إعلان

غضب في أندونيسيا بعد ارتفاع أعداد الوفيات بين الأطفال بسبب أدوية ملوثة

10:34 م الإثنين 31 أكتوبر 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

جاكرتا - (بي بي سي)

عندما مرضت الطفلة التي تدعى نادرة البالغة من العمر 17 شهرا بالسعال والإنفلونزا، اشترت لها والدتها أوغستينا مولاني بعضا من شراب الكحة من مركز صحي في جنوبي جاكرتا.

وقالت مولاني لبي بي سي: "أعطيتها الدواء كل أربع ساعات، لأن حرارتها لم تنخفض. وكلما كانت تتعافى، تصاب بالحمى مرة أخرى. وفي النهاية توقفت عن التبول".

نُقلت نادرة إلى المستشفى لكنها لم تتحسن. أظهر التشخيص المخبري أن مستويات اليوريا والكرياتينين (نفايات تتراكم عند اختلال وظائف الكلى) مرتفعة لديها، ما أدى إلى دخولها في غيبوبة ثم وفاتها.

قالت أوغستينا وهي تبكي: "في النهاية توفيت بسرعة. كان الألم مرعبا حقا".

تكافح إندونيسيا موجة مروعة من الوفيات: فقد توفي 157 طفلا على الأقل، جميعهم تقريبا دون سن الخامسة، هذا العام بسبب إصابات الكلى الحادة ومضاعفات أخرى، يُعتقد أنها ناجمة عن الأدوية الملوثة.

توفيت نادرة في أغسطس/ آب. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، قالت السلطات الإندونيسية إنها كانت ضمن مجموعة من الأطفال الذين ماتوا بسبب أمراض الكلى غير معروفة السبب.

حظرت بعدها الحكومة بيع جميع الأدوية السائلة. واقتصر الحظر لاحقا على حوالي 100 منتج مشتبه به - عُثر عليها في منازل الأطفال الذين أصيبوا بالمرض.

أزالت الصيدليات في جميع أنحاء البلاد زجاجات الأدوية السائلة من أرففها، ونصحت الآباء باستخدام بدلا منها مسحوق حبوب الدواء وإعطائها لأطفالهم إذا لزم الأمر.

وقال وزير الصحة الإندونيسي، بودي غونادي صادقين، إنه عُثر على آثار مواد إيثيلين جلايكول وثنائي إيثيلين جليكول وإيثيلين جلايكول بوتيل إيثر الضارة في أجسام الضحايا.

عادة ما يتم استخدام ثنائي إيثيلين جلايكول وإيثيلين جلايكول في محاليل مقاومة التجمد لمكيفات الهواء والثلاجات والمجمدات وكمذيب للعديد من المنتجات بما في ذلك مستحضرات التجميل بتركيزات منخفضة جدا. وتقول منظمة الصحة العالمية إنها لا تستخدم أبدا في الأدوية.

وقال الوزير "تأكد أن (إصابة الكلى الحادة) سببها (تلك) المواد".

وتأتي هذه الحالات بعد أسابيع من وفاة ما يقرب من 70 طفلا في غامبيا. وقالت منظمة الصحة العالمية إنها وجدت "كمية غير مقبولة" من ثنائي إيثيلين جلايكول وإيثيلين جلايكول في أربعة أدوية سعال هندية الصنع متوفرة في غامبيا.

ولا يوجد ما يشير إلى ارتباط الفضيحتين ببعضهما. إذ تقول السلطات الهندية والشركة المصنعة مايدن للصناعات الدوائية إن الأدوية السائلة الأربعة تم تصديرها إلى غامبيا فقط. وتقول إندونيسيا إن الشراب الهندي الصنع غير متوفر محليا في أسواقها.

وقالت وكالة الغذاء والدواء الإندونيسية يوم الاثنين الماضي إنها ستحقق في شركتي أدوية قامتا مؤخرا بتغيير مورديها لبعض المواد المكونه للأدوية من موردي الأدوية إلى موردي المواد الكيميائية.

وقالت رئيسة الوكالة، بيني لوكيتو، في مؤتمر صحفي "هناك مؤشرات في منتجاتهم على أنها تحتوي على هذه المواد وبنسبة عالية، وأنها عالية السمية ويشتبه في أنها تسبب أمراض الكلى".

حاليا، يخضع عشرات الأطفال المرضى من إصابات الكلى الحادة للعلاج، وقد طلبت إندونيسيا من سنغافورة وأستراليا إمدادات من ترياق نادر يدعى فوميبيزول لعلاجهم.

وقد أذهلت المأساة جميع الإندونيسيين. وفي الأسبوع الماضي، انتقد أمين المظالم في البلاد وزارة الصحة ووكالة الغذاء والدواء الإندونيسية، التي قالت إنها لم تفعل ما يكفي لاختبار المنتجات المعروضة للبيع للتأكد من أنها موافقة للمعايير.

وفي افتتاحية غاضبة، قالت صحيفة جاكرتا بوست إن وكالة الغذاء والدواء الإندونيسية سلمت مسؤولية الاختبارات إلى شركات الأدوية نفسها - وهي نتيجة "مرعبة" أظهرت أن الدولة "تخلت عن سلطتها".

وقالت الصحيفة "في الوقت الذي تتألم فيه قلوبنا لاستمرار فقدان الآباء لأرواح أطفالهم الغاليين عليهم، نجد الآن إهمالا جسيما وغيابا للرقابة من قبل الحكومة".

وقال البروفيسور إريك تشان من جامعة سنغافورة الوطنية لبي بي سي إنه دُهش لسماع استمرار حدوث وفيات من هذا النوع ووصف الأحداث في إندونيسيا بأنها "كارثة إنسانية".

وأضاف أن مادة الداي إثيلين جلايكول كانت تستخدم في الماضي لجعل مذاق الأدوية أكثر حلاوة، ولكن من المعروف الآن أنها مادة سامة.

وأردف إنه عندما يخضع ثنائي إيثيلين جلايكول للأيض في الجسم فإنه يشكل حمض الدايغليكوليك الذي يتراكم في خلايا الكلى ويتلفها - ويمكن أن يهدد الحياة إذا لم يتم علاجه في الوقت المناسب. ويعتبر انخفاض التبول علامة مميزة مبكرة للتسمم الكلوي.

وقال البروفيسور تشان إن حقيقة ظهور حالات في جميع أنحاء إندونيسيا تشير إلى تورط شركة أدوية لها شبكات توزيع واسعة. وأضاف أن الطاقم الطبي في المستشفيات المحلية قد لا يكون معتادا على التعامل مع التسمم الناجم عن الأدوية، وهو ما يؤكده حقيقة أن العديد من الأطفال نُقلوا من مستشفى إلى مستشفى لتلقي العلاج.

وحذر من أنه "علينا أن نتذكر أن عدد الوفيات قد يستمر في الارتفاع".

وفي بيكاسي، شرق جاكرتا، أجبرت سيتي سوهاردياتي نفسها على جمع وإزالة ألعاب ابنها من الأرض.

فقد كان عمر أبو بكر يبلغ من العمر عامين عندما توفي في 24 سبتمبر/ أيلول. وكان قد شُخص بالفشل الكلوي أيضا من قبل الأطباء في آخر مستشفى دخله في جاكرتا.

وقبل أسبوعين فقط أصيب بحمى ونزلة برد. وكان يعاني أيضا من الإسهال، لذلك نقلته والدته سيتي إلى عيادة محلية لتلقي العلاج.

وأُعطيت الأسرة ثلاثة أنواع من الأدوية، بما في ذلك شراب الباراسيتامول. وبعد ثلاثة أيام توقف عمر عن التبول.

قالت والدته "عادة ما أغير حفاضاته في الصباح لأنها ممتلئة، لكن هذه المرة لم يكن هناك شيء".

نُقل عمر إلى مستشفى محلي لتلقي العلاج قبل أن يتم نقله على وجه السرعة إلى مستشفى سيبتو مانغونجوسومو في العاصمة. لكن بعد فوات الأوان.

وقالت سوهاردياتي "كيف يمكن أن تكون هناك أشياء خطيرة في شراب السعال هذا؟ وقد تمت الموافقة عليه بالفعل من وكالة الأدوية، كان يجب اختباره".

والدة نادرة، السيدة مولاني، تسعى أيضا للحصول على إجابات.

وقالت "إذا كان هذا إهمالا، فنحن نطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذه الحالات التي وقعت لأطفالنا".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: