إعلان

هل خسرت إسرائيل الحرب

د. أحمد إبراهيم

هل خسرت إسرائيل الحرب

د. أحمد إبراهيم

دكتوراه في الإعلام

07:00 م الخميس 09 أكتوبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

مع مشاهد الدمار الذي يغرق فيه قطاع غزة، وأفواج النساء والأطفال الهائمين على وجوههم بحثا عن شربة ماء أو حتى حشائش من الأرض تصلح لسد جوعهم، يبدو هذا السؤال غير واقعي.

مع القضاء بشكل شبه كامل على قيادات الصف الأول العسكرية والسياسية بحركة حماس وحزب الله، وعدد من قيادات الحوثي، والمساهمة في إنهاء حكم الأسد بسوريا، وتدمير الجانب الأكبر من قدرات كل هذه الأطراف عسكريا، تزداد عدم واقعية هذا السؤال.

ومع احتلال مناطق جديدة بسوريا على مرمى حجر من القصر الرئاسي، وقصف طهران ومنشآت الحلم النووي للدولة الإيرانية، واغتيال عدد من أهم قياداتها العسكرية، بل وامتداد القصف ليطول العاصمة القطرية الدوحة، يبدو جليا أن هذا السؤال غير منطقي تماما.

ولكن!

كانت أحد أهم الأركان الرئيسية لقيام الدولة الإسرائيلية هي إنشاء وتعميق وتأكيد الصورة الذهنية لتلك الدولة لدى المجتمعات الغربية.

تلك الدولة التي تقوم على أساس ديني، وغرس وازع أخلاقي لدى الشعوب الغربية للتكفير عن ذنبهم تجاه فئة مضطهدة من اليهود الأوروبيين، فغرسوا فيما ادعوا أنها أرض أجدادهم.

وعلى مدار أكثر من ثمانين عاما صنعوا صورة لدولة وليدة وسط محيط رجعي متوحش ومتَعطش لقتال كل ما هو يهودي، دولة ديمقراطية وسط ما يرون أنه ديكتاتوريات عربية، دولة تقدم نمط حياة غربي محاطة بثقافة يرون أنها تنتمي للقرون الوسطى، الأمر الذي أنشأ موجة تعاطف استمرت لسبعة عقود لدى المجتمعات الغربية التي اعتبرت هذا المجتمع الوليد جزءا منها ولكن بالشرق الأوسط.

كل هذه الجهود الخادعة والزائفة هشمتها عمليات القتل العشوائي والتطهير العرقي واستهداف النساء والأطفال الفلسطينيين بشكل متعمد، لتتحول لموجات غضب وكراهية من الأجيال الأصغر سنا، خاصة مع سيل المواد المصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الخاصة بإعلاميين تم إنهاء عملهم بمؤسسات إعلامية شهيرة لمواقفهم المعارضة لإسرائيل مثل مهدي حسن وكانديس أوين، تلك المواد وثقت المذابح التي ارتكبها جيش الاحتلال والتي فشلت الحكومات الغربية المؤيدة لإسرائيل تاريخيا في إيقافها.

لينتهي الأمر بإسرائيل كدولة مدانة بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، ومذكرات اعتقال لرئيس حكومتها ووزير دفاعه الأسبق، ومظاهرات شبه يومية بالمدن والجامعات الغربية ضد القتل الممنهج للشعب الفلسطيني، واعترافات متزايدة من دول ذات ثقل دولي ودور تاريخي في إنشاء إسرائيل مثل بريطانيا وفرنسا، ودول أخرى مثل النرويج وإسبانيا وكندا وإيرلندا وأستراليا، وعقوبات تجارية ضد منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وجمعيات حقوقية تطارد أفراد الجيش الإسرائيلي المشاركين في الحرب عبر العالم مثل مؤسسة هند رجب.

اندفاع نتنياهو نحو محاولة تحقيق حلم إسرائيل الكبرى، والذي لم ولن يتحقق، أنهى ما قامت به آلة الدعاية اليهودية عبر ثمانين عاما في فترة وجيزة، وألحق ضررا غير قابل للإصلاح بأهم الأسلحة التي ساهمت في بقاء إسرائيل ثمانين عاما، وأظهر الوجه الدموي والعنصري لهذا الكيان لتقف إسرائيل منبوذة من قبل المجتمع الدولي وتخسر صورتها وسرديتها التاريخية التي أسست لوجودها.

إعلان

إعلان