إعلان

مطالب على قائمة الانتظار.. لماذا يستمر الجزائريون في حراكهم حتى الآن؟

08:33 م السبت 22 فبراير 2020

احتجاجات الجزائر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد صفوت:

يحتفل الجزائريون، اليوم السبت، بالذكرى الأولى لانطلاق الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ورغم الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة الجزائرية؛ فإن المتظاهرين ما زالوا في الشوارع يمارسون حراكهم ونشاطهم طامعين في تحقيق مكاسب أخرى.

ومع مرور عام على ميلاد الحراك الجزائري، إلا أن منطقة برج بوعريريج، الواقعة على بُعد 170 كم جنوب شرق الجزائر العاصمة، نطقت أولى صيحاتها قبل عدة أيام، التي اعتبرت في وقت ما "عاصمة الحراك".

العهدة الخامسة شرارة الحراك

جاء إعلان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، نيّته في الترشح لعهدة خامسة في البلاد، كمَن سكب الزيت على النار؛ فخرجت المظاهرات المنددة لترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، والذي شغل منصبه منذ عام 1999.

بدأت الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم انتقلت إلى الميادين العامة في 22 فبراير 2019، وطالب المتظاهرون في بادئ الأمر بعدم ترشُّح الرئيس بوتفليقة.

وعبر المتظاهرون عن رفضهم، من خلال ترديد شعارات مختلفة؛ أبرزها "لا للعهدة الخامسة"، إلا أن المراقبين للأوضاع في الجزائر يرون أن الحراك رمى إلى ما هو أبعد من إزاحة بوتفليقة من الحكم، فرفع المتظاهرون سقف مطالبهم وشعاراتهم المطالبة بإسقاط النظام الحاكم.

ومع استمرار الحراك في الجزائر، بشتى الميادين والشوارع الرئيسية، أعلن بوتفليقة، في 11 مارس 2019، تأجيل الانتخابات التي كان مقررًا لها 18 أبريل من نفس العام، وأعلن عدوله عن الترشح لولاية خامسة، ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة.

قرارات بوتفليقة لم تثنِ المحتجين عن مواصلة حراكهم، وطالبوا بتفعيل المادة 7 من الدستور الجزائري التي تنص على أن الشعب هو مصدر السلطات.

وبعد أسابيع من الحراك، دخل رئيس أركان الجيش الجزائري قايد صالح، على الخط، وطالب بتطبيق المادة 102 من الدستور، التي تسمح بإقالة الرئيس بسبب اعتلال صحته؛ خصوصًا أن بوتفليقة عانى تداعيات جلطة دماغية، أصابته في 2013، وأقعدته على كرسي متحرك منذ أعوام.

نصف المطالب

فور إعلان رئيس الأركان الراحل تطبيق المادة 102 من الدستور الجزائري، حمل المتظاهرون في مدينة وهران، ثانية كبرى مدن الجزائر، لافتات كتبوا عليها "المادة 102 هي نصف الإجابة. على العصابة أن ترحل بأكملها"، مرددين هتافات: "ارحل يا بوتفليقة، وخُذ معك صالح".

في 31 مارس الماضي، أعلن بوتفليقة تشكيل حكومة جديدة، احتفظ فيها بمنصب وزير الدفاع، وتضمنت أسماء أخرى من النظام القديم؛ أبرزها نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح. ورفع المتظاهرون سقف المطالب مرة أخرى، وخرجوا إلى الشوارع والميادين مطالبين بإسقاط النظام بأكمله؛ ما دعا بوتفليقة إلى الاستسلام لمطالب الحراك الشعبي، وسط إصرار قائد الجيش على رحيل بوتفليقة، من خلال تطبيق المواد 7 و8 و 102 من الدستور، وهو ما زاد من تأزُّم الوضع في الجزائر، وبعد حكم استمر لأكثر من 20 عامًا، قدم بوتفليقة استقالته، في 2 أبريل الماضي.

وخلال الحراك الذي استمر على مدى عام كامل، ولا يبدو أنه سيتوقف قريبًا شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي صوتًا للاحتجاج الشعبي ضد النظام الجزائري، وأسهمت في حشد التعبئة في مواجهة خطاب رسمي يتجاهل حجم المعارضة التي يمثلها الحراك.

دور شبكات التواصل الاجتماعي في الحراك

وترى "فرانس برس" أن شبكات التواصل الاجتماعي مكَّنت متابعي الحراك بشكل مستمر وأسهمت في خروج الآلاف إلى الشوارع، وكشفت عن قمع الشرطة، وأسقطت الأحكام المسبقة وأحبطت خطابًا هدفه تقويض التعبئة، كما ساعدت في بداية الحركة على حشد التعبئة في صفوف المتظاهرين.

رموز النظام في السجون

واصل المحتجون الجزائريون حراكهم وأصروا على مطالبهم بمحاكمة رموز النظام السابق على الفساد الذي انتشر في البلاد، ونجحوا في سجن عدد من كبار المسؤولين والوزراء ورجال الأعمال بتهم الفساد، وبلغ عدد الوزراء الذين يحاكمون بتهم فساد أمام القضاء الجزائري 18 وزيرًا.

لكنَّ كثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، وبدء عمل حكومته.

انتخابات رئاسية وسط رفض شعبي

وسط إصرار المتظاهرين على استكمال حراكهم الشعبي، وتقديم كل رموز النظام السابق إلى المحاكمة، شُكِّلت هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات الرئاسية الجزائرية، ونجحت في إجراء الانتخابات وإعلان عبد المجيد تبون، فائزًا برئاسة الجزائر، في 12 ديسمبر الماضي، في اقتراع شهد نزوح كبير من المواطنين الرافضين لإجراء الانتخابات برمتها، معتبرين أنها خدعة مدبرة من رموز النظام السابق، بدعم من الجيش لإخماد الانتفاضة الشعبية في البلاد، واستعادة النظام السياسي القديم، حسبما كشفت "رويترز"، نقلاً عن شهود عيان، خلال الانتخابات الرئاسية الجزائرية.

محاولة لكسب ود المحتجين

فور إعلان الهيئة المستقلة للانتخابات الجزائرية، فوز عبد المجيد تبون برئاسة الجزائر، وعد تبون بتعديل الدستور وشكَّل لجنة من الخبراء؛ لإعداد مسودة ستعرض للاستفتاء الشعبي.

وبدأ تبون محاولاته لكسب ود المحتجين؛ حيث أجرى مشاورات مع شخصيات سياسية؛ بعضها محسوب على الحراك، من أجل الوصول إلى "دستور توافقي".

وأطلق الرئيس سراح العشرات ممن احتجزوا خلال المظاهرات وأعلن خططًا لتعديل الدستور للسماح بدور أكبر للبرلمان والحكومة، مشيدًا بالحراك الشعبي السلمي، وأعلن يوم الحراك "عيدًا وطنيًّا في الجزائر".

المتظاهرون يواصلون حراكهم

رغم تعهدات تبون بإجراء إصلاحات وتعديل دستوري؛ فإن وعوده لم تمنع المتظاهرين من الخروج بمسيرات سلمية في أغلب محافظات الجزائر، للمطالبة بإطلاق سراح ناشطي الحراك الشعبي من السجون؛ الأمر الذي وُجِه بالعنف من قِبَل الشرطة الجزائرية، ما أثار قلق المتظاهرين الذين رأوا فيها استمرارًا لسياسات الأمن القديمة.

فيديو قد يعجبك: