"معلومات الوزراء" يرصد تطورات المشهد الاقتصادي العالمي خلال عام 2025
كتب : مصراوي
مجلس الوزراء
القاهرة - أ ش أ:
سلّط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء، في تقرير جديد، على أبرز ما ورد في التقارير الاقتصادية الصادرة عن المؤسسات والمنظمات الدولية بشأن واقع الاقتصاد العالمي خلال عام 2025، والتحولات التي شهدها، وتوقعات النمو داخل الاقتصادات الكبرى والاقتصادات الناشئة والصاعدة، إلى جانب التطورات التجارية التي شكّلت مسار التوقعات العالمية هذا العام .
واستعرض التقرير أبرز ما جاء في تقرير البنك الدولي بعنوان "النمو الاقتصادي في عام 2025 تحدى التوقعات القاتمة"، والذي تناول تذبذب توقعات الخبراء الاقتصاديين بين التفاؤل والتشاؤم على مدار العام، في محاولة لتقديم قراءة شاملة لأداء الاقتصاد الدولي. وأشار التقرير إلى التقلبات الحادة في مسار الاقتصاد العالمي عام 2025، خاصة فيما يتعلق بتوقعات النمو التي بلغت حاليًا 2.7%، وهو مستوى قريب من بداية العام.
وأوضح التقرير أنه حتى نهاية مارس 2025 كان أداء الاقتصاد العالمي متسقًا مع التقديرات الأولية، قبل أن تتبدل الصورة في أبريل إثر الزيادات الكبيرة في التعريفات الجمركية، والتي تسببت في ارتفاع غير مسبوق في حالة عدم اليقين التجاري، ما دفع الخبراء إلى خفض توقعاتهم. وبحلول مايو جرى خفض توقعات النمو العالمي بمقدار 0.4 نقطة مئوية، قبل أن يستعيد الاقتصاد العالمي زخمه لاحقًا، إذ لم تتسبب صدمة الرسوم في التراجع الحاد المتوقع، واستمر النشاط في العديد من الاقتصادات، مما سمح بعودة التوقعات إلى مستوياتها السابقة.
وأشار التقرير إلى أن هذا النمط بات مألوفًا منذ الجائحة؛ إذ تجاوز الاقتصاد العالمي التوقعات مرارًا، وحقق نموًا فاق المتوقع خلال الفترة 2022-2024، بمتوسط 0.3 نقطة مئوية أعلى من التقديرات، وأسهمت الولايات المتحدة وحدها بأكثر من 60% من هذه المفاجآت الإيجابية.
وفي عام 2025 شهدت الولايات المتحدة أكبر تقلب في توقعات النمو بين الاقتصادات الكبرى؛ إذ هبطت التوقعات من 2.2% في يناير إلى 1.2% في مايو قبل أن تعود إلى 2% في نوفمبر، مدعومة بقوة الاستثمار المرتبط بالذكاء الاصطناعي وانخفاض الفائدة واستمرار الدعم المالي. كما ارتفع النمو المتوقع في الاقتصادات المتقدمة الأخرى إلى 1.4% بفضل تراجع التضخم وانخفاض أسعار الفائدة والإجراءات المالية المستهدفة.
ولفت التقرير إلى الدور المحوري للتطورات التجارية في تشكيل التوقعات العالمية، مشيرًا إلى أن وتيرة فرض القيود التجارية تباطأت خلال الشهور الأخيرة، كما انخفض عدم اليقين التجاري إلى مستويات مقاربة لبداية العام. وأسهم ذلك، إلى جانب تقدم المفاوضات الثنائية، في تعزيز ثقة الأعمال. كما أظهر النشاط التجاري قوة غير متوقعة؛ إذ نما حجم التجارة العالمية للبضائع بمعدل 4.8% شهريًا حتى سبتمبر 2025 مقارنة بـ2.5% في 2024، بفضل استعدادات الشحن المبكرة قبل تطبيق الرسوم، وقدرة الشركات على تعديل سلاسل الإمداد، إلى جانب استمرار قوة تجارة الخدمات.
وأضاف التقرير أن الاقتصادات الناشئة والصاعدة، التي تمثل 40% من التجارة العالمية، استفادت من الاتفاقيات الإقليمية العميقة التي دعمت النشاط الاقتصادي وساعدت على تخفيف أثر القيود التجارية. كما أسهمت التطورات المالية والسلعية في إعادة الزخم؛ إذ تيسرت الظروف المالية عالميًا خلال الربيع، وارتفعت الأسهم، وضعف الدولار، وانخفضت أسعار النفط بنحو 12% منذ بداية العام.
ورغم هذه التطورات الإيجابية قصيرة الأجل، أكد البنك الدولي أن النمو العالمي في 2025 يظل أقل من المتوسط المسجل بعد الجائحة ومن بين أضعف المستويات منذ 2008، محذرًا من أن ارتفاع المخاطر أو موجة جديدة من القيود التجارية قد يؤثر سلبًا على الآفاق الاقتصادية.
وتناول تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بعنوان "التوقعات الاقتصادية لعام 2025"، التطورات في اقتصادات دول المنظمة وعدد من الاقتصادات الأخرى. وأكدت المنظمة أن الاقتصاد العالمي أظهر قدرة على الصمود أكثر مما كان متوقعًا، لكنه ما يزال يواجه اختلالات ملحوظة؛ إذ لم تظهر بعد الآثار الكاملة للرسوم المرتفعة، رغم انعكاسها على تكاليف الشركات وأسعار المستهلكين خاصة في الولايات المتحدة. كما شهدت التجارة العالمية تباطؤًا بعد الاندفاع القوي لتجارة السلع في بداية العام.
وتوقع التقرير أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 3.2% في 2025 إلى 2.9% في 2026، قبل أن يتحسن إلى 3.1% في 2027، مع استمرار تخفيضات أسعار الفائدة وعدم التوسع في التشديد المالي رغم الضغوط على الموازنات. كما رجّح التقرير تراجع التضخم في دول مجموعة العشرين إلى 2.8% في 2026 ثم 2.5% في 2027.
وعلى مستوى الاقتصادات الكبرى، توقع التقرير أن ينخفض نمو الناتج المحلي الأمريكي من 2% في 2025 إلى 1.7% في 2026 قبل أن يستقر عند 1.9% في 2027، فيما يتوقع أن يبلغ النمو في منطقة اليورو 1.3% في 2025 ثم 1.2% في 2026 و1.4% في 2027. كما يتوقع أن يتباطأ نمو الصين من 5% في 2025 إلى 4.4% في 2026 ثم 4.3% في 2027.
وأشار التقرير إلى أن المخاطر المحيطة بهذه التوقعات كبيرة، خاصة إذا اتسعت الحواجز التجارية أو تم فرض قيود جديدة على صادرات حيوية، ما قد يضعف النمو ويزيد عدم اليقين ويؤدي إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية. وأوصى التقرير بضرورة خفض التوترات التجارية، وضمان تراجع التضخم بشكل مستدام، وتعزيز الاستقرار المالي، ووضع مسارات مالية تضمن استدامة الدين العام، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز الإنتاجية وتدعم القدرة على التكيف مع الصدمات.
وفي سياق متصل، استعرض مركز المعلومات تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) حول أوضاع التجارة والتنمية والتمويل عام 2025، والذي تناول الترابط العميق بين التجارة والتمويل وتأثيرهما في تشكيل خريطة الفرص والقيود عالميًا.
وأوضح التقرير أن أكثر من 90% من التجارة العالمية بات يعتمد على التمويل، ما جعل النظام المالي يلعب دورًا موازيًا للنشاط الاقتصادي الحقيقي في تحديد اتجاهات التجارة وفرص النمو. وأشار إلى أن عام 2025 شهد انتعاشًا مؤقتًا في التجارة بسبب تهافت الشركات على الشحن قبل تطبيق الرسوم الأمريكية الجديدة، إلى جانب دور الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذا الزخم سرعان ما تراجع ليهبط نمو التجارة من 4% إلى مستوى يتراوح بين 2.5% و3%.
وأضاف التقرير أن التباطؤ التجاري يتواكب مع تباطؤ أكبر في الاقتصاد العالمي؛ إذ يتوقع انخفاض النمو من 2.9% في 2024 إلى 2.6% في عامي 2025 و2026، وهو مستوى أدنى من الاتجاهات التي سبقت الجائحة. كما أشار إلى ضعف الزخم في الاقتصادات الكبرى، مع تباطؤ الولايات المتحدة إلى 1.8% في 2025 و1.5% في 2026، وتراجع الصين من 5% إلى 4.6%، مقارنة بمتوسط بلغ 6.7% قبل الجائحة.
وأبرز التقرير أن الترابط بين التجارة والتمويل أصبح أوثق من أي وقت مضى، مع اعتماد التجارة على خطوط الائتمان وأسعار الصرف وشبكات البنوك الدولية، ما جعلها أكثر حساسية لتحولات أسعار الفائدة ومعنويات المستثمرين. وأشار إلى أن أكثر من 75% من دخل أكبر شركات تجارة السلع الزراعية يأتي من الأنشطة المالية وليس من تجارة السلع نفسها.
كما أكد التقرير أن ضعف أسواق رأس المال في الدول النامية يقلل قدرتها على تعبئة التمويل، ويرفع تكلفة الاقتراض التي تتراوح ما بين 6% و12% مقارنة بـ1% إلى 4% في الاقتصادات المتقدمة، ما يحد من قدرتها على الاستثمار في البنية التحتية والابتكار والمرونة المناخية.
وطرح التقرير مجموعة من الإصلاحات المقترحة لتعزيز التوافق بين التجارة والتمويل والتنمية، تشمل إصلاح آليات تسوية النزاعات التجارية وتقليص عدم اليقين، وسد فجوات البيانات المتعلقة بالتجارة والاستثمار، وإصلاح النظام النقدي الدولي للحد من تقلبات العملات. كما دعا إلى تعزيز أسواق رأس المال المحلية والإقليمية وتوسيع الوصول إلى التمويل التجاري الميسر، خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تحسين الشفافية في تجارة السلع الأساسية.
هذا المحتوى من