إعلان

إثبت ياض..!

د. سامي عبد العزيز

إثبت ياض..!

د.سامي عبد العزيز
04:24 م الأحد 01 سبتمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بداية، أعتذر عن لغة عنوان هذا المقال؛ فهي عبارة تأتي في إعلان لإحدى شركات المحمول المصرية، ويتكرر.. ومن قبلها وفي نفس الإعلان.. إنت مين ياض؟.. عبارات تأتي على وجه ثلاثة شباب يركبون "موتسيكل" وطريقة أدائهم توحي بتعاطيهم شيئاً غير قانوني وغير صحي.

هذا الحوار دعاني لأكتب هذا المقال. نعم البساطة مطلوبة في اللغة الإعلانية.. نعم المواقف الطبيعية الحياتية التوحد معها يسهل توصيل الرسالة وتحقيق الهدف البيعي . نعم الإبداع مطلوب، ولكنّ للإبداع حدودًا.. حينما يأتي بنماذج غير إيجابية، خاصة أن التكرار الإعلاني، وهو أهم عوامل أدوات التأثير، يعمق ويسهل التوحد مع النماذج السلبية.

وهنا يصبح السؤال: من المسئول؟.. هل المعلن أم الوكالة أم الوسيلة؟.. أقول إن المسئولية تبدأ من المعلن الذي لا بد أن يعرف أن الاتجاه السلبي نحو الإعلان يؤثر بالسلب على اسم العلامة التجارية. وعليه أن يدرك أن هناك فرقًا بين الإعلان وفكرته في جذب الانتباه سريعاً، ولكنه أصاب العلامة التجارية بخدوش وكدمات.

وامتداداً لموضوع المقال، فلا بد أن أشيد بإعلانات، بل أقول بحملات بنوكنا الوطنية الحكومية.. فإعلانات البنك الأهلي بحق تحمل لمسات إبداعية وروحًا مصر ومدخلًا ذكيًا. وإعلانات بنك مصر بها من الحس الوطني والاجتماعي الكثير والكثير.

وتطور إعلانات بنك القاهرة يبشر بتطور يحدث داخل البنك.

ويبقى أن أقول وأعيد وأزيد: أين دراسات تقييم اتجاهات المستهلكين نحو الإعلانات التي تتم من خلال مراكز بحثية مستقلة أو جهات علمية، مثل كلية الإعلام، جامعة القاهرة وغيرها من الجامعات.

وقد حدث أن وصلتني رسالة دكتوراه تقيس اتجاهات الرأي العام نحو حملة الإصلاح الاقتصادي التي أطلقها وأدارها البنك المركزي بالتنسيق مع الحكومة برئاسة م. شريف إسماعيل آنذاك. وتبين من هذه الدراسات أن الرأي العام متابع ومتفاعل مع الحملات وعبر الوسائل التقليدية، وليس كما يشاع فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ثم تأكد لي هذا من خلال دراسة أجراها صندوق النقد الدولي تبين أن الاستراتيجية الاتصالية التسويقية التي تبناها المركزي ودعمها بطريقته الخاصة السيد الرئيس كانت أحد عواملها، وهنا أكشف سراً ان هذه الحملة تم تخطيطها بناءً علي دراسة رأي عام بلغ حجمها 5000 مفردة تمثل الشعب المصري ومن خلال مركز علمي في كلية الإعلام جامعة القاهرة في تقبل الرأي العام لتبعات الإصلاح الاقتصادي.

من الحملات القومية المخططة بجودة عالية حملة 100 مليون صحة، وكذلك المرحلة الأولى من حملة 2 كفاية، فمن الواضح أنهما استنتدا إلى دراسة سيكولوجية الشعب المصري.

كما أطالب باستمرار بث حملة الرقابة الإدارية التي تحمل شعار (لو بصينا في المرايا) لسبب أنها تدعم جهود الرقابة وكذلك نوعية وصور الفساد، والأهم أن الممول العالمي وهو منظمة مكافحة الفساد ومن بعدها بنك التنمية الأفريقي وبناء على دراسة تحليلية وميدانية اعتبروها من أكثر الحملات فعالية، مقارنة بحملات أجريت في دول عديدة وأنها نموذج مثالي للتعامل مع أصعب القضايا.

مثل هذه الأمور تؤكد أنه لا يكفي أن تكون مبدعاً وإن كنت بحق مبدعاً، فعليك مراعاة الذوق العام وقيم المجتمع.

وأسأل: هل يمكن لموقع مصراوي أو أي مواقع أو مؤسسة إعلامية أن يتبني فكرة مؤتمر أو ندوة حول القيم التي يبثها الإعلان. كم أتمني أن أسمع استجابة لهذا المطلب.. وللتاريخ أقول إن حملة الضرائب ما كان لها أن تنجح وتحقق اسمها في تاريخ صناعة التسويق الاجتماعي والسياسي ما لم يكن وراءها معلن متعلم، ومبدعون درسوا الرأي العام واستخدموا لغة تجمع بين التوعية والتعليم والدعاية. والأهم أن كل مرحلة كان يتم تقييم أثرها، ومن ثم تعديله.

يا سادة العلم ليس عدوا للإبداع بل العكس تماما.

إعلان