إعلان

المستر.. و"خرطوم القلي"!

الكاتب الصحفي حسين البدوي

المستر.. و"خرطوم القلي"!

04:44 م الإثنين 11 يناير 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم- حسين البدوي:

في طفولتي لم أكن أعلم تفسير نظرية أستاذ اللغة الإنجليزية في المدرسة الابتدائية الذي كان يستخدم "خرطوم" بطول متر ونصف المتر تقريباً ليس لضرب تلاميذه، فقط لترهيب التلاميذ من "لسوعة خرطوم القلي والشوي" كما كنا نسميه.

لا أتذكر أن أحد أصدقائي كان قد جرب خرطوم مدرس الإنجليزي ولكن فقط صوت ضربة الخرطوم في أول طابق بالمدرسة كان كفيلاً لردع غوغائية من يجلس في الطابق الأخير، بينما رنين الخرطوم في سقف الفصل أو على المنضدة كان كافياً لوضع كل شخص في دائرة التفكير لأكثر من مائة مرة قبل أن يبدأ يومه دون مذاكرة دروس الأيام السابقة والتأكد من حل جميع الواجبات.

ومن هنا فأرى أن كيم جونغ-أون زعيم كوريا الشمالية عندما قام باستعراض القنبلة الهيدروجينية كان يفكر بنفس نظرية "خرطوم القلي" فقط لترهيب وردع من تخول له نفسه أن يمس بأمن كوريا الشمالية، وليس الدخول في حرب نووية.

والمتابع للملف الدولي لن يتعجب من ردود فعل الولايات المتحدة الأمريكية بعد الاستعراض الذي قدمته كوريا الشمالية، حيث حلقت بالأمس قاذفة أمريكية قادرة على حمل أسلحة نووية فوق القاعدة العسكرية الأمريكية في أوسان بكوريا الجنوبية على بعد 70 كلم جنوب خط الحدود مع الجارة الشمالية في استعراض لقوة الجيش الأمريكي لتستخدم نفس نظرية "خرطوم القلي".

لقد أصبح العالم اليوم بعيداً كل البعد عن حروب الأسلحة، فما كنا نتعلمه في دورة تدريبية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا هو كيف سنواجه حروب "الجيل الرابع" الذي يتحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في معظم خطاباته وهي استخدام القوى الناعمة كوسائل الإعلام على سبيل المثال لتحقيق أهداف التقسيم الداخلي للدول لإنهاك البنية التحتية لكل دولة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه متى تستخدم مصر نظرية "خرطوم القلي" للحفاظ على أمنها القومي، وإلى أي مدى سنستمر في الدخول في مفاوضات جديدة حول سد النهضة الذي تجري أعمال بنائه بشكل أسرع من المفاوضات المستمرة منذ أكثر من عامين.

هل ستتفاوض مصر في حقها من مياه النيل الأزرق؟ هل وضعت وزارة الري والموارد المائية ووزير الخارجية والأجهزة السيادية رؤية لما ستواجهه مصر في السنوات المقبلة؟

أرى أنه من الأجدى أن تدخل مصر مفاوضات لزيادة حصتها من الماء بعد أن تخطينا 90 مليون نسمة وأصبح عجزنا المائي 20 مليار متر مكعب، فالمنطق يقول أن الحصة 55.5 مليار متر مكعب التي تم الاتفاق عليها عام 1959 حين كان عدد سكان مصر 25 مليون نسمة لن تغطي الاحتياج في السنوات المقبلة.

وبالنظر للدراسة الأمريكية التي تقدمت لإثيوبيا عام 1964 سنجد أن السعة التخزينية للسد كانت حين ذاك 11.5 مليار متر مكعب، وعندما طورت دراسة أوروبية لنفس السد كانوا يتحدثون عن 14.5 مليار متر مكعب، لكن ما جعلهم يفكرون في رفع السعة التخزينية لـ 74 مليار متر مكعب، وهي خمسة أضعاف السعة التي كانوا يتحدثون عنها سابقاً، فضلاً أن الـ 74 مليار وهي مجموع حصة مصر والسودان من مياه النيل المتمثلة في (55.5 مليار حصة مصر + 18.5 حصة السودان) هو عدم امتلاك مصر "خرطوم قلي".

المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي مصراوي.

للتواصل مع الكاتب: www.facebook.com/hussein.elbadawy.9

إعلان

إعلان

إعلان