"مقايضة الدين الكبرى".. كيف رأى اقتصاديون ومصرفيون اقتراح هيكل؟
كتب : منال المصري
حسن هيكل
أثار حسن هيكل، رجل الأعمال المصري الجدل مجددا بشأن "المقايضة الكبرى" للدين العام المحلي بمصر، وتحميله للبنك المركزي المصري، بعد أن أعاد نشر اقتراحه مجددا على حسابه على "إكس" تويتر سابقا.
العام الماضي، اقترح هيكل خلال اجتماع ضم عدد من رجال الأعمال مع مصطفى مدبولي رئيس الوزراء حلا من وجهه نظره بخروج مصر من أزمة الدين العام بتحميله للبنك المركزي المصري من خلال إنشاء صندوق للدين.
وقتها، لاقى هذا الاقتراح رفضا واسعا وبالإجماع على مستوى الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين والمحللين باعتبار المركزي ليس الجهة لتحمل هذا الدين نهائيا، وتحذيرهم من أن ذلك يتسبب في انهيار الاقتصاد.
وقبل يومين، أعاد هيكل طرح اقتراحه المثير للجدل، في وقت ارتفع فيه الدين العام للحكومة إلى قرب 15 تريليون جنيه بنهاية العام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2025، وفق بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي. فيما ارتفع الدين الخارجي لمصر لـ161 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وتعكف الحكومة حاليا على إعداد خطة لخفض الدين العام، وتراجع الدين الأجنبي من نحو 45% حاليا إلى 40% أو أقل من إجمالي الناتج المحلي، وفق ما قاله مصطفى مدبولي في وقت سابق. فيما أوضح أحمد كجوك وزير المالية أن إجمالي الدين العام لمصر تراجع من 97% في يونيو 2023 إلى أقل من 85% في نهاية يونيو الماضي.
فكرة هيكل.. 5 مشاهد لكسب التأييد
حاول هيكل تكييف وجهة نظره في محاولة لتقليل موجة الهجوم وجذب مؤيدين لفكرته، طارحا 5 مشاهد للمقايضة الكبرى للدين العام كما وصفها.
المشهد الأول.. الغرق في الديون
افترض هيكل تحمل الدولة المديونية، ومع مرور الزمن تراكمت الفوائد لتصل لتضاعف المديونية أكثر من الضعفين بسبب عبء فوائد الدين. واعتبر أن الحل الطبيعي لهذه الأزمة وقتها يتمثل في طلب البنوك- في إشارة للبنك المركزي المصري- إسقاط الفائدة أو حتى المبلغ كله، مقابل التنازل عن استماراتك لتحصل على الأصول للتصرف بها بما تمتلكه من سيولة تسمح بذلك.
المشهد الثاني.. تدخل البنوك المركزية
يرى هيكل أن البنوك المركزية تدخل في أوقات الأزمات للصالح العام، مشيرا إلى تدخل الفيدرالي الأمريكي في الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.
المشهد الثالث.. تضخم ربحية البنوك
تضخم ربحية البنوك التجارية في مصر خلال آخر 5 سنوات بشكل لافت بسبب استثمارها أموال المودعين في أذون وسندات الخزانة المحلية لتحقيق ربحية مرتفعة.
المشهد الرابع.. الفائدة وأذون الخزانة
رفع سعر الفائدة لمحاربة التضخم ليس بالضرورة القرار الصائب لكبح التضخم بعد أن تراجع متوسط معدل التضخم إلى أٌقل 10% من التضخم الشهري.
وبحسب هيكل فإن أهداف البنك المركزي الحقيقية لرفع سعر الفائدة تتمثل في جذب استثمارات أجنبية في أذون الخزانة وليس فقط محاربة التضخم.
المشهد الخامس.. التهام الفوائد لإيرادات الموازنة
صعوبة استمرار الدولة في تساوي تكلفة فوائد الدين بموازنة مصر مع إجمالي الإيرادات، في ظل محدودية زيادة الموارد إلا من خلال الضرائب والتقليل النسبي في برامج الدعم والصحة وغيره.
عز العرب: اقتراح هيكل.. افتكاسة غير قابلة للتطبيق
علق هشام عز العرب الرئيس لتنفيذي للبنك التجاري الدولي على اقتراح حسن هيكل بعد إعادة نشر على "إكس" ووصفه "بالافتكاسة غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع"، محذرا من أنها "ستؤدي إلى أزمة وليس الخروج منها".
وأوضح هشام: "لو ده حصل، يبقي إعلان إفلاس إحنا تقريبا 40% من الأذون الحكومية مملوكة للأجانب، هاتديهم أصول بدلها؟! ورد فعلهم هيبقى إيه؟ والباقي أموال مودعين عاوز تصادرها وتديهم أصول بدلها هي الناس لقية تأكل؟!!".
وأضاف: "أما الديون الخارجية زي اليورو بوند هتعمل فيها إيه؟ هل هيسمح لك بالحصول على تمويل في المستقبل من الأسواق الدولية يا صديقي؟ هي نظريا افتكاسة لطيفة بس واقعيا غير قابلة للتطبيق، وكلها أسئلة يجب الرد عليها بتفاصيل التعامل مع ردود الأفعال محليا ودوليا وطبعا أنت أكتر واحد فاهم يعني إيه ردود الأفعال".
حل عز العرب لأزمة الدين
يرى عز العرب أن وحدة الموازنة أي ضم الهيئات الاقتصادية في موازنة واحد تعد الحل الأمثل لخفض الدين العام، مستشهدا بتصريح محمد معيط وزير المالية السابق والذي قال فيه إنه لا يري غير 50% من ايراد الدولة.
الحل الثاني للسيطرة على الدين، وفق عز العرب، يتمثل في إفساح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص ليكبر ويحقق النمو والازدهار، ما ينعكس على حصيلة إيرادات الضرائب.
أما الحل الثالث، فيتمثل في وضع سقف للاقتراض كقيمة وليس نسبة من الناتج المحلي وفق عز العرب، الذي أكد أن المشكلة في إيرادات الدولة نتيجة عدم وحدة الموازنة وليس في حجم الدين.
ساويرس يدخل على الخط: سببان للأزمة
بدوره، دخل نجيب ساويرس رجل الأعمال في هذه المناقشة بشكل محدود وأعاد التعليق على هشام عز العرب في أن أزمة الدين للدولة تتمثل في الإيرادات المحدودة وحجم الدين معا.
نافع: المقايضة الكبرى مخاطرة وتخبط
اتفق مدحت نافع الخبير الاقتصادي مع هشام عز العرب حول خطورة تطبيق "المقايضة الكبرى للدين" للبنك المركزي.
وحذر من أن تنفيذ هذه الفكرة سيخلق أزمة أكبر وينقل أزمة الحكومة للجهاز المصرفي، ما يؤدي لتخبط السياسات.
فؤاد: الاقتصاد لا يدار بالافتكاسات
محمد فواد الخبير الاقتصادي، أيد اعتراض هشام عز العرب على تحميل الدين العام للمركزي، موضحا أنه لا توجد في علوم الإدارة والاقتصاد تخريجات وقتية ومعجزات.
وأكد أن الاقتصاد لا يدار بالمبادرات المفاجئة أو "الافتكاسات"، بل بالالتزام الصارم بأساسيات علم الاقتصاد والإدارة الرشيدة، معتبرًا أن أي تجاوز لهذه القواعد لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمة بأدوات مختلفة.