إعلان

هنا عاصمة اللاءات الثلاثة!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

هنا عاصمة اللاءات الثلاثة!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 25 أكتوبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

رغم من أن الإمارات أطلقت علاقاتها مع إسرائيل في سبتمبر الماضي ، ورغم أن البحرين أطلقت علاقاتها مع تل أبيب في خلال الشهر نفسه وفي ذات اليوم ، ورغم أن ذلك تم في حفل تابعناه في العاصمة الأمريكية ، ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال يبشرنا بأن دولاً عربية أخرى قادمة على ذات الطريق ، إلا أن السودان فيما يبدو هو الدولة الأهم في هذا الطريق!

السودان يبدو الأهم في هذه القصة بالنسبة لإسرائيل على الأقل ، لسبب سوف أشير إليه حالا.

والحقيقة أن الصورة التي التقطتها وكالة الأنباء الفرنسية من داخل البيت الأبيض مساء الجمعة ٢٣ أكتوبر ، ثم نشرتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في صدر صفحتها الأولى في اليوم التالي قد استوقفتني طويلاً ، لأن فيها أكثر من معنى!

الصورة كانت للرئيس ترامب وهو جالس إلى مكتبه البيضاوي ، بينما وراءه يقف مسئولوه عن يمينه وعن يساره ، وبينهم مايك بومبيو ، وزير الخارجية ، وجاريد كوشنير ، صهره ومستشاره الذي يروح ويجيء بين دول المنطقة ، ويتولى ملف صفقة القرن الشهيرة!

كان المسئولون ثمانية ، أربعة منهم كانوا يقفون عن يمين الرئيس ، وأربعة عن يساره ، وكان هو يتحدث من التليفون الأرضي مع الفريق عبد الفتاح البرهان ، رئيس المجلس السيادي الانتقالي في السودان ، وبنيامين نتنياهو ، رئيس وزراء إسرائيل ، ويعلن أنهما اتفقا على بدء العلاقات التجارية والاقتصادية بين بلديهما.

استوقفتني الصورة؛ حيث جرى التقاطها يوم ٢٣ أكتوبر ، ولأن انتخابات الرئاسة الأمريكية يوم ٣ نوفمبر ، أي أن أمام ترامب عشرة أيام فقط لا غير .. فبعدها إما أن يفوز ترامب، ويبقى أربع سنوات أخرى وأخيرة في مكتبه ، أو يغادر ليجلس المرشح جوزيف بايدن في مكانه!

وهذا على وجه التحديد هو ما يجعله يسعى بهذه الطريقة المحمومة ليضم العدد الأكبر من الدول العربية إلى طريق تطبيع العلاقات مع إسرائيل! فهو يعرف أن هذا السعي من جانبه سوف يصب في النهاية في صندوق الاقتراع لصالحه ، لأن سعيه بهذا الشكل المتسارع سوف يجعل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة يزداد رضاً عنه ، وسوف يدعو لانتخابه بالتالي ، وسوف يقف إلى جواره بالتأكيد ضد بايدن.

وهذا اللوبي معروف عنه أن له نفوذاً في داخل أمريكا ، ومعروف أنه يستطيع ترجيح كفة مرشح على كفة مرشح آخر ، ولذلك ، فوقوفه مع ترامب له تأثير مباشر في صناديق الاقتراع!

ولا يريد الرئيس الأمريكي أكثر من أن يصطف هذا اللوبي بجانبه ، وفي سبيل هذا الغرض يفعل ترامب كل ما في إمكانه!

وكلها أيام معدودة على أصابع اليدين لنعرف بعدها إذا ما كان هذا السعي قد أثمر بالفعل، أم أن الناخب الأمريكي الذي يتابع أداء الرئيس على مدى أربع سنوات سوف يكون له رأي آخر!

أما لماذا السودان تحديداً كما أشرت في أول هذه السطور ، فلأن الخرطوم كانت قد استضافت مؤتمر القمة العربية الشهير في عام ١٩٦٧ ، الذي كان بدوره قد أطلق بعد هزيمة الخامس من يونيو في ذلك العام ، لاءات ثلاثة شهيرة هي : لا صلح ، ولا اعتراف ، ولا تفاوض مع إسرائيل!

وهذا ما لم يجد نتنياهو حرجاً في الإشارة إليه ، وهو يتحدث عن الاتفاق مع حكومة الدكتور عبد الله حمدوك في الخرطوم على البدء في علاقات تجارية واقتصادية بين البلدين!

من ١٩٦٧ إلى ٢٠٢٠ نصف قرن بالإضافة إلى ثلاث سنوات ، وهي فترة تغري بالكثير من التأمل ، وبالكثير من العبر ، وبالكثير من الدروس ، وبالكثير من التساؤلات.

إعلان