إعلان

المناورة الفنزويلية

د. أحمد إبراهيم

المناورة الفنزويلية

د. أحمد إبراهيم

دكتوراه في الإعلام

07:00 م الخميس 11 ديسمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

في بدايات القرن الماضي حاصرت أساطيل ألمانية وإيطالية وبريطانية السواحل الفنزويلية، وذلك بعد تفاقم أزمة الديون الأوروبية للدولة اللاتينية الحديثة، ورفض الرئيس الفنزويلي وقتها "سيبريانو كاسترو" سداد تلك الديون أو تعويض المواطنين الأوروبيين عن أضرارهم الاقتصادية أثناء الحرب الاهلية الفنزويلية، معتمدا على إمكانية حماية مبدأ مونرو الأمريكي لبلاده، والذي ينص على منع التدخل الأوروبي في منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية، إلا أن الولايات المتحدة لم تتحرك لحماية فنزويلا وتركتها في مواجهتها مع الأوروبيين وحصار لسواحلها لمدة شهرين وتدمير للبحرية الفنزويلية، حتى رضخ "كاسترو" للقوة الأوروبية وقام بالتوقيع على اتفاقية دولية برعاية الولايات المتحدة لتسوية أزمة الديون، وإن لم تنه هذه الاتفاقية التوترات بين فنزويلا ودول أوروبا، حيث تجددت الأزمات مرة أخرى ولكن مع الهولنديين بعد خمس سنوات من تلك الاتفاقية.

اكتشف البترول في فنزويلا عام 1917 باحتياطيات ضخمة هي الأعلى عالميا، إذ تبلغ الاحتياطيات المؤكدة 303 مليارات برميل، أي حوالي 20% من الاحتياطيات العالمية، وكان الإنتاج تحت سيطرة الشركات الأمريكية والبريطانية حتى عام 1976، حيث قام الرئيس الفنزويلي وقتها "كارلوس بيريز" بتأميم الصناعات النفطية الفنزويلية وإنشاء شركة بترول فنزويلا، والتي تحولت بمرور الوقت إلى جزيرة مستقلة داخل الدولة، خاصة مع الاعتماد التام للاقتصاد على البترول والذي يشكل 90% من الإيرادات الحكومية.

ومع انخفاض أسعار البترول عام 2014 ووجود الكثير من إرث سوء الإدارة بالمؤسسات الحكومية، أصيب الاقتصاد الفنزويلي بحالة من الصدمة والشلل، حيث تضاعفت أرقام التضخم لتصل إلى 69% ثم إلى 181% في العام التالي، ليصل إلى مليون بالمئة عام 2018، لتشهد البلاد حالة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية ومحاولات للانقلاب العسكري على حكم الرئيس اليساري "مادورو".

ولكن لم يكن الوضع الاقتصادي فقط هو المحرك الرئيسي لمحاولة إزالة مادورو من الحكم، فالعلاقات الاقتصادية والعسكرية الوطيدة التي تربط بين فنزويلا وكل من روسيا والصين وإيران في عهده كانت وستظل السبب الرئيسي لتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة واستمرار الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على فنزويلا منذ عشرين عاما، فالولايات المتحدة لن تسمح بوجود أعدائها بحديقتها الخلفية، وستستمر بالضغط حتى فك الارتباط مع تلك الدول أو تغيير نظام الحكم. ففنزويلا هي مجرد ورقة ضغط تستخدمها الدول الكبرى في صراعاتها، وربما يبرر هذا الصمت الروسي على تهديد الولايات المتحدة بغزو حليفتها الأقرب في أمريكا اللاتينية، حيث تنتظر روسيا في المقابل المزيد من الضغط الأمريكي على أوروبا وأوكرانيا للقبول بالخطة الأمريكية لإنهاء الحرب الأوكرانية المستنزفة عسكريا واقتصاديا لروسيا، في حين تنتظر الصين بعضا من المرونة في الموقف الأمريكي المتشدد تجاه التمدد الصيني ببحر الصين الجنوبي وتايوان.

إعلان

إعلان