إعلان

الجارديان: ماذا يعني خطاب أبو مازن في الأمم المتحدة؟

05:13 م الأحد 04 أكتوبر 2015

محمود عباس

كتبت - أماني بهجت:

أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه سوف يُلقي قنبلة في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. العبارة المنتظرة في الخطاب الذي تم إلقاؤه يوم الأربعاء كانت: "لا يمكننا الاستمرار بالارتباط بهذه الاتفاقيات"، يَقصُد بها اتفاقية أوسلو، "ويجب أن تتحمل إسرائيل كامل مسئوليتها كقوة احتلال."

ولفتت صحيفة الجارديان البريطانية أنه على الرغم من أن هذه العبارات تبدو قوية، لكن ماذا تعني حقًا؟ هل قصد عباس أنه ينوي فك السلطة الفلسطينية التي قامت على 

اتفاق غزة-أريحا 1994؟ هل قصد أن بروتوكول باريس الاقتصادي والذي يسمح لإسرائيل بجمع الضرائب على الواردات للأراضي الفلسطينية، سيسقط الآن؟ هل قصد أن التعاون الأمني بين قوات الأمن الفلسطينية والإسرائيلية سيتوقف؟

أن يقول محمود عباس "أننا لن نلتزم بهذه الاتفاقيات" شيء وأن يتوقف حقًا عن تطبيق هذه النصوص هو شيء أخر، ولا سيمًا عندما تكون السلطة الفلسطينية هي أعلى سلطة في الضفة الغربية.

ومع وجود 70% تقريبًا من موازنة السلطة الفلسطينية قادمة من الضرائب التي تجمعها إسرائيل، لن يكون هناك داعي للعجلة لإنهاء التعاون الاقتصادي.

(وفي كل مرة تحتجز إسرائيل هذه التمويلات، تحدث أزمة اقتصادية في هذه الأراضي.) وبالأخذ في الاعتبار أن الرئيس عباس يؤكد باستمرار معارضته للعنف، فمن غير المُرجح انهاؤه للتعاون الأمني.

وتساءلت الصحيفة: لماذا إذًا أعطى محمود عباس هذا التصريح؟ يعلم الرئيس عباس أن الفلسطينيون محبطون للغاية. على الرغم من العلم الذي يرفرف خارج مبني الأمم المتحدة هذا الأسبوع، فلا يوجد تحرك حقيقي في إطار إنشاء الدولة الفلسطينية. يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي من غير المحتمل أن ينتهي، ولا يري الفلسطينيون مسار واضح لإرساء طموحاتهم الوطنية.

علاوة على ذلك، تنقسم الضفة الغربية وغزة بين سلطتين مختلفتين، تسيطر حركة فتح والرئيس عباس على الضفة الغربية، وتسيطر حماس على غزة. كل محاولات الصلح بين الحركتين فشلت. ولم تحدث انتخابات تشريعية منذ 2006، مقللةً من شرعية قادة فتح وحماس على حد سواء.

ما يجعل الأمور أكثر سوءًا، أن العالم الخارجي يشغله تنظيم الدولة الإسلامية، الحرب الأهلية السورية، تدفق اللاجئين لأوروبا والحرب في اليمن –كل شيء إلا الفلسطينيين. لم يظهر الصراع الفلسطيني لا في خطاب أوباما ولا خطاب فلاديمير بوتين في الأمم المتحدة، والقادة المحليين بالكاد تطرقوا إليه.

يعد أكبر إنجاز للقائد الفلسطيني والرئيس الأول للسلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، والذي وافته المنية في 2004، أمرين: الأول أنه وحّد الحركة الفلسطينية، وكسب قبول واعتراف بالقضية الفلسطينية بالمحافل الدولية. على عكس الرئيس عباس الذي لا توجد لديه استراتيجية واضحة وقليل من الدعم العام. إعطاؤه أولوية لنقل الصراع إلى أروقة الأمم المتحدة عوضًا عن التفاوض مع إسرائيل أكسبه الاعتراف بفلسطين كـدولة "غير عضو"، علم على داغ همرشولد بلازا وإمكانية مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.

لكن ليس أيًا من هذه الأشياء يجعل هناك كيان حقيقي لدولة فلسطين. حتى وإن كانت الحركة الوطنية الفلسطينية –تاريخيًا- قد أعطت وزنًا كبيرًا للأشياء الرمزية، فإن عامة الفلسطينيين يفهمون حقيقة وضعهم المزري.

ومع وجود مشهد دبلوماسي قاتم، شعر عباس بضرورة التحرك، فقام بإلقاء خطابه الدرامي. وفي يوم الخميس، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإخبار الأمانة العامة، "أنا مستعد لاستكمال المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية دون أي شروط مسبقة من أي نوع." مع الأسف، رغبة نتنياهو ستُقابل بأُذن صماء، حيث يشكك عباس في أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية قد تتفاوض على أي شيء، وعباس لم يعد قادرا سياسيًا على القيام بالموائمات الصحيحة على الجانب الفلسطيني.

عوضًا عن ذلك، يأمل عباس في أن يُنبه البيان الولايات المتحدة، أوروبا وأخرون حتى يشعروا بضرورة النظر إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ومع وجود العديد من التحديات في المنطقة، ولا توجد مبادرة تُلقي الضوء على الفلسطينيين في أي وقت قريب.

قد لا تكون قنبلة السيد عباس في الأمم المتحدة ذو وزن كبيرين لكنها تُذكرنا بأن غض الطرف عن الصراع لن يجعله يختفي.

يبدو الوقت الآن مناسبًا لعقد مناقشات مع الدول العربية المحورية والقادة الإسرائيليين وجس النبض بهدوء حول إذا ما كان التقارب في الأمور المشتركة مثل الخوف من تهديدات الإسلاميين المتطرفين وإيران يمكن استخدامه في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

حيث أن القيادة الفلسطينية ضعيفة وتشكك إسرائيل أن الرئيس عباس يمكن أن يصل إلى أي شيء، ويبدو هذا أيضًا وقت جيد لقادة الدول العربية للمشاركة بدور أكبر في المفاوضات. يمكن للسيد عباس أن يشعر ببعض الارتياح لمعرفته أن أخرون يمكنهم أخذ بعض المسئوليات عنه. منذ ذلك الوقت الذي قام فيه السيد نتنياهو بتسليط الضوء على المخاطر الإقليمية مستحضرًا إسرائيل وجيرانها من الدول العربية معًا، فهذه الاحتمالية تستحق الاختبار.

وسيعتمد الكثير حول إذا ما كان المصريين، والأردنيين، والسعوديين وآخرون لديهم الاهتمام والقدرة للتعامل مع الشأن الفلسطيني في هذه اللحظة والدول المجاورة ستكون المفتاح لأي نتائج قابلة للتفاوض - بحسب الصحيفة.

كما أخبرني أحد الفلسطينيين مؤخرًا، أنه إذا لم يستطيع عباس اكتساب الدعم اللازم لعقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني لتعزيز موقفه، أو لتمهيد الطريق لخروجه، فكيف يمكنه اتخاذ قرارات تاريخية بنفسه لحل النزاع؟

لن تقوم إسرائيل بتنازلات حقيقية للفلسطينيين إلا إذا جنت مقابل حقيقي من الدول العربية: تعاون مفتوح في التعامل مع التهديدات المشتركة، الإدماج في المنطقة اقتصاديًا، تطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.

تصريحات عباس المثيرة للانتباه في الأمم المتحدة لن تجعل فلسطين دولة على الأرجح. لكن يمكن ان يحدث أمران: بناء مؤسسات وحكم القانون في السلطة الفلسطينية ووجود دول عربية هامة تقوم بدور أكبر في التفاوض على نتائج. ولا يمكن للرئيس عباس التفكير في حل وسط مع الإسرائيليين ما لم يتحمل العرب مسئولية هذه التنازلات.

 

فيديو قد يعجبك: