إعلان

يوم من أيام المصريين!

سليمان جودة

يوم من أيام المصريين!

سليمان جودة
08:15 م الأحد 11 يوليو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان الخميس ٨ يوليو يوماً من أيام المصريين؛ لأنهم استطاعوا فيه مع الأشقاء في السودان خلق درجة من الوعي بقضية سد النهضة الإثيوبي في العالم!

ففي مساء ذلك اليوم كان من النادر أن تتطلع إلى شاشة عربية، أو إقليمية، أو دولية، إلا وترى وقائع جلسة مجلس الأمن منقولة على الهواء، وإلا وترى وزير الخارجية سامح شكري يلقي خطابه في المجلس، أو يرد على سؤال في مؤتمر صحفي، وإلا تلاحظ الشيء نفسه بالنسبة للسيدة مريم المهدي، وزيرة الخارجية في السودان، التي لا تزال تثبت بأدائها اللافت أنها حقاً ابنة أبيها.

وكان هذا كله مجرد عينة من كلام كثير قيل في قاعة المجلس في ذلك المساء، وكان انعقاده بناءً على دعوة مصرية سودانية عاجلة، وبناء على مشروع قرار تقدمت به تونس بوصفها العضو العربي الوحيد فيه حالياً. وفي كل الحالات كانت الجلسة التي بدت عاصفة من بين دواعي اطلاع العالم على أبعاد قضية السد الذي تحاول إثيوبيا التقليل من خطورته على دولتي المصب. والغالب أن الجلسة الصاخبة نجحت في وضع القضية في إطار بارز لعل العالم ينتبه.

ومن معالم الطريق إلى انعقاد الجلسة يتبين لك أن هناك توجهاً دولياً لتكليف الاتحاد الأفريقي باستكمال ما كان قد بدأه في طريق التفاوض بين الدول الثلاث.

تستطيع أن ترى هذا في بيان الخارجية الأمريكية على لسان متحدثها الرسمي تيد برايس، وتستطيع أن تراه بالدرجة نفسها في بيان صدر عن الأمم المتحدة من مقرها في نيويورك.

وإذا حدث، وأعيد الملف الى الاتحاد فسوف يكون مجلس الأمن شريكاً معه هذه المرة، وسوف يكون على الاتحاد أن يتعرض للقضية بشكل مختلف. شكل يختلف عن حال الملف على مدى فترة امتدت سنة ونصفا كانت قضية السد خلالها يجري العمل عليها تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وكان نصيبها من الإنجاز لا يسجل أي تقدم؛ فالقضية ظلت في مكانها طوال عام كامل كانت جنوب أفريقيا ترأس خلاله الاتحاد، ثم على مدى النصف الأول من هذه السنة التي كانت الكونغو الديمقراطية خلالها ترأسه، ولا تزال كذلك.

ولأمر ليس مفهوماً كانت أديس أبابا تتمسك بأن يكون الاتحاد هو بيت القضية، بحيث لا تغادره إلى بيت آخر ولا إلى منصة أخرى. ولم يكن لدى القاهرة ولا لدى الخرطوم اعتراض من حيث المبدأ على أن تبقى القضية داخل بيتها الأفريقي، لكن بقاءها في داخله لم يكن هدفاً في حد ذاته ولا يتعين أن يكون، وإنما الهدف هو الوصول إلى حل، وهو التحرك تحت سقف زمني له حدود، وليس مفتوحاً بغير أفق تراه مصر والسودان. وهذا ما كان مشروع القرار الذي تقدمت به تونس حريصاً على أن يوضحه بطريقة لا يلتبس معها الموضوع على أحد.

مشكلة إثيوبيا أنها تتصور أن المفاوضات يمكن أن تمتد بلا نهاية، ويمكن أن تظل استهلاكاً للوقت دون الوصول إلى شيء، وهذا ما جعل القاهرة والخرطوم تتوجهان إلى مجلس الأمن، وما جعل الخرطوم تعلن أنها لن تعود إلى طاولة التفاوض ما لم يغير المفاوض الإثيوبي من عقليته ومنهجه وأسلوبه، وإلا فإن التفاوض يصبح عملية ممتدة من العبث!

القضية إذن أن يكون التفاوض ذا إطار زمني له آخر، يتم عنده التوصل إلى اتفاق ملزم، وأن يكون مثل هذا الاتفاق محكوماً بالقانون الدولي الخاص بالأنهار حول العالم، وما عدا ذلك، فهو استمرار في عبث لن يؤدي في النهاية إلى شيء!

وحين يكون مجلس الأمن شريكاً مع الاتحاد الأفريقي في استئناف ما كان قد جرى طوال العام ونصف العام دون فائدة، فإن ذلك في حد ذاته ضمانة لقطع الطريق على مفاوض إثيوبي، لا يريد حتى اللحظة أن يتصرف بمسئولية، ولا يريد أن يرى عواقب ذلك عليه.

إعلان