إعلان

"وجد مصدرًا آخر للطاقة".. استراتيجية ترامب الجديدة تُهمش الشرق الأوسط

كتب-عبدالله محمود:

11:46 م 11/12/2025

ترامب

تابعنا على

كشف وجه جديد وثّقته وثيقة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بشأن نظر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط، والتي أعلن خلالها بشكل صريح تغيير سياسة أمريكا بعدما منحت على مدار النصف قرن الماضي الأولوية لهذه المنطقة على حساب سائر المناطق.

ووفقًا للاستراتيجية الأمريكية الجديدة، فقد كان الشرق الأوسط خلال عقود طويلة أكبر مورد للطاقة في العالم، والساحة الرئيسية للتنافس بين القوى العظمى، ومسرحًا لصراعات كانت تهدد بالامتداد إلى بقية العالم وحتى إلى الأراضي الأمريكية. وترى الوثيقة أن مفتاح العلاقة المثمرة مع الشرق الأوسط هو قبول المنطقة وقادتها ودولها كما هم، مع التعاون في مجالات المصالح المشتركة.

تأثير الوثيقة على الشرق الأوسط

يؤكد عضو الحزب الديمقراطي ومحلل سياسي في الشؤون الأمريكية، نعمان أبو عيسى، أن تأثير الوثيقة على الشرق الأوسط سيكون مهمًا جدًا، لأن أمريكا أصبحت إلى حد كبير تعتمد على نفسها في الطاقة، ولا تحتاج الطاقة من الشرق الأوسط، فقد خففت أي أهمية للشرق الأوسط في السياسة الخارجية لأمريكا، رغم أنها تريد البقاء على حرية الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي لضمان توافر الطاقة للاقتصاد العالمي.

وأشار المحلل السياسي خلال تصريحات خاصة لمصراوي، إلى أن الاستراتيجية الجديدة غيرت سياسة أمريكا من الاعتماد على الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى التركيز على العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، دون رغبة في تغيير أي حكومات كما كان سابقًا.

الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني

وتؤكد الوثيقة أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لا يزال معقدًا، لكن بفضل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الذي تفاوض عليه ترامب، تحقق تقدم باتجاه سلام أكثر ديمومة، حيث أضعف أبرز داعمي حركة حماس وجعلهم ينسحبون.

وتشير وثيقة ترامب إلى أن الوضع في سوريا يبقى مشكلة محتملة، لكنها قد تستقر بدعم من الولايات المتحدة والدول العربية وإسرائيل وتركيا، لتستعيد سوريا مكانتها كطرف فاعل وإيجابي متكامل في منطقة الشرق الأوسط.

أمن ومصلحة إسرائيل

"للأسف الشديد داخل الأروقة الأمريكية، الشرق الأوسط دائمًا ليس الفاعل، ولكنه المفعول به"، هكذا يقول عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي والباحث والمحلل السياسي الدكتور مهدي عفيفي، مؤكدًا أن منطقة الشرق الأوسط ستتأثر بشكل كبير، لأن السياسات الأمريكية واضحة منذ بداية هذه الإدارة، ومع التطورات في المنطقة وحرب غزة، أعلنت الإدارة الأمريكية أن الأولوية القصوى لديها هي أمن ومصلحة إسرائيل.

وتنص الوثيقة على أهمية بقاء إسرائيل آمنة، مشددة على ضرورة مواجهة التهديدات على المستويين الأيديولوجي والعسكري، دون الانخراط في عقود من حروب "بناء الأمم" الفاشلة.

وتضيف الوثيقة: "ولدينا أيضًا مصلحة واضحة في توسيع "اتفاقيات أبراهام" لتشمل دولًا أخرى في المنطقة ودولًا أخرى من العالم الإسلامي".

وأشار عفيفي خلال تصريحات لمصراوي، إلى أنه كما رأينا، لم تعترض الولايات المتحدة على أي شيء قامت به إسرائيل، ولم توافق على أي مشروع في مجلس الأمن لإيقاف الحرب، ما يعني تقديم الدعم الكامل من اليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة، الذي يرى أن إسرائيل أولوية على مصالح الولايات المتحدة في كثير من الأحيان، وقد تحرك كبار قادة اليمين المسيحي المتطرف لدعم إسرائيل والضغط على الإدارة الأمريكية، والتي تضم كثيرين من الداعمين لإسرائيل، بما في ذلك مزدوجو الجنسية وحتى الإسرائيليون الأمريكيون.

وأكد عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي أن المخطط الذي ترسمه إسرائيل، أي "إسرائيل الكبرى"، يتم ولكن بخطوات حثيثة وبطيئة، لافتًا إلى ما يحدث في سوريا ولبنان والعراق، وتقليص غزة بحجة إنشاء منطقة آمنة.

استغلال غزة

وأوضح عفيفي أن هناك تركيزًا كبيرًا على أن يكون الشرق الأوسط على سلام مع إسرائيل، دون النظر لما تقوم به إسرائيل من تهجير الفلسطينيين وإفساد المزارع والمستشفيات وعزل المناطق الفلسطينية سواء في غزة أو الضفة أو القدس، وهذا المخطط مدعوم بشكل كامل من الولايات المتحدة.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة ترى أنه يمكن استغلال جزء من غزة أو غزة كلها في مشروعات سياحية، وطرد الفلسطينيين إلى صحراء النقب أو أماكن أخرى، وكل تحركات الإدارة الأمريكية تتناقض مع ما يظهر أحيانًا من اجتماعات تشير إلى دعم إسرائيل على حساب الفلسطينيين، وأن منطقة الشرق الأوسط هي "البقرة الحلوب" للإدارة الأمريكية.

وتابع الدكتور مهدي عفيفي: "سمعنا ذلك من ترامب في ولايته الأولى وحتى الثانية، إذ حاول إظهار علاقات طيبة مع دول الخليج، ولكن في الواقع هي علاقات تعتمد على استغلال تلك الدول لمصلحة إسرائيل أولًا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية".

وأوضح أن أهداف الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط تتمحور حول استغلال المنطقة وعدم السماح لها بأن يكون لها تأثير قوي قد يضر بمصلحة إسرائيل، وفي الوقت نفسه استغلال الموارد الكبرى والمشروعات التي يمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة، سواء من خلال الذكاء الاصطناعي أو البنية التحتية، واستغلال موارد تلك الدول بكل الطرق الممكنة.

تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة منزوعة السلاح والمقاومة

وأكد عفيفي أن الإدارة الأمريكية تقول إنها تؤمن وتحافظ على أمن هذه الدول، وقد رأينا أنه حتى عند ضرب قواعد أمريكية من إسرائيل أثناء وجود أمريكيين وعرب، لم يحدث شيء، والاكتفاء بمكالمة بسيطة من نتنياهو، ما يدل على تدجين المنطقة العربية بشكل كبير، حتى لا يكون هناك أي نوع من المقاومة لإسرائيل، والعمل على دعم المصالح الأمريكية، وتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة منزوعة السلاح والمقاومة، كي لا يكون هناك أي تهديد لإسرائيل والسماح لها بالتمدد والسيطرة على أماكن مختلفة داخل فلسطين المحتلة وبلاد الشام، بما في ذلك لبنان وسوريا وأجزاء من العراق.

الضغط على إيران

تنص الوثيقة على أنه على الرغم من استمرار الصراعات في الشرق الأوسط، إلا أن المشكلة اليوم أقل خطورة مما توحي به العناوين الرئيسية، لأن إيران، التي تصفها بالقوة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة، قد أُضعفت بشكل كبير بفعل عملية "مطرقة منتصف الليل" التي نفّذها ترامب في يونيو 2025، والتي أضعفت بدرجة كبيرة البرنامج النووي الإيراني.

ويرى نعمان أبو عيسى أن هذا التغيير سيؤثر أيضًا على العلاقة مع إيران، إذ أصبحت إيران دولة أضعف، ولا تريد الإدارة الأمريكية حربًا معها، لكنها تريد استمرار الضغط على إيران وأدواتها في المنطقة وتجريدها من قوتها، كما رأينا في الضغط على العراق ولبنان لتخفيف سيطرة إيران في المنطقة.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان