إعلان

ما هي العقوبات المتبقية التي يمكن للغرب فرضها على روسيا؟

08:47 م السبت 09 أبريل 2022

قطاع النفط والغاز حيوي بالنسبة لروسيا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(دويتشه فيله)

ستواجه روسيا حزمة خامسة من العقوبات الغربية. ورغم الإجماع على تشديد العقوبات، لاتزال توجد مساحة كبيرة للمناورة حيال إمدادات الطاقة وقطاع الطاقة الروسي. لكن ما هي العقوبات التي لايزال يمكن فرضها على الدب الروسي؟

شكلت الصور المروعة لمقتل مدنيين في مدينة بوتشا الواقعة شمال أوكرانيا قرب العاصمة كييف، مزيدا من الضغط على الدول الغربية للرد على روسيا.

بيد أن الدول الغربية تواجه معضلة تتمثل في رغبتها بعدم مرور جرائم الحرب الروسية المزعومة دون عقاب، لكنها في الوقت نفسه لا تريد مساعدة أوكرانيا عسكريا إلى الحد الذي يدفعها صوب انخراط مباشر في الحرب ضد روسيا. وإزاء ذلك، يبدو أن تشديد العقوبات الاقتصادية والمالية ضد روسياهو الخيار الأمثل.

وفي هذا السياق قال المستشار الألماني أولاف شولتس "سوف نقرر فرض المزيد من الإجراءات في دائرة حلفائنا خلال الأيام القليلة المقبلة وسوف يشعر (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وأنصاره بالعواقب."

وأفادت مصادر متطابقة أن واشنطن ستمنع اعتبارا من الأربعاء وبالتنسيق مع مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي كل الاستثمارات الجديدة في روسيا، وذلك ضمن حزمة جديدة من العقوبات. وذكر البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستفرض مزيدا من العقوبات على المؤسسات المالية الروسية ومسؤولين في الكرملين وعائلاتهم، فيما أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي "عاجلا أم آجلا".

ومن المتوقع أن تركز محادثات الاتحاد الأوروبي الجديدة على تساؤل مفاده: كيف يمكن تشديد العقوبات ردا على الفظائع التي وقعت في بوتشا ومعاقبة المتورطين فيها؟ وحول ذلك، قالت رئيس المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن التكتل يدرس مجموعة من العقوبات قد تشمل واردات النفط ووضع حد لجميع واردات الفحم من روسيا. وقالت في تغريدة لها "هذه العقوبات لن تكون عقوباتنا الأخيرة".

تشديد العقوبات "ليس بالأمر السهل"

ومنذ بدء روسيا غزوها لأوكرانيا، تعرضت لعقوبات اقتصادية قاسية شملت تجميد الحسابات الخارجية للرئيس الروسي وشخصيات في دائرته المقربة وأيضا حظر تصدير منتجات عالية التقنية إلى روسيا وعزل عدد من البنوك الروسية عن نظام الدفع الدولي "سويفت".

وشملت العقوبات أيضا إغلاق موانئ أوروبية والمجال الجوي الأوروبي أمام السفن والطائرات الروسية، فيما يثير هذا الكم الكبير من العقوبات تساؤلا حول العقوبات المتبقية التي يمكن أن تُفرض على روسيا ومدى جدواها؟

ويجيب على ذلك ديفيد سيراكوف، مدير أكاديمية أتلانتيك ومقرها ولاية ولاية راينلاند- بفالتس الألمانية، بأنه "لم يتبق سوى القليل نسبيا (من العقوبات) في الوقت الحالي. وسيكون من الصعب للغاية فرض المزيد من العقوبات دون أن تلحق الضرر بالأطراف التي فرضت مثل هذه العقوبات وبالأخص الدول الغربية وألمانيا". وفي مقابلة مع DW، قال إن "هذا الأمر ينطبق أولا وقبل كل شيء، على إمدادات الغاز".

وفي هذا السياق، يُنظر إلى الحكومة الألمانية داخل أروقة الاتحاد الأوروبي بأنها تضعف الزخم لفرض عقوبات على إمدادات الغاز الروسية خاصة بعد أن منعت دول البلطيق الثلاث، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، استيراد الغاز من روسيا بشكل كامل اعتبارا من بداية أبريل الجاري حيث باتت تعتمد حاليا على الاحتياطيات في لاتفيا فيما سيتم ربط الدول الثلاث بشبكة الغاز الأوروبية عبر خط أنابيب جديد في مايو المقبل.

أما ألمانيا، فهي تتبنى مسارا مغايرا تماما، إذ ترغب أولا في تأمين إمدادات طاقة بديلة طويلة الأجل؛ وحينها فقط ستُقدم على وقف إمدادات الغاز من روسيا. وينبع الموقف الألماني من المخاوف والتداعيات الاقتصادية في حالة وقف استيراد الغاز الروسي دون توفر البديل.

وفي هذا السياق، قال يورغ روترميل من اتحاد الصناعات الكيماوية الألمانية الذي يُعرف اختصارا بـ " VCI" إن الكثير من شركات الصناعات الكيماوية الألمانية حذرت من فرض عقوبات على الغاز الروسي. وأضاف أن "خسارة كل كيلو واط في الساعة وكل طن من الغاز الطبيعي في عملية الإنتاج الكيميائي سوف يقلل عمليات الإنتاج في شركات أخرى".

ويؤكد الخبراء أنه في حال عدم وجود إمدادات كافية من الغاز، فسوف يؤدي ذلك إلى نقص في مواد الطلاء والدهانات وحتى الأسمدة الزراعية فيما سيصعب الحصول على بعض المواد البلاستيكية.

فرض عقوبات على "غازبروم بنك"؟

وبالتزامن مع الحديث عن فرض حظر على إمدادات الطاقة الروسية، طُرح نقاش حيال معاقبة المؤسسات المالية الكبرى في روسيا والقريبة من الكرملين التي تلعب دورا كبيرا في قطاع الطاقة. وفي هذا الصدد، فرضت بريطانيا الشهر المنصرم عقوبات على "غازبروم بنك" الذي يعد أحد المؤسسات المالية المحورية في تجارة الطاقة، بيد أن الاتحاد الأوروبي لم يفرض عقوبات مماثلة على هذا البنك حتى الآن.

وبدوره، حذر يورغ كريمر، كبير الخبراء الاقتصاديين في "كومرتس بنك" أحد أكبر المصارف في ألمانيا، من اتخاذ مثل هذه الخطوة، مرجعا ذلك إلى التداعيات المباشرة على الدول الغربية. وقال "إذا فرضت الدول الغربية عقوبات على كافة البنوك الروسية، فسيكون الغرب وكأنه يقطع من لحمه، لأنه في هذه الحالة لن يكون بمقدور المستوردين الغربيين دفع فواتير الغاز عن طريق التحويل المصرفي".

يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي قد قرر استبعاد معظم البنوك الروسية الكبرى من نظام "سويفت" المالي العالمي وهي شبكة مؤمنة للتراسل لضمان المدفوعات السريعة عبر الحدود، وقد أصبحت آلية أساسية لتمويل التجارة العالمية، لكن الاتحاد الأوروبي استثنى "غازبروم بنك" من هذه العقوبات.

ويقول الخبراء إن هذا البنك يلعب دورا مفصليا في دفع الكرملين لإصدار قرارات جديدة تقضي بسداد قيمة إمدادات الغاز بالروبل، فيما لا يزال موردو الغاز في ألمانيا وأوروبا ماضون قدما في دفع تكاليف امدادات الطاقة باليورو أو بالدولار عن طريق تحويل هذه المدفوعات إلى الشركة الأم غازبروم، عملاق الغاز الروسي، التي تدير جزء كبيرا من قطاع الغاز في روسيا.

ويرى مراقبون أن "غازبروم بنك" أصبح يقوم بمهام البنك المركزي الروسي، لأن الأخير وقع تحت طائلة العقوبات الغربية. في المقابل، يرى آخرون أنه لم يتغير سوى القليل إذ أكد كريمر أنه في السابق كانت غازبروم "تحتفظ بالعملات الأجنبية، لكن الأمر انتقل إلى غازبروم بنك الذي أصبح يمتلك هذه العملات". وأضاف "لن يحدث هذا الأمر أي تغير كبير في نظام يمكن من خلاله تحويل العملات الأجنبية بشكل مركزي عن طريق إصدار مرسوم".

هناك خشية في ألمانيا أن يؤدي وقف إمدادات الغاز من روسيا إلى تقليل الإنتاج في قطاع الصناعات الكيماوية وانعاكس ذلك على باقي القطاعات الصناعية

عقوبات على قطاع التكنولوجيا؟

وفيما يتعلق بقطاع التكنولوجيا الروسي، أعلنت واشنطن قبل أسبوع فرض عقوبات جديدة تستهدف هذا القطاع بما في ذلك أكبر شركة لتصنيع أشباه الموصلات في روسيا. وفي ألمانيا، أكد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أنه يرغب في النظر مرة أخرى إلى قطاع التكنولوجيا.

وأشار المحلل السياسي سيراكوف إلى أن "المجال لا يزال مفتوحا لإدخال شتى فئات المنتجات إلى هناك (روسيا)". وأوضح سيراكوف أن العديد من القطاعات الروسية باتت معطلة بالفعل، لأن الشركات لم تعد قادرة على الحصول على منتجات من الخارج جراء العقوبات الغربية، مضيفا أن هناك تقارير تفيد بأن هناك مصانع خزانات في روسيا لم يعد بمقدورها استيراد بعض المكونات ما أدى في نهاية المطاف إلى توقف الإنتاج. وقال إنها مسألة وقت "فحتى مع فرض العقوبات، سيلحق الضرر بشركات أخرى وعمليات إنتاج أخرى في صناعة الدفاع الروسية".

وفي سياق متصل، يرى بعض المراقبين أن العقوبات المفروضة على الدائرة المقربة من بوتين بما في ذلك تجميد حسابات مصرفية لشخصيات مقربة منه أو ومنع للسفر، تلعب دورا ثانويا في منظومة العقوبات الغربية بشكل عام. ويعتقد سيراكوف أنه لا يزال هناك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لفرض مزيد من العقوبات، مشددا في الوقت نفسه على أن "العقوبات التي من شأنها أن تضر بالقيادة الروسية بما يتجاوز مستوى العقوبات الحالية، لم يتبق منها الكثير".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: