إعلان

عمل أصيل للبرلمان!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

عمل أصيل للبرلمان!

سليمان جودة
07:04 م الأحد 24 يناير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يتطلع كثيرون بيننا هذه الأيام إلى قضية استدعاء وزراء في الحكومة أمام مجلس النواب بكثير من الاستغراب والدهشة، وينظرون إلى ما جرى في هذا النطاق وما سوف يجري من نوعه على الأيام المقبلة، ولسان حالهم يتساءل عما إذا كان وراء ما يتم مقدمات لتعديل وزاري، وعما إذا كان مجلس النواب الجديد سوف يستمر في هذا النهج في سنواته الخمس أم لا.

أما عن التساؤل الأول، فلا أظن أن صاحب القرار في حاجة إلى مقدمات من هذا النوع، إذا ما أراد إجراء تعديل وزاري على الحكومة؛ فتقييم الحكومة في مجملها وعلى مستوى أعضائها يتم أولاً بأول منذ اليوم الأول لها في مقاعد الحكم. والطبيعي أن مؤشرات هذا التقييم في كل مراحله من جانب الأجهزة المعنية هي التي تحكم أي تعديل أو تغيير حكومي في النهاية، وصانع القرار ليس في حاجة إلى الانتظار حتى تكون الرقابة على أعمال الحكومة على يد البرلمان- هي مقدماته نحو التغيير أو التعديل.

بالطبع يمكن جداً أن تكون مؤشرات مثل هذه المساءلة البرلمانية على الحكومة من بين الأشياء التي يجري الاعتماد عليها في موضوع التغيير الحكومي أو التعديل، ولكنها في حد ذاتها ليست كل المؤشرات، وليست هي التي يمكن اعتمادها وحدها سبباً وحيداً للذهاب بهذا الوزير أو للمجيء بذاك في مكانه، أو حتى لاستبدال رئيس حكومة جديد بالرئيس الموجود على رأس الحكومة!

وفي مقام البحث عن إجابة للسؤال الخاص بمدى قدرة مجلس النواب على الاستمرار في هذا النهج طوال سنواته الخمس، فلا بد أن ننتبه إلى عدة أشياء منها على سبيل المثال أننا إزاء برلمان وليد، وفي حاجة إلى أن يقدم نفسه للجماهير، وأن مساءلة الحكومة بالطريقة التي تمت وتتم هي الوسيلة الأسرع في تقديم هذا البرلمان إلى الناخب الذي أتي به إلى مقاعده.

والشيء الثاني أن انطباعاً سلبياً ساد لدى كثيرين عن البرلمان الماضي وأن قناعة استقرت لدى هؤلاء الكثيرين بأن ذلك البرلمان لم يسائل الحكومة بما يكفي.

وهذا الأمر بدوره يضع مسئولية ضخمة على البرلمان الذي لا يزال يتلمس خطواته الأولى ، ويجعله مدعواً إلى بذل جهد مضاعف- جهد يبدد به الصورة القديمة عن البرلمان القديم، ثم جهد آخر مضاف يضعه في مربع مختلف عن المربع الذي يضم برلمان الدكتور علي عبدالعال.

والشيء الثالث أن الناس طوال السنوات الخمس التي قضاها البرلمان السابق في مقاعده ، يبدو أنهم نسوا أو كادوا ينسون أن ممارسة الرقابة على أعمال الحكومة عمل أصيل للبرلمان، أي برلمان في العالم المعاصر، وأن ممارسة هذه المهمة بجد وباستمرار هي تقريباً التي تميز برلمانا على آخر.

وربما نتذكر الآن كيف أن تساؤلات بلا حصر كانت تملأ فضاء الحياة العامة طوال سنوات البرلمان الماضي عن سبب تقصيره في ممارسة دوره الرقابي على أعمال الحكومة، وعن اليوم الذي سيجيء لنرى فيه برلمان البلاد يمارس مهمته الرقابية تجاه الحكومة على النحو الواجب.

وقد استحضر البرلمان الجديد هذا اليوم بشكل من الأشكال منذ لحظات انعقاده الأولى، ورأيناه وهو يستدعي وزيراً وراء الآخر، ثم وهو يخضعهم لمساءلة استحوذت على جانب كبير من اهتمام الرأي العام.

ولا يملك المستشار حنفي جبالي، رئيس البرلمان، سوى أن يمنح برلمانه هذه الفرصة على الدوام ، وسوى أن يشجع نواب الأمة على أن يواصلوا العمل في هذا الطريق إلى نهايته، وسوى أن يظل يبني على الانطباع الأول الذي وصل الناس من خلال هذه المساءلات البرلمانية للحكومة.

فبرلمان دون أداء هذه الوظيفة الرقابية التي هي إحدى وظيفتيه يظل ينقصه الكثير.

إعلان