت هيفضحني".
وأكمل: "سمعت أهلي وهما بيدوروا عليَّ، لكنه فضل حابسني في بيته أكتر من 9 ساعات، ربطني في السرير وقالي لو اتكلمت هفضحك".
قائمة اتهامات ثقيلة
واجه "بعرور" كما ورد في أوراق القضايا اتهامات متعددة، شملت: خطف أطفال بالتحايل والإكراه، هتك العرض بالقوة، حيازة سلاح أبيض دون ترخيص، السرقة والابتزاز تحت التهديد، وتعريض حياة الأطفال وسلامتهم النفسية للخطر.
الإعدام الأول
محكمة جنايات دمنهور، الدائرة الأولى، المنعقدة بمحكمة إيتاى البارود الابتدائية، كانت أول من نطق بالحكم، وقضت بالإعدام شنقًا على المتهم، لإدانته بخطف طفل بالتحايل، واحتجازه، والاعتداء عليه جنسيًا.
الإعدام الثاني
ولم تمر سوى أشهر، حتى أصدرت محكمة جنايات دمنهور، الدائرة الثالثة عشرة، في 21 أغسطس الماضي، حكمًا ثانيًا بالإعدام شنقًا، في قضية أخرى، لإدانته بخطف وهتك عرض 3 أطفال، وابتزازهم وسرقتهم تحت تهديد السلاح.
النهاية على وشك الحسم
بين حكمين بالإعدام، وإحالة ثالثة للمفتي، يقف "توربيني البحيرة" عند مفترق طرق قضائي نادر، بينما تظل القضية شاهدًا قاسيًا على جرائم تُرتكب في الظل، وتكشف كيف يمكن لواجهة عادية أن تخفي خلفها أبشع الوجوه.