إعلان

عن أزمة قطر و"انقلاب القصر"؟

عن أزمة قطر و"انقلاب القصر"؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:46 م الإثنين 05 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لقد خلقت قطر طوال السنوات الماضية "حالة" في المنطقة العربية، تقوم على قدرة دولة صغيرة على التأثير المتواصل في حالة الاستقرار والأمن في المنطقة ككل، باستخدام مراكز الفكر ووسائل الإعلام الإقليمية والغربية، ماذا على ذلك دولة قطر، حيث لم يتوقف الأمر على قناة الجزيرة، فضلًا عن الأدوات الاقتصادية على تنوعها.

وكانت هذه الحالة ولا تزال بمثابة اللغز، ففي ظل أنه لا يعرف أحد شيئا عما يجري في داخل قطر، فإن الكل يعلم ما تمارسه من سياسات خارجية تهدد من خلالها أمن العديد من الدول، وفي الوقت نفسه تخلق لنفسها دورا لم تستطع أن تمارسه دول أخرى. 

وقد يكون الحديث عن أن الأزمة الحالية تمهد لانقلاب في بيت الحكم في قطر تنتهي بموجبه حالة قطر كدولة تمارس تاثيرا في المنطقة يفوق حجمها وفق اعتبارات الجغرافيا السياسية، فيه قدر من المبالغة، فدروس التاريخ تشير إلى أن إسقاط نظام الحكم في أي دولة يمكن تحقيقه من دون اتخاذ هذه الإجراءات.

وبالتالي من المهم وضع أزمة قطر مع الدول العربية الست، والتي تضمنت قطع العلاقات الدبلوماسية واتخاذ عدد من الاجراءات الاقتصادية ضدها في سياقها. وأذكر هنا ثلاث نقاط رئيسية تميز السياق المصاحب لهذه الأزمة.

أولًا إن نجاح قطر في ممارسة التأثير في المنطقة طوال السنوات الماضية لم يرتبط بقبول دول الخليج الأخرى أو الدول العربية لتلك الممارسة، أي لم يرتبط بالشرعية الإقليمية، حيث ظلت تمارس سياساتها رغم رفض دول الخليج لها، وتعد أزمة سحب السفراء من قبل كل من الإمارات والسعودية والبحرين في مارس 2014 دليلا واضحا على ذلك.

ثانيًا إذا كان هناك خطوط حمراء رسمتها كل من الإمارات والسعودية بصورة رئيسية تجاه قطر وكان تخطي قطر لها سببًا في أزمة سحب السفراء وكذلك في الأزمة الحالية، فإن هناك أيضًا خطوط حمراء أو سقف لتصعيد كل من البحرين والسعودية والإمارات ضد قطر. فمن ناحية، يظل التوجه الخليجي هو الحفاظ على استقرار الوضع الداخلي في قطر تجنبا لامتداد التأثير السلبي لحالة عدم الاستقرار فيها إلى دول الخليج المجاورة. 

ومن ناحية أخرى، لا تسمح هذه الدول بأن تظهر في صورة الدول التي لا تدافع عن بعضها، ولذا تململت دول الخليج من اتجاه مصر للتصعيد مع قطر بعد ثورة 2013 بعد قرار الأخيرة سحب سفيرها من مصر، وكذلك ندد بيان مجلس التعاون الذي صدر في فبراير 2015 بحديث مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية عن دعم قطر للإرهاب ،حيث وصف الاتهامات التي وردت في الحديث بأنها "باطلة تجافي الحقيقة وتتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر مع شقيقاتها دول مجلس التعاون والدول العربية لمكافحة الارهاب والتطرف." 

ثالثًا ارتبط نشاط قطر في المنطقة بوجود العديد من الدول الغربية التي ترى في سياساتها ما يخدم مصالحها، خاصة الولايات المتحدة، فمثلًا كانت قطر وتركيا في فترة باراك أوباما (2009-2016) الراعيان الإقليميان لمشروعه الخاص بالتغيير في المنطقة، ولذا لم تعترض واشنطن على سياسات قطر ولم تعوق أي منها. فعلى سبيل المثال، لم تدعم هي وغيرها من الدولة الغربية الخطاب الرسمي للدولة المصرية في المحافل الدولية والذي أصبح يؤكد دومًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية في مواجهة أي دولة تدعم الإرهاب، في إشارة ضمنية لقطر وتركيا، كما لم تؤيده دول عربية أخرى. 

وبالتالي، يمكن القول إن ما اتخذ من إجراءات حتى الآن يهدف لتغيير سلوك قطر تجاه جيرانها في الخليج، وإلى تغيير المشروع السياسي الذي تتبناه في المنطقة والذي تتأثر به مصر، والذي يقوم كما تكشفت أبعاده خلال السنوات الماضية على دعم التغيير في المنطقة وتمكين قوى المعارضة سواء التي تمارس العمل السياسي السلمي أو التي تمارس العنف والإرهاب. 

ومع استمرار حالة السيولة التي تمر بها المنطقة العربية، فضلا عن عدم وجود تأييد غربي لما اتخذ من إجراءات بهدف الضغط على قطر لتغيير مشروعها السياسي في المنطقة ومن ثم سياساتها، فإن ما يمكن أن تحققه الإجراءات التي اتخذتها كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر بصورة رئيسية هو تقليص مساحات التأثير التي تمارسها قطر في المنطقة.

إعلان