إعلان

الرصاصة لا تزال في جيبنا

أحمد سعيد

الرصاصة لا تزال في جيبنا

أحمد سعيد
07:00 م الثلاثاء 07 أكتوبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

جاءت ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة هذا العام، بالتزامن مع الأحداث الجارية في المنطقة، لتذكرنا بالمقولة الخالدة التي ذكرها الراحل الجميل محمود ياسين في فيلمه الشهير الرصاصة لا تزال في جيبي، وهو أول فيلم تم تصويره عقب حرب أكتوبر مباشرة، وفي الأماكن الحقيقية للحرب، بل إنهم استخدموا في بعض الأحيان ذخيرة، ونسفوا منازل حقيقية، كما أنهم أقاموا في فيلا ديليسبس أثناء التصوير.

وعن هذا الفيلم قال منتجه الراحل الكبير رمسيس مرزوق في مذكراته، التي كتبها الكاتب الصحفي الكبير أشرف غريب: "كنت مريضًا وأنا أعلم مدى خطورة عدم الالتزام بتعليمات الأطباء، ولكن كانت هناك قوة دافعة تغذي عزيمتي، كيف لا؟

لأنني سأنتج فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي.

ففي خلال ستة أشهر، ومع مختلف أنواع العمل مع قادة وضباط وجنود القوات المسلحة، أمضيت ساعات النصر، وعرفت الكثير، وبدأت أسجل في دفتري الصغير كل ما أسمع من قصص، فهؤلاء الأبطال يكتبون التاريخ بدمائهم، وأحسست بالذنب أنني أمام عشرات بل آلاف من قصص البطولة والتضحية، إن واجبي وزملائي أن نلتزم بالصدق في تسجيل هذه البطولات ليشهد العالم أننا لسنا جبناء".

وذكر رمسيس نجيب أن المسؤول عن التخطيط للحرب شاهد الفيلم، وراقب رمسيس نجيب قسمات وجهه وعينيه، ثم فوجئ بأنه يبكي ويخرج منديله من جيبه ويمسح دمعه عن خده، خاصة عندما شاهد الطائرة الهليكوبتر الإسرائيلية وهي تضرب الجنود المصريين، وهم يتراجعون في لقطة تمثل حرب 1967.

وفي نهاية عرض الفيلم قال لهم قائد الجيش: أشكركم على هذا الجهد، لأن هذا الفيلم مليء بالأحداث الصادقة، وأرجو أن يشاهده كل عربي.

وذكر رمسيس في مذكراته أنه خلال معايشته لرجال القوات المسلحة علم أن وحدات من الهليكوبتر قد قامت بأعمال بطولية خلف خطوط العدو، لكنه لم يستطع التعرض لتسجيل هذه البطولات في الفيلم.

وقد أبدع أبطال الفيلم محمود ياسين وحسين فهمي ونجوى إبراهيم في تجسيد الشخصيات، وقام بإخراج الفيلم حسام الدين مصطفى.

ومن الأفلام التي جسدت البطولات العسكرية فيلم أغنية على الممر، الذي قام ببطولته محمود مرسي وصلاح قابيل وصلاح السعدني ومحمود ياسين، وأخرجه علي عبد الخالق.

ومن شدة تأثير الفيلم على المشاهدين، والبطولة الرائعة التي كان يجسدها، كانوا يعرضونه لرجال المقاومة في لبنان وسوريا لرفع روحهم المعنوية وتقوية عزيمتهم.

والغريب أن سيارات الإسعاف كانت تنتظر أمام دور العرض التي يُعرض بها، وذلك لحدوث حالات إغماء بين أهالي الشهداء الذين يشاهدونه.

وقد استغرق تصويره ستة أسابيع، ثلاثة منها في صحراء أبو رواش، وثلاثة في استوديو الأهرام.

كما يُعد فيلم العمر لحظة الذي أنتجته وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحي، وشاركها في بطولته أحمد مظهر وأحمد زكي ومحمد خيري، وأخرجه محمد راضي، من الأفلام الرائعة، وكان نصًا أدبيًا ليوسف السباعي، وأعجب به الفريق عبد الغني الجمسي، وأصدر أوامره للجيش الثاني بدعم تصوير الفيلم بكل ما يحتاجه من جنود ودبابات ومعدات وسيارات، وأماكن تصوير داخل المعسكرات.

ولكن من الأمور المؤسفة أنه تم اغتيال مؤلف الفيلم يوسف السباعي في قبرص قبل العرض الأول للفيلم، الذي حضره الكثير من قيادات الجيش الثاني في ذلك الوقت ووقفوا دقيقة حداد على روح يوسف السباعي.

أيضًا من الأعمال الرائعة التي جسدت البطولات المصرية فيلم الطريق إلى إيلات، الذي قام ببطولته عزت العلايلي ونبيل الحلفاوي وصلاح ذو الفقار ومحمد سعد وعبد الله محمود وغيرهم، وأخرجته إنعام محمد علي.

والمثير أن الأبطال الحقيقيين للعملية حضروا تصوير بعض مشاهد الفيلم، بل إنهم ساهموا في حل بعض المشكلات التي واجهت فريق العمل بالفيلم، ومنها مشكلة الشباك الحديدية التي كان قد انتهى العمل بها وقت تصوير الفيلم، وتم استبدالها بالمسح الإلكتروني والراداري، فتم عمل شباك من الحبال، واقترح عليهم أحد الأبطال الذي كان مرافقًا لهم أن يقوموا بطلائها بشحم كربوني أسود، فتبدو كأنها شباك حديدية.

تلك الأعمال الفنية وغيرها من الأعمال الرائعة التي جسدت بطولات حرب أكتوبر، رغم الجهد الكبير الذي بُذل فيها، إلا أنها لم تُعبّر حتى الآن عن حرب أكتوبر كما ينبغي، وما زلنا بحاجة إلى أعمال أخرى كثيرة رغم تكلفتها العالية.

ولكن تبقى رسالة يجب أن يعيها الجميع جيدًا، وهي أن مصر لديها خطوطًا حمراء، وأنها لن تسمح أبدًا بأي تهديد لأمنها القومي أو أي مساس بترابها الغالي، وأن الرصاصة لا تزال في جيبنا وستظل لحماية أرضنا ووطننا.

إعلان

إعلان