إعلان

سر اختباء البغدادي قرب حدود تركيا.. ولماذا لم تبلغ أنقرة بعملية تصفيته؟

01:54 م الثلاثاء 29 أكتوبر 2019

أبو بكر البغدادي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

أبرزت صحيفة "أحوال" التركية دور أنقرة في العملية التي نفذتها الولايات المتحدة لاصطياد زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، وسر اختبائه في مكان يقع على بُعد بِضعة أميال فقط من الحدود التركية، في محافظة إدلب، شمالي غرب سوريا.

قالت الصحيفة في تقريرها المنشور على الموقع الالكتروني لنسختها الإنجليزية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حرص على توجيه الشكر إلى تركيا خلال الخطاب الذي ألقاه عصر الأحد من غرفة الاستقبال بالبيت الأبيض، مُعلنًا سقوط خليفة داعش الإرهابي.

ومع ذلك فثمة أسئلة ما تزال مُعلّقة حول ما إذا كانت تركيا شاركت بالفعل في عملية استخباراتية كُبرى لاصطياد البغدادي، والكيفية التي شاركت بها في الغارة التي تم تنفيذها على مخبأ زعيم داعش بقرية باريشا الصغيرة على بُعد 5 كيلومترات من حدودها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يذكر مُشاركة بلاده بالعملية، في بيانه الترحيبي بمقتل البغدادي، كما لم تتحدّث وزارة الدفاع التركية في تغريدة نشرتها على حسابها الرسمي عبر تويتر إلا بشكل "مُبهم" عن تبادل معلومات بين الولايات المتحدة وتركيا قبل الغارة.

وردًا على مشاركة تركيا في العملية، قال ترامب: "الأتراك- تعاملنا معهم. إنهم يعرفون ما كُنا نخطط للقيام به. لقد حلّقنا فوق بعض الأراضي. كانوا رائعين. ولا مشكلة في ذلك". وأضاف: "كما تعلمون، يمكنهم البدء في إطلاق النار، وبعد ذلك سنخرجهم".

"مشاركة محدودة"

بيد أن الكاتبة لارا سيليجمان من مجلة "فورين بوليسي" نقلت عن مسؤول أمريكي قوله إن مشاركة تركيا في العملية كانت محدودة، وأكّد أن تركيا لم يتم إبلاغها بأن الهدف من العملية اصطياد البغدادي "خوفًا على سلامة المعلومات".

الأمر الذي يتناقض بشكل صارخ مع بيانات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي أشادت خلالها بالعملية وقالت إنها نِتاج عمل استخباراتي مُشترك مع الولايات المتحدة استمر لمدة 5 أشهر، وفق الصحيفة.

في هذه الأثناء، يبدو أن تركيا تُرِكت مُغيّبة- لم تنطلق العملية من قاعدة "إنجرليك" الجوية الإقليمية الرئيسية للولايات المتحدة في مدينة أضنة، بالقرب من جنوب تركيا، وإنما من مكان بعيد للغاية في شمال العراق، وفق الصحيفة.

تقع "إنجرليك" على بُعد 140 كيلومترًا من قرية باريشا، فيما انطلقت العملية من إربيل في شمال العراق على بُعد حوالي 650 كيلومترًا من مركز انطلاق عملية استهدف البغدادي.

تمكّنت القوات الأمريكية الخاصة من اصطياد البغدادي وقتله قُرب قرية باريشا في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، والتي يسيطر عليها في الغالب ما يُسمى بـ"هيئة تحرير الشام"، وهو تحالف من المقاتلين أسسه الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا وتدعمه تركيا.

كما تتواجد القوات التركية أيضا في إدلب وتمر بانتظام على الحدود بين البلدين. تقع باريشا على بعد حوالي 12 كيلومترًا من معبر باب الهوى الحدودي الذي يقود إلى مقاطعة هتاي في تركيا.

وفي الوقت نفسه، لفتت الصحيفة إلى أن كثير من المحللين أبدوا دهشتهم من العثور على البغدادي في منطقة يسيطر عليها جماعات تُكِن عداوة عميقة تجاه داعش، بما في ذلك "هيئة تحرير الشام".

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير سابق أن البغدادي "لجأ إلى الاحتماء في منزل أبومحمد سلامة، قائد تنظيم إرهابي آخر، حُراس الدين". وقالت إن "مصير قائد حُرّاس الدين في الغارة، وطبيعة علاقته بالبغدادي غير واضحة".

كان حُراس الدين، وهو تنظيم آخر تابع لتنظيم القاعدة ومُنشق عن هيئة تحرير الشام، اتهم جماعته السابقة بالتعاون مع تركيا هذا الصيف، وكلتاهما خِصمتان لجماعات تدعمها تركيا في إدلب.

ولكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة حول كيفية السيطرة على محافظة إدلب، رغم وقوعها تحت السيطرة التركية، من قِبل الجماعات ذات الصلة بالقاعدة، وهي ذريعة كانت دمشق تستخدمها لتبرير تقدّمها في إدلب تحت القصف المكثف هذا العام، بدعم من روسيا.

"أكبر ملاذ إرهابي"

ووصفت الصحيفة إدلب بأنها "أكبر ملاذ إرهابي في العالم"، مُشيرة إلى أن معظم المقاتلين الأجانب البالغ عددهم نحو 40 ألف شخص ممن تدفقوا إلى سوريا خلال حربها الأهلية، جاءوا عبر تركيا إلى شمال غرب سوريا".

وأضافت: "الآن يسيطر على إدلب إلى حدٍ كبير فصيل تابع لتنظيم القاعدة في سوريا (هيئة تحرير الشام)، ويتمتع بعلاقات تكافلية مع الجماعات المدعومة من تركيا، لذا فإنها كانت مضيافة لدرجة تكفي لإيواء الإرهابي الأول المطلوب في العالم للتخييم مع أسرته الكبيرة"، في إشارة إلى البغدادي.

في السياق ذاته، قالت الصحيفة إن البيانات الرسمية التركية حول مقتل البغدادي منذ الأحد الماضي حاولت تحويل الانتباه إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت تُزعجها علاقتها مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقره جماعة إرهابية.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان سويلو يوم الاثنين، إنه منذ انضمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى إلى أنقرة في تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، فإن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني، الذي قاتل من أجل العمال الكردستاني خلال فترة من الصراع الدموي في تركيا خلال التسعينيات، يُعد "إرهابيًا بنفس القدر كما البغدادي".

واتهم رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، قسد بإطلاق سراح مقاتلي داعش واستغلال سيطرتها على السجون التي تحتجزهم كأداة ضغط.

كما دعا ألطون إلى فتح تحقيق حول تحركات واتصالات البغدادي قبل العملية الأمريكية، أملًا في الوصول إلى نتائج تؤكّد تُعزز الأنباء المُتداولة بأن مسؤولين فاسدين من قسد عقدوا تفاهمات مع التنظيم الإرهابي وهرّبوا قادة مُعتقلين من داعش إلى إدلب.

كان المتحدث باسم قسد، كينو جابريل، قال إن قسد تلقّت معلومات استخباراتية بعد تحرير قرية الباغوز من داعش في 23 مارس الماضي، أطلقتها إلى وسائل الإعلام والمجتمع الدولي، تُفيد بأن البغدادي انتقل إلى محافظة إدلب.

وقبل تأكيد مقتل البغدادي في الغارة الأمريكية، غرّد كوباني على حسابه عبر تويتر: "عملية تاريخية ناجحة نتيجة عمل استخباراتي مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية"، في إشارة إلى عملية استهداف زعيم داعش الإرهابي.

وبعد إعلان الرئيس الأمريكي مقتل البغدادي، قال كوباني إن قائد داعش "انتهى" بعد عمل استخباراتي طويل مع الولايات المتحدة استمر لمدة 5 أشهر. وأضاف أن العملية العسكرية تأخّرت لأكثر من شهر بسبب العدوان التركي على شمال غربي سوريا.

وأوضح أن "العملية تم تنفيذها بعد أن وثّقت استخباراتنا العسكرية خلال الأشهر الأخيرة تواجد قادة بارزين لداعش، بينهم البغدادي، في مناطق خاضعة تحت السيطرة العسكرية لتركيا"، مؤكدًا أن قواته ستزيد من عملياتها الاستخباراتية وجهودها لتعقب خلايا داعش النائمة.

وشنّت قسد غارات ضد داعش في شمال وشرق سوريا، قُدّرت من يناير وحتى الآن بنحو 347 غارة، وألقت القبض على ما لا يقل عن 476 عنصرًا من عناصر التنظيم الإرهابي، بحسب تقديرات موقع "روج افا" الكُردي.

وبعد ساعات من العملية الأمريكية، استهدفت قسد، أبوالحسن المهاجر، الساعد الأيمن للبغدادي والمتحدث باسم التنظيم، في قرية عين البضة بالقرب من جرابلس في سوريا، وذلك بالتنسيق مع الجيش الأمريكي في إطار استمرار ملاحقة قادة داعش، بحسب بيان قائدها مظلوم كوباني.

فيديو قد يعجبك: