إعلان

من الرابح والخاسر في الحرب التجارية بين أمريكا والصين؟ خبراء يوضحون

كتب- أحمد الخطيب:

05:55 م 14/10/2025

أمريكا والصين

تابعنا على

أكد خبراء اقتصاديون تحدث إليهم "مصراوي" أن عودة التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة تمثل بداية جديدة من الصراع التجاري، الذي سينعكس تأثيره على معدلات التضخم وقوة الدولار وأسعار الفائدة عالميا، مشيرين إلى أن استمرار هذا الاتجاه قد يعيد العالم إلى مرحلة عدم اليقين الاقتصادي التي سادت قبل سنوات.

وخلال الأسابيع الماضية فرضت الإدارة الأميركية رسوما إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية، وردت بكين بخطوات مماثلة، ما أعاد مشهد الحرب التجارية إلى الواجهة بعد فترة من الهدوء النسبي خلال العامين الماضيين.

تأثير مباشر على الفائدة والدولار

قال محمود نجلة المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية، إن عودة الحرب التجارية مجددا سيكون لها أثر مباشر على التضخم في الولايات المتحدة، نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد بسبب الرسوم الجمركية الجديدة.

وأوضح نجلة، أن ارتفاع التضخم سيجعل الفيدرالي الأميركي أكثر حذرا في خفض أسعار الفائدة، وربما يدفعه إلى تثبيتها أو حتى رفعها إذا استمرت الضغوط السعرية، مضيفا أن ذلك سيؤدي إلى تقوية الدولار أمام العملات الأخرى، لأن العملة الأقوى ترتبط دائما بعائد أعلى.

وأشار إلى أن توقعات الأسواق التي كانت تشير إلى خفضين إضافيين للفائدة خلال العام الحالي قد تتغير، بعد أن بدأ المستثمرون يتجهون مجددا إلى شراء السندات الأميركية في ظل احتمالات توقف التيسير النقدي، ما يعزز قوة الدولار في المدى القصير. د

ولفت نجلة، إلى أن ارتفاع قيمة الدولار يعيد توازنات جديدة في حركة رؤوس الأموال، حيث يقل الإقبال على العملات الناشئة، فيما يتزايد الطلب على الأصول الأميركية الآمنة، وهو ما قد يؤثر أيضا على حركة الذهب مؤقتا قبل أن يستعيد صعوده كملاذ آمن.

الذهب يواصل الصعود والنفط يقلل الضغوط التضخمية

وأشار نجلة إلى أن البنوك المركزية في الصين وروسيا تواصل شراء كميات كبيرة من الذهب، في ظل حالة القلق السياسي والاقتصادي عالميا، موضحا أن زيادة الطلب على الذهب واعتباره ملاذا آمنا في أوقات الاضطراب يرفع أسعاره بشكل مستمر.

وأضاف نجلة، أن الاتجاه الصعودي للذهب سيستمر طالما استمرت حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، خاصة مع عودة ترامب وملامح توتر جديد بين واشنطن وبكين، متوقعا أن يظل الذهب في مسار صعودي طوال فترة حكمه المقبلة إذا استمرت سياساته التصعيدية.

وأكد نجلة، أن تأثير ارتفاع الذهب عالميا ينعكس مباشرة على السوق المحلية في مصر، لأن سعر الذهب المحلي يتحدد وفق عاملين رئيسيين هما السعر العالمي وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، موضحا أن ارتفاع الذهب عالميا يتفوق في أثره على ارتفاع الدولار محليا، وهو ما يفسر الزيادات الكبيرة الأخيرة في الأسعار داخل السوق المصرية.

وأوضح نجلة أن تأثير الذهب يظل محدودا من حيث الضغط التضخمي المباشر، لأن الذهب يعامل كملاذ استثماري، بينما يظل النفط هو العنصر الأهم في معادلة التضخم العالمي، فارتفاع أسعار النفط يرفع تكلفة النقل والإنتاج في جميع السلع، بعكس الذهب الذي يرتبط أكثر بسلوك المستثمرين.

وأضاف، أن استمرار تراجع أسعار النفط سيكون له أثر مهدئ على موجة ارتفاع الأسعار العالمية، ما لم تتفاقم التوترات الجيوسياسية أو تفرض قيود جديدة على الإمدادات.

الحرب تمتد إلى المعادن والطاقة

ومن جانبه قال الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، إن الحرب التجارية الحالية لا تقتصر على الرسوم الجمركية فقط، بل تمتد إلى مجالات استراتيجية أخرى مثل المعادن النادرة والذهب، وهما من أهم أدوات النفوذ الصناعي والمالي في العالم.

وأوضح الإدريسي أن هذا الصدام بين أكبر اقتصادين في العالم ينعكس على حركة التجارة الدولية والاستثمارات، إذ يؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج عالميا، وارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة الرسوم، ما يرفع معدلات التضخم ويدفع البنوك المركزية إلى إعادة النظر في سياساتها النقدية.

وأضاف أن استمرار هذه الحرب يهدد بحالة من الركود في عدد من الاقتصادات الكبرى، مشيرا إلى أن الدول التي تعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجاتها الأساسية، مثل مصر، قد تتأثر بارتفاع أسعار السلع الوسيطة والمواد الخام، ما ينعكس تدريجيا على الأسعار المحلية.

فرض الرسوم الجمركية يكشف ضعف الاقتصاد الأمريكي

وقال الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، إن الرسوم الجمركية ستنعكس سلبا على حركة التجارة العالمية، لأنها تقلص حجم التبادل التجاري وتزيد من تكلفة الإنتاج عالميا، مما قد يؤدي إلى تباطؤ في الاستثمارات وارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة تحديدا.

وتوقع خضر، أن يترك التصعيد في الحرب التجارية أثره الأكبر على الاقتصاد الأمريكي الداخلي، نظرا لاعتماد قطاعات واسعة فيه على الواردات والتصدير المتبادل مع الصين وشركاء آخرين، مما يزيد أعباء التكلفة ويضغط على معدلات التضخم والنمو.

وأكد خضر، على أن يكون التأثير الاقتصادي المحلي محدودا، إذ ينعكس بشكل غير مباشر عبر حركة التجارة العالمية وأسعار السلع فقط دون تأثيرات حادة على النشاط الاقتصادي الداخلي المصري.

وأشار خضر، إلى أن فرض الرسوم بدأ منذ إدارة الرئيس دونالد ترامب (2016 – 2020)، غير أن الصين لم تقف مكتوفة الأيدي، بل اتجهت إلى تنويع أسواقها وبناء شراكات جديدة مع دول كبرى مثل روسيا وإيران ودول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى توسيع التعاون مع أفريقيا من خلال مصر، ما جعلها أقل اعتمادا على السوق الأمريكية.

وأوضح خضر، أن الصين نجحت منذ عام 2016 في فتح أسواق جديدة والتوسع في تصدير منتجاتها، بينما تواجه الولايات المتحدة تراجعا في قدرتها الإنتاجية ونموا اقتصاديا هشا.

ولفت خضر، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تلجأ إلى فرض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية كأداة ضغط سياسي واقتصادي، لكن هذه السياسة تعكس في الواقع حالة الضعف في الاقتصاد الأمريكي وليس القوة، موضحا أن الاقتصاد الأمريكي يواجه في الداخل أزمات حقيقية مثل ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الاستثمار وهروب رؤوس الأموال وعدم الاستقرار السياسي.

وأضاف خضر، أن الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر من هذا الصراع، لأن أكثر من 300 شركة أمريكية كبرى تعمل داخل الصين وتملك استثمارات ضخمة هناك.

وأوضح خضر، أن ترامب حاول في وقت سابق إعادة هذه الشركات إلى الداخل الأمريكي، لكنها رفضت نظرا لأن الصين توفر بيئة استثمارية أكثر تنافسية من حيث رخص العمالة، وتوافر البنية التحتية، والحوافز الضريبية والتسهيلات البنكية، وهي عناصر لا تستطيع الولايات المتحدة توفيرها بنفس المستوى.

وأكد خضر، أن الرسوم الجمركية لا تضر الصين بقدر ما تضر المواطن الأمريكي نفسه، لأن ارتفاع تكلفة الواردات يؤدي إلى زيادة الأسعار داخل السوق المحلية، وبالتالي يتحمل المستهلك الأمريكي عبء هذه السياسات.

وأضاف خضر، أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد بدرجة كبيرة على الاستيراد وليس على التصنيع، ما يجعل قدرته على توفير بدائل محلية محدودة.

وأشار خضر، إلى أن الصين تتبنى سياسة تنموية غير تصادمية، تسعى من خلالها إلى تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية للدول الشريكة بعيدا عن الحروب والتوترات، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تبني نفوذها الاقتصادي على خلق الأزمات والصراعات وفرض الهيمنة على الدول الأخرى.

الدولار اخر نفوذ الولايات المتحدة

وأوضح أن قوة الدولار هي العامل الوحيد الذي ما زال يمنح الولايات المتحدة نفوذا عالميا، إلا أن اتجاهها لخفض أسعار الفائدة مؤخرا أدى إلى خروج جزء من رؤوس الأموال، ما يزيد الضغط على الخزانة الأمريكية التي تتحمل كلفة الفوائد العالية دون مقابل إنتاجي حقيقي.

وأضاف خضر، أن الصين تسير بخطى ثابتة نحو تشكيل خريطة اقتصادية عالمية جديدة تقودها دول آسيا، مؤكدا أن المستقبل الاقتصادي للعالم سيشهد تحولًا من النظام الأحادي بقيادة أمريكا إلى نظام متعدد الأقطاب، تتصدره الاقتصادات الآسيوية بقيادة الصين.

وأضاف خضر، أن بكين تدرك جيدا أن التفوق الاقتصادي لا يحتاج إلى صراع عسكري، بل إلى السيطرة على القطاعات الاستراتيجية مثل الأمن الغذائي، وصناعة السلاح، والأدوية، والذهب، والمعادن النادرة، التي تمتلك منها نحو 70% من الإنتاج العالمي، وهو ما يجعلها في موقع متقدم يمكنها من التأثير في النظام الاقتصادي العالمي دون اللجوء إلى المواجهة.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان