إعلان

صحيفة: شقيق البغدادي سافر إلى اسطنبول عدة مرات قبل مقتل البغدادي

07:57 م الأربعاء 06 نوفمبر 2019

أبو بكر البغدادي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة (مصراوي)

قال مسؤولان في المخابرات العراقية إن شقيقا لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي سافر عدة مرات إلى مدينة اسطنبول التركية من شمال سوريا في الأشهر التي سبقت مقتل أبو بكر البغدادي، من أجل تلقي وتسليم المعلومات حول عمليات التنظيم في سوريا والعراق وتركيا، حسبما كشفت صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية الأربعاء.

قتل البغدادي في 26 أكتوبر في عملية دراماتيكية للقوات الخاصة الأمريكية في منزله في قرية باريشا في محاقظة إدلب في شمال غرب سوريا. فجر زعيم داعش حزامه الناسف أثناء محاولته الفرار، بحسب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

"الساعي"

كشفت الصحيفة الإماراتية الناطقة بالإنجليزية في تقرير مطول عن تفاصيل جديدة حول تحركات أحد الأعضاء الرئيسيين في الدائرة الداخلية للبغدادي وكيف قام بالعديد من الرحلات ذهابًا وإيابًا في عمق تركيا، العضو في حلف الناتو، مشيرة إلى أن زعيم داعش استخدم تكتيكات من الطراز القديم للتهرب من المراقبة والجهود المشتركة لأجهزة الأمن الغربية والشرق أوسطية لالتقاط أثر يمكن أن يقودهم إلى الوصول إلى من كان أحد أكثر الرجال المطلوبين في العالم.

وقال مسؤول بارز في المخابرات العراقية: "كنا نراقب شخصًا كان يتصرف كساعي إلى البغدادي وكان يسافر كثيرًا إلى تركيا ويعود منها. كان (ذلك الساعي) هو شقيق البغدادي".

كان ذلك الأخ جمعة، أحد أشقاء البغدادي الثلاثة الذكور، الذي لا يزال يعتقد أنه على قيد الحياة. كشفت أجهزة الأمن العراقية لأول مرة عن عبوره الحدود السورية-التركية في نهاية عام 2018 قبل أن يظهر في أكبر مدينة في تركيا، حيث هاجم مسلحو داعش أو متعاطفون مع ملهى ليلي عشية رأس السنة الجديدة، والسياح في ميدان السلطان أحمد التاريخي بالقرب من آيا صوفيا و مطار أتاتورك الدولي المغلق الآن، بحسب الصحيفة.

وقال المسؤولون إن أجهزة الأمن العراقية عملت بالتعاون مع نظرائهم الأمريكيين على مراقبة جمعة داخل الأراضي التركية. وقال متحدثون باسم البنتاجون والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة داعش إنهم لن يعلقوا على مسائل الاستخبارات. ولم يستجب مكتب الرئاسة التركية ووزارة الداخلية التركية لطلب الصحيفة التعليق.

وقال عميل مخابرات عراقي كان يعمل مباشرة في عملية تعقب جمعة، إن شقيق الزعيم الإرهابي استمر في الظهور في الأشهر التالية، حتى آخر زيارة مسجلة له إلى إسطنبول في أبريل. ويُعتقد أنه عاد بعد ذلك إلى شمال غرب سوريا، قبل أشهر من كشف موقع منزل أخيه الآمن. وقال العميل إنه من غير المحتمل أن يكون قد تم تهريبه عبر الحدود، ولكنه تحرك بحرية عبره.

مصدر في تركيا

قام العملاء العراقيون بزراعة أحد مخبريهم في إسطنبول، والذي بات مطلعا على التفاصيل المتعلقة برحلات جمعة اسطنبول وما تم تبادله نيابة عن البغدادي.

"كان جمعة، شقيق البغدادي، على اتصال بشخص في تركيا كان يلتقي بمصدرنا داخل تركيا"، هذا ما قاله العميل العراقي، مضيفا أن جمعة قام "بزيارات متعددة" إلى اسطنبول للقاء هذا الاتصال.

التقى المصدر مع ساعي يقوم بتسليم الطرود إلى وسيط معين. بعد ذلك يقوم الوسيط بتسليم الطرود إلى شقيق البغدادي لتسليمها إلى القائد في شمال سوريا، وفقًا للعميل.

تكشف محتويات الطرود التي تم تبادلها في اسطنبول كيف واصل البغدادي توجيه المجموعة ومدى التقدم الذي وصل إليه دون اكتشافه حتى بعد خسارة التنظيم جميع المدن السورية والعراقية التي كان يسيطر عليها ذات مرة.

"كان (الساعي) يسلم رسائل من قادة داعش في العراق. حالة قواتهم، والمال، والخدمات اللوجستية، والطرق. كان على اتصال بالقادة هنا (في العراق)، بحسب العميل.

ولكن لم يكن العراق وحده هو الذي أبدى البغدادي اهتمامًا به. في هذه الرحلات، تم تكليف جمعة "بنقل الرسائل وإحضار الرسائل ذهابًا وإيابًا إلى رجال داعش داخل تركيا"، وفقًا لما قاله مسؤول المخابرات البارز.

عقبة إدلب

وقال المسؤول إنه على الرغم من أن العراقيين والأمريكيين قاموا بعمل استخباراتي مشترك في تتبع رحلات البغدادي لمدة خمسة أشهر، إلا أنه ما زال من غير الواضح ما إذا كان (الساعي) يسلم البغدادي الطرود بشكل شخصي وما إذا كان ذلك تم في إدلب. وهذا لأنهم كانوا يفقدون اثره عندما يدخل المحافظة المكتظة بالمتطرفين الذين تدعمهم تركيا.

أصبح المسؤولون في حيرة من أمرهم بشأن سبب انتهاء دربه في إدلب، لأنهم يعتقدون أن البغدادي كان مختبئًا في محافظة دير الزور شرق سوريا، وتساءلوا كيف يمكن لشقيقه عبور الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري أو القوات الديمقراطية السورية، التحالف العربي الكردي الذي قاد المعركة البرية ضد داعش، لتوصيل الرسائل إليه.

"لقد تابعناه وهو يعبر الحدود ولكن بعد ذلك فقدنا المسار. من تركيا سافر جنوبًا عبر إدلب، لكن يبدو أنه لم يتوغل في داخلها،" بحسب المسؤول العراقي.

"الآن، نعتقد أنه يأتي لمسافة قريبة من الحدود لمقابلة البغدادي. لا نعرف ما إذا كان الأتراك يعرفون هذا أم لا."

من المعتقد أن البغدادي انتقل إلى إدلب في الربيع، في وقت قريب من الهجوم للسطيرة على قرية الباغوز، الجيب الأخير لداعش. لكن الادعاءات العراقية تشير إلى أنه كان بإمكانه الانتقال إلى هناك قبل ذلك، أو في مكان أقرب إلى إدلب وبعيدًا عن شرق سوريا عما كان يعتقد سابقًا.

لا يعرف الكثير عن جمعة. لا توجد صورة له متاحة للجمهور ولا تفاصيل عن مظهره وعمره ومكان وجوده الحالي. مع استمرار الجهود المبذولة لتتبع تحركاته، تبقى الكثير من المعلومات عنه سرية. ألقت القوات الخاصة الأمريكية القبض على رجلين في غارة باريشا على مجمع البغدادي، لكن لم يتضح ما إذا كان جمعة أحدهما، أو ما إذا كان موجودًا في المنزل الآمن وقت الغارة. وقال المسؤولون العراقيون إنه ليس لديهم هوية واضحة لمن قتل أو من وقع في الاسر خلال الغارة التي نفدتها قوات كوماندوز أمريكية تعرف باسم "دلتا فورس."

مارس الأخ، وهو من نفس العائلة من مدينة سامراء العراقية الواقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة، نسخة متشددة للغاية من الإسلام متجذرة في أيديولوجية داعش حتى قبل البغدادي، حسبما قال أبو أحمد، أحد الزملاء السابقين من زعيم داعش في 2015.

في مرحلة ما، يعتقد أنه أصبح حارسا شخصيا للبغدادي وكان الأقرب إليه من بين الإخوة الثلاثة. لكن رواية المسؤولين تكشف أنه، على الأقل في الأشهر الأخيرة، كان بدلاً من ذلك بمثابة ناقل لأوامر البغدادي لشخصيات داعش الرئيسية في تركيا والعراق.

تساؤلات تركيا

ما زالت طرق سفره من شمال سوريا إلى اسطنبول والعودة، والطريق الذي اختار أن يسلكه، غير معروفة. لكن قدرة أحد كبار أعضاء داعش على الانتقال إلى مدينة أوروبية كبرى بحرية لمقابلة أعضاء داعش الآخرين ستثير مرة أخرى أسئلة حول أجهزة الأمن التركية وما عرفوه عن الأشهر الأخيرة للبغدادي وتحركات أقرب مساعديه، حسبما قال مسؤولون أمنيون أتراك سابقون وخبراء مكافحة الإرهاب.

الاتهامات الموجهة ضد أنقرة لم تدعمها أدلة دامغة، لكن الكثيرين في الدوائر الأمنية يشيرون إلى الموقف السلبي في جهاز الأمن التركي تجاه داعش والذي سمح لهم ببناء شبكات متطورة داخل البلاد.

تواجه تركيا انتقادات بعد العثور على البغدادي بالقرب من الحدود التركية، وهي متهمة ببث الروح في تنظيم داعش من خلال عدوانها على الأكراد السوريين في شمال شرق سوريا باستخدام وكلاء متهمين بارتكاب جرائم حرب محتملة. وقد أدى هذا العدوان إلى نزوح مئات الآلاف.

وقال ضابط سابق بالجيش التركي رفيع المستوى "من المستحيل بالنسبة للمخابرات التركية، أن تكون تركيا لم تكن تعلم بوجوده على بعد خمسة إلى سبعة كيلومترات من الحدود التركية".

قالت تركيا يوم الثلاثاء إنها اعتقلت شقيقة البغدادي البالغة من العمر 65 عامًا، رسمية عوض، بالقرب من مدينة أعزاز السورية. لكن مسؤولين سابقين قالوا إنها على الأرجح لا علاقة لها بعمليات المجموعة وكانت محاولة من أنقرة لأن يبدو أنها تعمل ضد التنظيم في مواجهة الانتقادات.

دعاية تركية

قال أحمد يايلا، قائد شرطة مكافحة الإرهاب التركي السابق وزميل الآن في برنامج جامعة جورج واشنطن للتطرف: "بالنسبة للمخابرات القومية التركية، أو الشرطة التركية، (داعش) ليس العدو الحقيقي. ابحث بجدية عن هؤلاء الناس، لكن (الرئيس رجب طيب) أردوغان في موقف حيث يحاول إثبات أنه يقاتل داعش.

وتابع: "هذا هو السبب في أنهم يتفاخرون بشقيقته البالغة من العمر 65 عامًا، وعلى الأرجح لا علاقة لها بالقضايا الموجودة هناك أو بما يفعله (التنظيم)، لكنهم يقومون بدعاية ضخمة في وسائل الإعلام التركية."

إحدى النظريات حول إخفاء البغدادي على بعد كيلومترات فقط من الحدود التركية هي أنه كان يحاول نقل عائلته إلى البلاد. "هذا غير معروف بين مسؤولي الدولة الإسلامية وقادتها"، بحسب أيمن التميمي، باحث بارز في طريقة عمل الجماعات المتطرفة السورية.

فيما يتعلق بحرية جمعة الواضحة في السفر، أعرب يايلا عن تحفظاته بأن شخصًا مقربا جدا من البغدادي كان من الممكن أن يقوم بهذه الرحلة الطويلة إلى اسطنبول لإيصال أو تسلم الرسائل دون كشفه.

قال يايلا: "كيف لتركيا ألا تقوم بتوقيف هذا الشخص؟ من الخطر بالنسبة لشخص مثله أن يذهب إلى اسطنبول. إنه عالم غريب، لا يمكن أن يحدث أي شيء، لكنني لا أتوقع مثل هذا الخطأ الحاسم من شخص مثله".

لطالما كانت إسطنبول منطقة آمنة نسبيًا للسفر إليها. هناك الكثير من اللاجئين. وقال العميل العراقي: "من السهل أن تتوه في الحشود".

قال رئيس سابق لإححد الاستخبارات الغربية، إنه في مدينة لا يقل عدد سكانها عن 15 مليون شخص، "يمكنك توقع درجة من عدم الكشف عن هويتك. أنت لست تحت المجهر - الجميع موجودون هناك."

في المحاور الجنوبية الأصغر مثل غازي عنتاب، "سيكون من الصعب للغاية التأكد من أنك لم تتبع أو رصدت".

وقال جويدو شتاينبرج، باحث أول مشارك في المعهد الألماني للعلاقات الدولية والسوري: "بالنسبة لسوري أو عراقي أو أي شخص له مظهر مشابه وليس له سجل إجرامي وله الأوراق الصحيحة، فإن السفر عبر تركيا لا يمثل مشكلة كبيرة".

"على الرغم من أنها على بعد ألف كيلومتر، إلا أن الأمر بالنسبة إلى الأتراك لا يعتبر ذلك مسافة طويلة. أنت تستقل الحافلة وهذا كل شيء. لديك روابط مباشرة إلى إسطنبول من كل مدينة."

في تركيا، لدى داعش قائدا لوحدة الاستخبارات الخاصة به، وهو مسؤول عن العمليات الخارجية للمجموعة، والآلاف من المؤيدين الذين يقومون بتطوير الشبكات التي سهلت نقل الأشخاص والمال في جميع أنحاء البلاد، كما قال يايلا. لذلك، ربما كان من المنطقي أكثر أن يستخدم البغدادي شخصا آخر كساعٍ.

لكن جمعة أصبح "أحد الأشخاص القلائل الموثوق بهم" بالنسبة للبغدادي، وفقًا للعميل العراقي. مع تضاؤل شخصيات تنظيم داعش وقيادته، تضاءل اعتماد البغدادي على بقية قادته والجنود، والشخصيات التي ربما وصلت إلى العراق أو سوريا قبل ست سنوات فقط.

وقال أمارناث أماراسينجام، خبير في شؤون داعش وزميل باحث في معهد الحوار الاستراتيجي في لندن: "يبدو من الواضح الآن أنه في النهاية، كان البغدادي يثق فقط ببعض أفراد الأسرة المقربين. يبدو أيضًا أن المعلومات الأساسية التي أدت إلى القبض عليه جاءت أيضًا من أشخاص وضع ثقتهم فيه في النهاية".

وقال كولين كلارك، كبير الباحثين في مركز صوفان، إنه على الرغم من أنه تم تعقبه من قبل أجهزة أمنية أخرى، إلا أن أهمية جمعة المحدودة من الممكن أنها ساعدته في تجنب كشف أجهزة الأمن التركية له أثناء سفره عبر البلاد.

لم يؤدي تتبع جمعة إلى محاولة القبض على البغدادي. فسقوط البغدادي تم بمساعدة مخبر زرعه الأكراد السوريون داخل الدائرة الداخلية لزعيم التنظيم. لكن تتبع جمعة يكشف عن معلومات استخباراتية أخرى تتبعتها أجهزة الأمن على أمل الإيقاع بالبغدادي.

فيديو قد يعجبك: