إعلان

لماذا يستهدف "داعش" الصوفية ويفجر المساجد والأضرحة؟

08:45 م الجمعة 24 نوفمبر 2017

ارشيفية

كتب - محمود أحمد:

لم يكن يعلم "آل جرير" حينما أنشأوا أول زاوية للصوفية على أرض الطور، قبل ما يقرب من اثنين وستين عاماً، أضرحتهم وزواياهم ستُقذف بالصواريخ يوماً ما، وأن مساجدهم سيتم تفجيرها، وأن كبار شيوخهم سيُذبحون أمام الجميع بزعم "الشركية ونشر البدع والسحر".

اليوم الجمعة، خيم الحزن على الشعب المصري باستهداف مسجد الروضة التابعة للطريقة بمركز بئر العبد بشمال سيناء، ما أسفر عن استشهاد 235 شخصًا، وإصابة 109 آخرين.

حادث اليوم، مسلسل متكرر للعنف ضد الصوفية في سيناء، صورة مكبرة لحادث الشيخ سليمان أبو حراز- أحد أكبر شيوخ سيناء البالغ 98 عام- الذي أعلن تنظيم "الرايات السوداء" داعش، ذبحه في نوفمبر من العامة الماضي.

التنظيم الإرهابي لم يكتف بالتحذير، بل فجر وأعدم وذبح "كل من، وما هو صوفي". وخرج ما يعرف بـ"أمير مركز الحِسبة" في حوار بمجلتهم "النبأ" عن صوفيي سيناء، العام الماضي يقول: "أعلموا أنكم عندنا مشركون كفار، وأن دماءكم عندنا مهدرة، ونقول لكم أننا لن نسمح بوجود زوايا لكم في ولاية سيناء".

يفسر علي بكر، الباحث بمركز الأهرام، والمتخصص في الجماعات الإسلامية، تهديدات "داعش" بأنها "عقائدية" يراها التنظيم في تعامله مع التيار الصوفي، حيث يعتبر منهجهم "من الشركيات" التي تخالف الإسلام، وهو ما يفسر تفجيره للأضرحة في العراق وسوريا.

الباحث بمركز الأهرام، يشير إلى أن التنظيم يكره شيوخ سيناء المعروفين بين أبنائها بحسن الخلق والزهد والتصوف، ويعتبرهم مصدر خطر دائم له، فضلًا عن اتهامهم بالتعامل والتقرب من أجهزة الأمن.

ما ذكره "بكر" يتفق مع حديث أمير مركز الحسبة بالتنظيم حينما اتهم الصوفية بأنها "واحدة من أخطر الأمراض التي ابتليت بيها دولة الخلافة" - في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم - متهماً الطريقة الجريرية بقربها من الأمن في سيناء وعلى رأسهم ضباط المخابرات.

جذور الصوفية في سيناء ظهرت بشكل علني حينما انتقل الشيخ الصوفي أبو أحمد الغزاوي من غزة إلى سيناء، وحلّ في جوار صديقه وتلميذه عيد أبو جرير، شيخ عشيرة الجرارات من قبيلة السواركة فشهد عام 1954 نشأة أول مقر للطريقة العلوية الدارقوية الشاذلية.

وحمل أبو جرير رسالة أستاذه، فعمل على نشر زوايا الطريقة في منطقة الجورة بالشيخ زويد، والعريش حتى بلغ قرية الروضة بين العريش وبئر العبد.

وبحسب دراسة نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في يناير 2014، تحت عنوان "الحرب في سيناء: مكافحة إرهاب أم تحولات استراتيجية في التعاون والعداء"، فإن العدواني الثلاثي على مصر عام 1956، أثمر علاقة قوية بين الجيش المصري ومخابراته الحربية وبين صوفية سيناء.

وتشير الدراسة إلى أن الطرق الصوفية في سيناء بلغت أكثر من 12 طريقة أقدمها التيجانية، وأكبرها عددًا العلوية الدرقوية الشاذلية التي تلقاها الشيخ جرير عن الشيخ أحمد الغزاوي، وينتمي أغلب أبنائها لقبيلة السواركة.

بعد حرب أكتوبر، بدأت أفكار التكفير في الانتشار بظهور ما يمسى بـ"الجهاديين"، وعلى رأسهم الجماعة الإسلامية، والتبليغ والهجرة، فأخذت تعبث في سيناء، وتحولت لعبءٍ يهدد التصوف في شبه الجزيرة، حتى أن استيقظ أهل سيناء في 14 مايو 2011، ليروا أكبر أضرحتهم بالشيخ زويد مٌستهدفة بصاروخ "آر بي جي" على يد إحدى هذه الجماعات.

أحد أبناء قبيلة السواركة - رفض ذكر اسمه - يقول لـ"مصراوي"، إن أبناء الصوفية مستهدفين بشكل كبير، حيث تمكن عناصر "داعش" من اختراق مناطقهم، وتهدديهم، وخطف أبنائهم.

ويعلق الشيخ علاء أبوالعزائم - رئيس الاتحاد العالمي للصوفيين وشيخ الطريقة العزمية، على وضع صوفية سيناء وتفجير مساجدهم، بأن التنظيم يحاول القضاء على التصوف الذي ينشر الأخلاق ويساعد على نشر الوسطية في المجتمع، لمواجهته أفكارهم المنحرفة. رغبة منه في تراجع أبناء التيار الصوفي عن منهجهم واتباعه، لافتًا إلى أن عملياته الإرهابية أكبر دليل على إجرامه.

أحمد كامل البحيري، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات بمركز الأهرام للدراسات السياسية، يقول إن هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها تنظيم إرهابي، المدنيين في سيناء، وليست الأولى التي يستهدف فيها الصوفية والمساجد.

وبشأن المساجد يقول الباحث: "دور العبادة بالنسبة للتنظيمات المتطرفة ليست بالقدسية العظيمة، وهناك مساجد يعتبروها وجب الاعتداء عليها".

بينما كان للقيادي بـ"داعش" رأيًا أخر، حينما زعم أن استهدافهم للصوفية لكونهم يعتقدون النفع والضر في الأموات، ويتخذوا شيوخهم وسائط بينهم وبين الله، ويؤدون لهم السمع والطاعة العمياء، ويحملون العداوة لمن وصفوهم بـ"المجاهدين" في سيناء.

مواجهة البدع والانحرافات، ونشر صحيح الدين كانت أداة التنظيم الإرهابي لتبرير عمليات التفجير والقتل والاختطاف وتدمير الأضرحة في سيناء، وهو ما دفع ممثل قبيلة السواركة للقول: "الموضوع لا علاقة له بالدين، تٌفجر المساجد ويُقتل الشيوخ وأبنائها على يد التنظيم، والأضرحة دائمًا تُنتهك".

فيديو قد يعجبك: