استشاري التطوير المؤسسى بدبي: "السعادة" ليست مرتبطة بالدول الغنية (حوار)
كتبت- مادي غيث:
تصوير - علاء القصاص:
السعادة، كلمة يبحث عنها البشر على اختلاف مذاهبهم وانتمائهم، يراها البعض في المال، وغيرهم في الصحة، وآخرون في السلطة، كل حسب احتياجه، ما يجعل السعادة مفهومًا متغيرًا من شخص لآخر، ولكن ماذا عن السعادة المؤسسية، هنا توضح لنا سالي مبروك، استشاري تطوير المؤسسي بدبي، معنى السعادة المؤسسية، وتستعرض دور ومهام وزارة السعادة.
ما معنى السعادة المؤسسية؟ وهل توجد وظيفة تسمّى "مسؤول السعادة"؟
وظيفة مسؤول السعادة المؤسسية موجودة بالفعل في عدة مؤسسات بعض الدول، فضلًا عن عدة جامعات بدأت تؤهل طلابها لوظائف مسؤولي السعادة المؤسسية، وهناك أيضًا وظيفة الرئيس التنفيذي للسعادة، فيما يوجد وظيفة أخرى مهمتها الأساسية وضع خطط تطويرية لمؤسسات يُطلق عليها "علم النفس المؤسسي"، وتهدف إلى توجيه السلوك للأفراد، لتحقيق القيم التي تخلقها المؤسسة، ومنها شركة جوجل، وأبل، ومعروف عنهما أن أول قيمة مؤسسية لهما هي قيمة الابتكار والإبداع.
دورنا لا يقتصر على وضع أهداف لتحفيز الموظفين ليكونوا مبدعين، بل يشمل تحديد سلوك محدد يتخذه أفراد المؤسسة، باختلاف فئاتهم، من القادة وحتى الموظفين.
كيف يتم قياس مستوى سعادة الدول؟ وأي دولة تحتل المركز الأول؟
هناك ما يُسمى بالمؤشر الدولي للسعادة، ويتم استخدامه من خلال منظمة التنمية الاقتصادية، وهي منظمة مسؤولة عن إجراء المسح على مستوى الدول، وبالتالي نرى ترتيب كل دولة، فضلًا عن أننا نستطيع حاليا أن نرى تطور الدول وليس ترتيبها فقط، فمثلا مصر احتلت المركز 130 عام 2013، فيما تحتل حاليا المركز 103، مما يعني وجود تطوّر كبير، من الممكن أن يكون موجها أو غير موجه.
وفيما يخص ترتيب الدول، فدولة الإمارات تحتل المركز الأول على مستوى الوطن العربي، فيما تحتل المركز 21 على مستوى العالم، ويشار إلى أنها استطاعت اتخاذ خطوات استباقية، فمثلا عيّنت وزيرة للسعادة.
ماذا تفعل وزارة السعادة بالتحديد؟ وكيف تدار؟
يعتقد البعض أن وزارة السعادة هي وزارة كبيرة، وبها وكلاء وزارة، وهذا ليس صحيحا، فمثلًا دولة الإمارات بها وزارة سعادة ترأسها عهود الرومي، مديرة مكتب سمو الشيخ محمد بن راشد، وهو ما يُعد منصبا شرفيا.
وفيما يخص مهام وزيرة السعادة بالإمارات، فهي تتعلق بوضع برامج إيجابية لجميع مؤسسات الدولة، فبعض إنجازات الوزارة تمثلت في وضع برامج حسب طبيعة كل وزارة، لتحقيق الأهداف المطلوبة منها، نظرًا لأنه تم اكتشاف أن الابتكار يرتبط بشكل طردي بسعادة العاملين بالمؤسسة.
وتضمنت قائمة إنجازات وزارة السعادة بالإمارات، وضع برنامج كامل يسمى "المدير التنفيذي"، والذي التحق به حوالي ٦٠٠ شخص من قيادات عدد من المؤسسات، فأصبح هناك مدير تنفيذي للسعادة والإيجابية في وزارتي الصحة والتعليم مثلا.
هل تقتصر وزارات السعادة على الدول الغنية فقط؟
لا، فلو نظرنا إلى أغنى المؤسسات العالمية سنجد أنها مؤسسات معرفية وليست بترولية، لأن العالم مقبل على حقبة تقوم على الاقتصاد والمعرفة، وبالتالي الابتكار هو ضرورة حكومية وليست مجرد رفاهية.
والأهم من ذلك أن أول وزارة سعادة تم إنشاؤها في العالم كانت في دولة تسمي بوتان في الهيمالايا، تقع بجانب دولة الهند، وتكاد تكون فقيرة جدًا، ولكن هي من بدأت بتقديم مفهوم السعادة، ثم طوّرت ذلك المفهوم.
هل من إجراءات معينة يتم اتخاذها من قِبل الوزارة لإسعاد المواطنين؟
لا توجد إجراءات معينة يمكن اتخاذها لإسعاد المواطنين، نظرًا لاختلاف مفهوم السعادة من شخص لآخر، ما يجعل من الصعب تحديد إجراءات أو معايير للسعادة، فقبل أن نتحدث عن الإجراءات يجب أن نتمكن من تعريف السعادة، ولهذا لا يجب علينا أن نسأل المواطن هل أنت سعيد أم لا؟ لأن شعور الإنسان متغير مثل نبضات القلب من أعلى لأسفل ومن أسفل لأعلى، وإنما السؤال الأهم هو متى يكون الإنسان سعيدا.
وأنتم كيف تعرّفون السعادة؟
نحن قمنا بعمل "مسح" على المواطنين لمعرفة معنى السعادة، وجدنا أنها تحدد وفق الحد الذي يصل فيه الإنسان لذروة السعادة، فالسعادة هي تدفق طاقة، والسؤال الذي يعمل عليه علم النفس الإيجابي، هو كيف يتم زيادة تدفق الطاقة، وزيادة مدتها.
هل يلجأ المواطنون بطلبات شخصية إلى وزارة السعادة؟
أذكر أن عهود الرومي، وزيرة السعادة بالإمارات، قالت لي ذات مرة، إنها تسلمت في أول عملها طلبات من بعض الأشخاص، لكن وبعد مرور عام من استحداث المنصب، بدأ المواطنون في استيعاب أن دور الوزارة بعيد تمامًا عن الطلبات الشخصية، ويرتبط بالمؤسسات أكثر من الأفراد.
فيديو قد يعجبك: