مسيرات حاشدة.. عودة الاحتجاجات الشعبية في تونس
كتب : أسماء البتاكوشي
الاحتجاجات الشعبية في تونس
شهدت تونس خلال الأسابيع الماضية تصاعدًا في الاحتجاجات بمختلف أشكالها، على خلفية مطالب سياسية واجتماعية وخدمية، فيما تركزت الأحداث الأخيرة في العاصمة، ففي السبت الماضي، انطلقت مسيرة من ساحة حقوق الإنسان بمشاركة مئات المتظاهرين، بينهم ناشطون حقوقيون وسياسيون، طالبوا بالحريات وإطلاق سراح ما وصفوهم بـ "السجناء السياسيين وسجناء الرأي"، فضلًا عن ضمان عمل المنظمات المدنية والحزبية.
حمل المحتجون شعارات تدعو إلى "عودة الحريات" و"الكرامة الوطنية" و"الشعب يريد إسقاط النظام"، وارتدى المشاركون الملابس السوداء في مسيرة حملت عنوان "الحقوق والحريات ضد الظلم والانتهاكات". وفي الوقت نفسه، يؤكد الرئيس التونسي قيس سعيد وأنصاره أن الحريات مصونة وفق الدستور، وأن كل الإجراءات المتخذة تتم ضمن الإطار القانوني.

وأصدرت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بيانًا أكدت فيه أن البلاد تشهد تصعيدًا ممنهجًا يطال الحقوق والحريات ويقيد العمل المدني، مع محاكمات سياسية وجوائر تستهدف المعارضين، إلى جانب تدهور شامل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية.
كما نددت الرابطة بما سمته "استفراد السلطة برئاسة الجمهورية وتوظيف القضاء في أغراض سياسية"، على حد تعبيرها.

تزامنًا مع هذه المسيرة، خاض عدد من السجناء السياسيين إضرابات عن الطعام، أبرزهم المعارض جوهر بن مبارك، الذي نقل عدة مرات إلى المستشفى نتيجة تدهور حالته الصحية منذ بدء إضرابه نهاية الشهر الماضي، احتجاجًا على حكم ابتدائي بالسجن 18 سنة في قضية "التآمر على أمن الدولة".
في المقابل، نفت وزيرة العدل ليلى جفال والهيئة العامة للسجون صحة ما يُتداول حول الإضرابات، مؤكدة أن بعض الادعاءات "لا أساس لها من الصحة" وأن الفحوصات الطبية لم تثبت تدهورًا بسبب الإضراب.
ويقبع في سجون تونس منذ فبراير 2023 معارضون سياسيون وناشطون صدرت بحقهم أحكام بين 4 و66 سنة، بتهم تشمل "التآمر على أمن الدولة" و"التخابر مع جهات أجنبية". وتصف السلطات هذه الأحكام بأنها قانونية وليست سياسية، فيما يراها حقوقيون جائرة وذات طابع سياسي.

في موازاة ذلك، أصدرت الحكومة قرارات بتجميد نشاط بعض المنظمات والجمعيات، أبرزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية النساء الديمقراطيات، وجمعية نواة، بزعم ضمان الشفافية المالية وعدم تلقي أموال من جهات خارجية.
وتقول منظمات حقوقية إن هذه القرارات تهدف لمحاصرة العمل المدني، بينما تصر السلطات على أن الإجراءات قانونية وتهدف لضبط النشاط الجمعياتي.

كما نفذ الصحفيون وقفة احتجاجية للمطالبة بحرية العمل الإعلامي، وإلغاء "المرسوم رقم 54" المتعلق بجرائم المعلومات والاتصال، بينما أضرب آلاف الأطباء الشبان عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور وصرف مستحقاتهم المالية المؤجلة منذ 2020.
وفي محافظة صفاقس، دخل موظفون في 68 مؤسسة بالقطاع الخاص في إضراب للمطالبة بتحسين الأجور والظروف المهنية.

كما تركزت احتجاجات العاصمة نحو المجمع الكيميائي، حيث أطلق المحتجون دخانًا أسود للتعبير عن رفضهم لتلوث البيئة نتيجة نشاط المجمع في محافظة قابس، الذي اتهموه بالتسبب في أمراض مزمنة واختناقات متكررة. الحكومة وعدت بإيجاد حلول عاجلة، بينما رفضت إغلاق المجمع لأهميته الاقتصادية في إنتاج الأسمدة والفوسفات.