هل يتحول قرار رفع رسوم تأشيرة العمال المهرة إلى ضربة للاقتصاد الأمريكي؟
كتب- أحمد الخطيب:
دونالد ترامب
ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع تكلفة تأشيرة العمال المهرة "إتش-1بي" إلى 100 ألف دولار، أي ما يعادل 50 ضعف قيمتها السابقة، أثار حالة من القلق والارتباك داخل قطاع التكنولوجيا العالمي، وألقى بظلاله على مستقبل عشرات الآلاف من العمال الهنود الذين يشكلون العمود الفقري لبرامج التوظيف في وادي السيليكون.
وبحسب التقرير، سارعت شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى إلى مطالبة موظفيها المقيمين حالياً داخل الولايات المتحدة بعدم مغادرتها، فيما اندفع آخرون عبر البحار لحجز رحلات طيران إلى أمريكا قبل بدء تنفيذ القرار، بينما حاول محامو الهجرة فكّ شفرات النصوص القانونية للقرار التنفيذي الجديد.
ما هي تأشيرة "إتش-1بي"؟
تأشيرة "إتش-1بي" هي برنامج أمريكي معمول به منذ أوائل التسعينيات، يتيح للشركات استقدام عمال أجانب ذوي مهارات عالية في مجالات مثل الطب، والهندسة، والبرمجة، والبحث العلمي.
عادة ما تُمنح لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وتعتبر من أكثر التأشيرات تنافسية، حيث يتقدم مئات الآلاف سنوياً للحصول عليها.
وتبلغ الرسوم الإدارية للتأشيرة في الوضع الطبيعي نحو 1500 دولار، أي أن القرار الجديد برفعها إلى 100 ألف دولار يُمثّل قفزة غير مسبوقة تهدد مستقبل البرنامج.
التأثير على الهند وأمريكا
يشكل الهنود أكثر من 70% من حاملي تأشيرات "إتش-1بي"، كما يشغل العديد منهم مناصب عليا في شركات عالمية مثل جوجل، مايكروسوفت، وآي بي إم.
ويقدَّر أن نحو 22% من الأطباء الأجانب في الولايات المتحدة من أصول هندية.
لكنّ محللين يرون أن الأثر الأعمق سيقع على الولايات المتحدة نفسها، إذ سيؤدي القرار إلى نقص العمالة الماهرة في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والبحث العلمي.
قال جيل جويرا، المحلل في مركز نيسكانين لسياسات الهجرة، إن القرار الجديد قد يسبب نقصاً في العمالة داخل الولايات المتحدة على المدى المتوسط والطويل، بما يهدد الابتكار والتنافسية الأمريكية.
كما حذر خبراء من أن ارتفاع تكلفة التأشيرة سيدفع شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى إعادة التفكير في سياسات التوظيف، وربما الاعتماد أكثر على مراكز التشغيل الخارجية والعمل عن بُعد، بما يقلص من فرص استقدام الكفاءات إلى الداخل الأمريكي.
ويتوقع أن يمتد الأثر إلى الجامعات الأمريكية التي تستقبل مئات الآلاف من الطلاب الهنود سنوياً، والذين يمثلون ربع الطلاب الدوليين في البلاد.
وقال سادهانشو كاوشيك، رئيس رابطة الطلاب الهنود في أمريكا الشمالية، إن توقيت القرار جاء "كضربة قاسية"، لاسيما أن كثيراً من الطلاب دفعوا بالفعل رسوم التسجيل والتأشيرة.
وفي المقابل، أعلنت كبرى شركات الاستشارات التكنولوجية الهندية مثل TCS وإنفوسيس أنها بدأت بالفعل في بناء طواقم محلية وتقليص اعتمادها على برنامج التأشيرات الأمريكية، ما يقلل من حجم خسارتها المباشرة مقارنة بالاقتصاد الأمريكي.
وبحسب التقرير، يساهم حاملو تأشيرة "إتش-1بي" وعائلاتهم بما يقارب 86 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد الأمريكي، بينهم أكثر من 24 مليار دولار ضرائب فيدرالية، و11 مليار دولار ضرائب محلية.
ولذلك يرى محللون أن قرار ترامب لن يضر بالعمال الهنود فقط، بل سيشكل اختباراً صعباً لقدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على ريادتها في مجال الابتكار واستقطاب المواهب.