إعلان

ضمير يستيقظ في عاصمة الضباب

سليمان جودة

ضمير يستيقظ في عاصمة الضباب

سليمان جودة
07:00 م الأحد 31 أغسطس 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

سوف تظل غزة جرحاً نازفاً في جسد هذا العالم، وسوف يصعب على العالم أن ينسى ما أصابها ولو بعد حين.

ولأنها جرح نازف لا يتوقف عن النزيف، فإن الأمر لا يخلو من صاحب ضمير حُر يتألم لها هنا، أو صاحب قلب يقظ يأسى لها هناك. وقد كان البريطاني إد ديڤي من النوعين معاً، لأنه نشر مقالاً في صحيفة الجارديان البريطانية يعلن مقاطعة المأدبة التي سيقيمها الملك تشارلز للرئيس الأمريكي ترمب في الشهر المقبل. سيقاطع ديڤي للمرة الأولى مأدبة يقيمها تشارلز للضيف الأمريكي، وسيفعل ذلك لعل ترمب ومعه السير كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا الذي سيكون على المائدة، يشعران بفداحة المجاعة المروعة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة.

أما إد ديڤي فهو رئيس الحزب الديموقراطي الليبرالي البريطاني، وأما دعوته الى المأدبة فبهذه الصفة التي يحملها بين الساسة الإنجليز.

وهو لا يعلن مقاطعته المأدبة وفقط، ولكنه يضيف فيما نشره أن رجلاً واحداً في العالم يستطيع وقف المجاعة المروعة للفلسطينيين في غزة، وأن هذا الرجل اسمه دونالد ترمب، ومع ذلك فهو لا يفعل، ويترك الفلسطينيين في أنحاء القطاع وفي أنحاء الضفة الغربية معاً، أسرى في أيدي حكومة التطرف في تل أبيب.

وبالطبع، فإن مقاطعة الرجل المأدبة لن ترحم الفلسطينيين من العذاب الذي يقومون وينامون فيه منذ ما يقرب من العامين، ولن تعيد الذي سقط شهيداً، ولن تشفي الذي سقط مصاباً، ولن تمسح دموع الذين يبكون أقاربهم في الليل والنهار. لن تفعل شيئاً من هذا ولا من غير هذا في المأساة التي يشهدها القطاع منذ إطلاق الحرب عليه، ولكنها على كل حال شيء أفضل من لا شيء كما نقول في مثل هذه الحالات، وهي إدانة معنوية للرئيس الأمريكي الذي يعرف أنه يستطيع وقف الإبادة في حق الفلسطينيين ولكنه لا يفعل.

يشير رئيس الحزب الديموقراطي الليبرالي البريطاني إلى الذين يموتون جوعاً في غزة ويقول إن هياكلهم العظمية تبدو في كل الصور الواردة من هناك، وتبرز عظامهم من شدة الجوع، وتظهر وجوههم صفراء شاحبة كأنهم موتى.

يشير إلى ذلك وإلى كل ما يماثله مما نتابعه في كل الصور الحزينة، ثم يقول إنه وجد نفسه موزعاً بين ولائه للملك، وبين واجبه الإنساني تجاه هؤلاء الذين يموتون في اليوم ألف مرة، فلم يجد في نفسه إلا الانحياز إلى جانب أبناء القطاع.

لو استيقظ ضمير كل مسئول أو سياسي في العالم كما استيقظ ضمير ديڤي، ما كانت غزة قد بقيت تعاني وتموت في كل يوم، ولكن الذين لم تستيقظ ضمائرهم من الساسة في أنحاء الأرض سيجدون حسابهم عند الله، إذا فات حساب الأرض أن ينالهم في أماكنهم.

إعلان

إعلان