إعلان

الجارديان: الفلسطينيون يُقتلون مرتين.. برصاص إسرائيل وإعلام أمريكا

12:31 ص الجمعة 18 مايو 2018

الفلسطينيين بمسيرات العودة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:

"ما يميز مصائر الناس المقهورين الذين يُقتلون، هو أنهم يقتلون مرتين، الأولى على أيدي قاتليهم باستخدام الرصاص أو القنابل، والثانية تتمثل في اللغة التي يتم استخدامها لوصف وفاتهم".

الكاتب الأمريكي مصطفى بيومي، قال في مقال له بصحيفة "الجارديان" البريطانية: "مثلت هذه المأساة التي تحدث للفلسطينيين على مدار عقود طويلة، الذين يلامون عند وفاتهم على أيدي الإسرائيليين - ولا يحدث هذا فقط من جانب الحكومة الإسرائيلية بل وسائل الإعلام الأمريكية والسياسيون هناك أيضًا.

وتابع بيومي "لا يجب علينا أن نتقبل هذا، فعند النظر باهتمام إلى لغة الإعلام الأمريكي، نرى كيف يستخدمون مصطلح الموت بازدواجية للمظلومين، ويمكننا أن نتعلم كيف نقاوم مثل هذه الطريقة الخبيثة في تأطير الصراع الفلسطيني".

"العنف الإسرائيلي كان من طرف واحد يوم الاثنين الماضي، حيث قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 60 فلسطينيًا وأصابت الآلاف، ولم يصب أو يقتل أي إسرائيلي، وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" على هذه المجزرة بتغريدة كتبت فيها، توفي عشرات الفلسطينيين في احتجاجات، في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لافتتاح سفارتها في القدس".، وفقاً للكاتب.

واستنكر الكاتب اللهجة التي استخدمتها الصحيفة قائلًا: "تُوفوا؟ يجب علينا أن نلاحظ كيف أن بناء الفعل للمجهول في التغريدة، يخفي الشخص الذي يؤدّي الفعل، حيث لم يتم تحميل إسرائيل أي مسؤولية عن قتل المتظاهرين"، في الوقت الذي يظهر فيه الفلسطينيون على أنهم ماتوا أو تُوفوا بشكل غريب".

وانتقد الكثيرون التغريدة الخاصة بالصحيفة، منهم المخرج جاد أباتاو، الذي كتب على تويتر: "عار عليكم! أخبروني من فضلكم أن المسؤول عن تويتر الخاص بكم مجرد متدرب".

وتابع الكاتب، وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن الصحيفة استدركت خطأها في اليوم التالي في جريدتها الورقية، حيث كان العنوان الرئيسي لها: "الإسرائيليون يقتلون العشرات في غزة"، ولكن هذا يدفعني للتساؤل من هم هؤلاء الإسرائيليون؟ كانت كلمة إسرائيل ستكون أكثر وضوحًا وشفافية، أو على الأقل استخدام مصطلح "الجيش الإسرائيلي"، وهو ما لم يحدث، فعلى كلٍ الجيش يعبر عن الدولة وليس مواطنيها الأفراد.

صحيفة نيويورك تايمز لم تكن وحيدة في حالة التشويش الإعلامي هذه - بحسب الكاتب - حيث حملت القصة الرئيسية في صحيفة واشنطن بوست عنوانًا يقول: "غزة تدفن قتلاها مع ارتفاع عدد القتلى من المظاهرات على السياج مع إسرائيل لأكثر من 60 شخصًا"، ومرة أخرى يجعلنا العنوان نتساءل عمن قتل هؤلاء الأشخاص في غزة؟ هل نفترض أنهم قتلوا في المظاهرات وليس على أيدي الجيش الإسرائلي؟

صحيفة "وول ستريت جورنال" بثت مقطع فيديو على موقعها الإلكتروني تحت عنوان: "اشتباكات بسبب السفارة الأمريكية الجديدة في القدس تخلف عشرات القتلى"، وبصراحة - حسب رأي الكاتب - هذا العنوان أسوأ من سابقيه، حيث وصف المجزرة التي حدثت على أنها اشتباكات وهذا ليس فقط مخادع بل أيضًا مضلل، وترك الجميع يظن أن الفلسطينيين كانوا يتظاهرون فقط ضد افتتاح السفارة الأمريكية الجديدة في القدس، على الرغم من أن مسيرة العودة العظيمة في غزة، كانت تهدف بشكل كبير لجذب الانتباه لمحنة اللاجئين الفلسطينيين الذين يمثلون نحو 70% من السكان في قطاع غزة.

وجاء في العنوان أيضًا جملة "تخلف عشرات القتلى"، التي لا توضح من قتل من، ولكن تلقي باللوم على الاشتباكات في مقتل الفلسطينيين بدلًا من المسؤولين عن عمليات القتل نفسها، في الوقت الذي تلقي فيه باللوم على الفلسطينيين في المجزرة التي حدثت لهم، وجعلوا الأمر يبدو كما لو أن الرصاصات كانت معلقة في الهواء تنتظر الفلسطينيين ليخطو نحوها.

ويقول الكاتب: "مثل هذه العناوين هي المقابل الإعلامي لما قالته السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي في مجلس الأمن، من أن "لا دولة في مجلس الأمن سوف تتحرك بضبط نفس أكثر من إسرائيل"، فمثل هذه اللغة لا تمنع الانتقاد عن إسرائيل فقط، ولكنها تحميها من المسؤولية أيضًا".

ويختتم الكاتب مقاله باقتباس من الصحفي البريطاني جورج أورويل قال فيه: "إن اللغة السياسية الحديثة مصممة لجعل الأكاذيب تبدو وكأنها حقائق، وجعل عمليات القتل جديرة بالاحترام أيضًا"، ويقول بيومي: "ما يحزنني هو أنه لم يتغير شيء ولن يتغير أي شيء إلا إذا طالبنا بالمزيد من مروجي اللغة السياسية الحديثة، الفلسطينيون يستحقون أفضل من هذا، ونحن جميعًا نستحق أفضل من هذا، ولا يجب أن يموت أحد في سبيل تحقيق هذا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان