إعلان

كأس العالم 2022.. كيف تؤثر ثروات قطر في حياة ملايين البريطانيين؟

05:50 م الخميس 24 نوفمبر 2022

كناري وورف، مركز إمبراطورية عقارات قطر في المملكة

(بي بي سي)

أثارت استضافة قطر لبطولة كأس العالم انتقادات واسعة بشأن سجلها في مجال حقوق المرأة وجماعات مجتمع الميم والعمالة المهاجرة. وأُثيرت تساؤلات حول حضور المسؤولين والفرق وحتى الجماهير في كأس العالم 2022. لكن علاقة بريطانيا بالدولة الخليجية تتجاوز البطولة الحالية، وتؤثر على معظم حياتنا.

قد يتساءل البعض عما إذا كانت بريطانيا على حق في تعزيز مثل هذه العلاقات مع نظام قد يبدو أن قيمه تتعارض مع القيم البريطانية. وتطالب قطر باحترام قيمها وتقاليدها باعتبارها دولة مسلمة، وتؤكد أنها أدخلت إصلاحات ملحوظة في مجال حقوق العمال.

الغاز هو جوهر هذه العلاقة. فقطر دولة صغيرة بحجم يوركشاير، لكنها تمتلك واحدة من أكبر الاحتياطات الطبيعية على هذا الكوكب، وبريطانيا عميل رئيسي.

يتم استيراد نصف غازنا تقريبا. ويأتي نصفه تقريبا عبر خط أنابيب من النرويج. لكن قطر تأتي في المرتبة الثانية في تلك القائمة، فتزودنا بنحو 9٪ من وارداتنا من الطاقة. من الناحية النظرية، هذه هي النسبة المطلوبة لتشغيل تدفئة حوالى مليون منزل بريطاني. في غضون أقل من 20 عاما، أصبحت قطر جزءا حيويا من مزيج الطاقة لدينا.

قد يكون لبريطانيا وقطر روابط تاريخية قليلة، لكن الأخيرة وجّهت ثروتها المزدهرة القائمة على الغاز بهدف ترسيخ وجودها في مشهد الشركات والعقارات في بريطانيا، وتوطيد العلاقة مع المستويات العليا في المؤسسات البريطانية.

كان أميرها، تميم بن حمد آل ثاني، أحد القادة الخليجيين القلائل الذين حضروا جنازة الملكة. قبِل ملك بريطانيا الحالي تبرعا لمؤسسته الخيرية تبلغ قيمته أكثر من مليوني جنيه إسترليني، من زعيم سياسي قطري سابق في عام 2015.

بشكل غير مألوف، شكلّت القوات الجوية لبريطانيا سربين مشتركين، أحدهما يقوم بدوريات في السماء فوق ملاعب كأس العالم.

وفي سبتمبر، حصلت قطر على 24 طائرة مقاتلة صنعت في لانكشاير،كجزء من صفقة بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني مع شركة بي أيه إي سيستمز البريطانية للصناعات الدفاعية.

على أرض الواقع، تقوم الحكومة القطرية بإعادة تدوير بعض أموالها من خلال الاستثمار في بريطانيا. إنها ليست واحدة من أكبر المستثمرين، ولكن يتم اختيار ممتلكاتها بشكل استراتيجي لرفع شأن مكانتها وتأثيرها. وهي من بين أكبر عشرة مالكين للعقارات في بريطانيا.

مركز إمبراطوريتها العقارية هو كناري وارف جروب، التي تمتلك معالم بارزة بما في ذلك العقار رقم 20 شارع فنشورش، الملقب بووكي توكي، وكذلك مركز شل المعاد تطويره في ساوث بانك بلندن.

تمتلك الحكومة القطرية أيضا مركز هارودز التجاري الفاخر، وفندق كلاريدجز، 5 نجوم، في لندن.

وفي الحياة اليومية، لديها حصص كبيرة في بعض أكبر علامات بريطانيا التجارية. والتعامل مع بنك باركليز أو التسوق في متجر سنسبريز أو استخدام مطار هيثرو، سيعود بالفائدة على قطر. وإذا كنت زبونا لشركة مياه سيفيرن ترنت، ستضيف فاتورة استهلاكك إلى أرباح الدولة الخليجية.

في المجمل، استثمر الذراع الاستثماري لدولة قطر حوالى 40 مليار جنيه استرليني، في مناطق تمس حياة ملايين البريطانيين، وصُممت هذه الاستثمارات لضمان زيادة نفوذ تلك الدولة الصغيرة على بأكبر من وزنها في الأراضي البريطانية.

وقد رحبت حكومة بريطانيا بأموال قطر، وتحرص على تعزيزها. وفي مايو، أعلن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون عن اتفاق مع قطر لاستثمار ما يصل إلى 10 مليارات جنيه استرليني على مدى السنوات الخمس المقبلة، في قطاعات متنوعة من الأمن السيبراني إلى العلوم المؤثرة على الحياة.

من ناحية أخرى، قد يرتفع اعتماد بريطانيا على الغاز القطري في المستقبل. وتعمل حكومة بريطانيا على رعاية العلاقة مع الدوحة، لضمان أمن الإمدادات مع تضاؤل احتياطيات بحر الشمال.

ونجحت بريطانيا في الأشهر الأخيرة في الاستغناء عن الواردات من روسيا. وكانت هذه الواردات تشكل حوالى 4٪ فقط من إجمالي حاجة البلاد. لكن هذا يجعل الغاز الذي تستورده من قطر أكثر أهمية.

ويعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر على الغاز الروسي، لذا فإن تأمين البدائل أكثر إلحاحا.

بشكل عام، حصل الاتحاد الأوروبي على 5٪ فقط من غازه من قطر، لكن هذا قد يتغير. وقال أولاف شولتز، مستشار (رئيس حكومة) ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز في الاتحاد، إن قطر ستلعب دورا مركزيا في استراتيجية البلاد لتنويع مصادر الحصول على الغاز بعيدا عن روسيا. لكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها.

كانت مفاوضات التعاقد مع قطر شائكة. فالدوحة تحب تصدير الغاز بموجب صفقات طويلة الأجل، تمتد من 15 إلى 20 عاما، والتي قد لا تتوافق مع أهداف الدول الغربية للتخلص من الانبعاثات الكربونية.

على النقيض من ذلك، كشفت الصين، بخططها لصفر انبعاثات، عن اتفاقية مدتها 27 عاما لشراء ما قيمته 60 مليار دولار من الغاز القطري. وتحتاج ألمانيا إلى تعزيز بنيتها التحتية، بما فيها المحطات التي تتلقى الغاز الطبيعي المسال، من أجل الحصول على المزيد من الإمدادات.

وتأتي بريطانيا في الصدارة بفضل تعاون قطر معها. والدولة هي المالك الأكبر لمحطة ساوث هوك في ويلز، حيث يتم تفريغ الغاز الطبيعي المسال في حاويات خاصة. ويُزعم أن الموقع يمكنه استيعاب خُمس احتياجات بريطانيا اليومية من الغاز، فيما تستثمر الحكومة القطرية الملايين لزيادة هذه السعة بمقدار الربع بحلول عام 2025.

وبحلول هذه المرحلة، تتوقع قطر مضاعفة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال، مع عدم وجود نقص في العملاء. وتتنافس العديد من الدول الآسيوية مع أوروبا لضمان أمن الطاقة، ويُنظر إلى قطر على أنها خيار موثوق نسبيا. وقد لا تكون البدائل جذابة: على سبيل المثال، بينما يقع جزء من أكبر حقل غاز في العالم في المياه القطرية، يكمن الباقي في إيران (ويعتمد كل بلد على نفسه في إنتاج الغاز).

قد لا يتمكن بعضنا من تحديد موقع قطر على الخريطة، ولكن يبدو أن علاقتنا معها سوف تتوثق في السنوات القادمة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: