إعلان

كيف كشفت مظاهرات لبنان والعراق هشاشة النظام الإيراني؟

10:14 م الثلاثاء 22 أكتوبر 2019

مظاهرات لبنان - أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد صفوت:

نشرت مجلة "فورين بولسي" مقالًا تحليلياً للكاتبة حنين غدار، يكشف مدى هشاشة النظام الإيراني، ويتهمه بأنه سبب الفوضى التي تضرب البلدان التي يمارس فيها نفوذه.

تقول الكاتبة التي تعمل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن إيران تخسر الشرق الأوسط بعد الاحتجاجات التي ضربت لبنان والعراق خلال الشهر الماضي. وأضافت "في أقل من شهر اندلعت مظاهرات ضد الفساد وانعدام الإصلاح الاقتصادي في العراق ولبنان التي بهم وجود شيعي كبير"

وقالت إن "الاحتجاجات كشفت أن النظام الإيراني فشل في ممارسة نفوذه في البلدان التي يسكنها الشيعة، وأنه فشل في ترجمة الانتصارات العسكرية والسياسية إلى رؤية اجتماعية اقتصادية تمكنه من السيطرة على تلك البلدان.

"صبر ومرونة... ونقطة مفقودة"

منذ بداية الثورة الإسلامية، وضحت سياسية الحكومة الإيرانية والحرث الثوري، وهي محاولة لتصدير ثورتهم لباقي بلدان المنطقة خاصة البلدان ذات الأغلبية الشيعية. كانت إيران شديدة الصبر والمرونة في تنفيذ أجندتها السياسية بعيدة المدى، وتحملت الهزائم الصغيرة مع التركيز على هدف رئيس يشمل الهيمنة على العراق وسوريا ولبنان واليمن، بحسب غدار.

يبدو أن إيران ربحت اللعبة طويلة الأمد، بعد نجاح وكلائها في الانتخابات البرلمانية اللبنانية العام الماضي، وإنقاذ حليفها بشار الأسد خلال السنوات الماضية، واكتساب قوة أكبر في العراق بعد دعمها لقوات الحشد الشعبي التي أنشأت بهدف محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وفي العراق ولبنان، أنشأت إيران وكلاء في كلا البلدين، ومنحتهم السلطة من خلال التمويل والأسلحة، وساعدتهم على التسلل إلى مؤسسات الدولة.

قالت الكاتبة: "إن إيران تجاهلت نقطة مهمة تمثلت في الرؤية الاجتماعية الاقتصادية التي تعد الركيزة الأساسية للحفاظ على قاعدتها التي شكلتها على مر العقود الماضية".

وأشارت إلى أنه لأول مرة منذ تأسيس حزب الله، يخرج الشيعة اللبنانيون ضده، خلال مظاهرات لبنان التي وصفها المراقبون بأنها "غير مسبوقة" لعدة أسباب.

عددت الكاتبة الأسباب، قائلة: "لأول مرة يدرك اللبنانيون أن العدو في الداخل وهم قادتهم السياسيون، وليس محتلًا خارجيًا أو مؤثرًا إقليميًا، وعدم نجاح القادة السياسيون والزعماء الطائفيون في السيطرة على الاحتجاجات أو تغيير مسارها، الأمر الذي اثبت أن اللبنانيون قادرون على الاتحاد يد واحدة متناسين انتماءاتهم الطائفية والسياسية، فالأزمة الاقتصادية تطال الجميع في لبنان".

وترى الكاتبة أن الاحتجاجات التي يشهدها لبنان هي أكبر تحدي داخلي لحزب الله وزعيمه حسن نصر الله، الذي اتخذ صف القادة السياسين، بعد عقود أعلن خلالها اعتزازه بنصرة الفقراء والمظلومين في لبنان، ما شكل نكسة كبيرة لحزب الله.

وتقول: "أن حسن نصر الله، لم يدعم الحكومة اللبنانية الحالية باختياره بل إن مشاهد المتظاهرين الشيعة أرهبته، فالشيعة هم العمود الفقري لسلطة حزب الله إقليميًا وخارجيًا، فهم يصوتون لحزب الله وحليفه الشيعي حركة أمل أثناء الانتخابات، ويقاتلون معهم في لبنان وسوريا واليمن، مقابل أجرًا أو خدمات يقدمها لهم حزب الله، بدعم من إيران"

وذكرت الكاتبة أن حزب الله يشهد لأول مرة منذ تأسيسه انقلابا ضده من شيعة لبنان وخاصة في منطقة النبطية معقل الحزب، حيث أحرق المحتجون الشيعة مكاتب قادة حزب الله.

3 عوامل

ترى الكاتبة أن هناك 3 عوامل رئيسية أدت لتلك المشاهد، أولها تورط حزب الله في الحرب السورية وتقليص الرواتب نتيجة العقوبات المفروضة على النظام الإيراني من الولايات المتحدة، ما تسبب في توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء داخل الحركة، فضلًا عن أنه استخدم الفقراء في الحرب السورية بينما استفاد مسؤولوه من ثروات الحرب، مما تسبب في الكثير من الاستياء.

وقالت: "قبول حزب الله التحالف مع نبيه بري لرئاسة البرلمان باعتباره شرًا لابد منه للحفاظ على الائتلاف الشيعي، رغم فضائح وفساد بري، المعروف للجميع، وخلافه القديم مع الحركة التي تناسته في تحالفها معه".

وأضافت أن العامل الثالث هو تركيز حزب الله على القوة العسكرية، وعزز ذلك حروب لبنان مع إسرائيل في 2000 و2006، حيث شكل الحزب قوة خلال الحربين، وإعلانه نجاحه في صد التطرف السني في سوريا، ورغم ذلك فشلت كل هذه الانتصارات في ترجمة حقيقية على أرض الواقع.

ربما استفادت إيران من كل ما سبق، لكن الشيعة في لبنان أصبحوا أكثر عزلة عن أي وقت مضى، ورأوا في الاحتجاجات الحالية مخرجًا للمطالبة بالعودة للهوية اللبنانية بدلًا من الدينية التي تسببت إيران وحزب الله فيها.

العراق

في العراق لم تختلف القصة كثيرًا، عشرات الآلاف من المحتجين خرجوا للتظاهر في بغداد وغيرها من المناطق ذات الغالبية الشيعية، احتجاجًا على فشل الطبقة السياسية العراقية على توفير الخدمات الأساسية والحد من البطالة والفساد، وجهوا بالقوة ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 متظاهر.

ونشرت "رويترز" تقريرًا الأسبوع الماضي، تؤكد فيه أن قناصة تابعون للمليشيات المدعومة من إيران انتشروا على أسطح المباني في بغداد لقتل المتظاهرين. قتل في الاحتجاجات أكثر من 150 شخصا.

وتقول الكاتبة: "إن دور إيران في الرد على المظاهرات في العراق وفشل الحكومة في حماية مواطنيها هو مؤشر مهم على تأثير طهران في البلاد، حيث أصبح العديد من قادة الميليشيات السابقين المدعومين من إيران أعضاء في البرلمان والحكومة، مما أدى إلى تقدم جدول أعمال طهران وخلق اقتصاد بديل لإيران، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها".

الأمر تكرر في لبنان قبل عقود، بدعم إيران لحزب الله، هذا النموذج الذي ترك دون مراقبة، فإن وكلاء إيران في العراق سيصبحون ببطء ولكن بثبات أقوى من الجيش العراقي، وسيكون قرار الحرب والسلام قرارًا إيرانيًا.

في كلتا الحالتين، ستفعل إيران ما تفعله بشكل أفضل في لبنان، بدلاً من التراجع والسماح بتنفيذ الإصلاحات من قبل حكومات جديدة بوزراء مؤهلين، من المرجح أن يلجأ حزب الله والميليشيات التي تدعمها إيران إلى القوة، كما أوضح نصر الله تمامًا، فإن حكومته لن تسقط.

وتقول الكاتبة: "سيحاول حزب الله، ألا يكرر خطأ القوات المدعومة من إيران في العراق، والرد بالعنف على الاحتجاجات".

فهناك كتائب المقاومة اللبنانية التي تدربت على يد حزب الله، وربما يأتي دورها حاليًا للرد بعنف على تلك المظاهرات، هذه القوات أنشأت بهدف التعامل مع التحديات الداخلية والسماح لحزب الله بإنكار مسؤوليته من أي تهم توجه له مستقبلًا.

وذكرت الكاتبة محاولات الشباب أمس الذين اقتحموا تجمعات المحتجين بعدة مدن لبنانية رافعين أعلام حزب الله وحركة أمل، حتى تصدت لهم قوات الجيش اللبناني ومنعتهم من الاحتكاك بالمتظاهرين، لكهنم نجحوا في إرهاب المتظاهرين، وخاصة في البلدات والمدن الشيعية.

أما العراق فمن المرجح أن تلجأ المليشيات المدعومة من إيران للعنف مرة أخرة لقمع المظاهرات المقرر لها يوم 25 أكتوبر الجاري، فبدون ضغوط دولية تجرى على العراق ربما يكون المشهد مختلفًا عن لبنان، لكن على أي حال، فإن صورة إيران ستعاني بشدة بعد ذلك.

تكشف القصة نفسها في جميع أنحاء المنطقة، فأينما تفوز إيران، يسود الفوضى، من العراق إلى لبنان، أصبح من الواضح أنه لم يعد من الممكن التسامح مع القوة الإيرانية.

واختتمت تحليلها قائلة: "الاحتجاجات الأخيرة كشفت مدى هشاشة النظام الإيران أمام العالم، وأنه حان الوقت للعمل مع المجتمعات الشيعية، فالشيعة لا يخصوا إيران وحدها".

فيديو قد يعجبك: