إعلان

خسائر و"حرق أسعار".. عين على قطاع الحديد والصلب في مصر

11:11 ص الخميس 21 يناير 2021

كتبت - شيماء حفظي:

وضع قرار تصفية الحديد والصلب المصرية، شركات القطاع الخاص العاملة في هذا القطاع في موقع مقارنة مع الشركة التي انغمست في الخسائر، على مدى سنوات.

وكانت الجمعية العمومية لشركة الحديد والصلب قررت في 11 يناير الماضي تصفية الشركة وفصل نشاط المناجم والمحاجر في شركة منفصلة، بعد تفاقم خسائرها، في حين طالب رافضون للقرار الحكومة بضخ استثمارات في الشركة لمساعدتها على النهوض لتحقق أرباحا، وأن تكون رمانة ميزان السوق وتمنع الاحتكار.

لكن مصنعون وخبراء تحدث إليهم مصراوي، كشفوا أن شركات القطاع الخاص العاملة في صناعة الحديد والصلب لا تحقق أرباحًا وتتعرض لخسائر منذ سنوات، كما قالوا إنه لا يمكن أن يكرس قرار التصفية لاحتكار الصناعة التي تعد تشهد ربما منافسة "أكثر من اللازم" في مصر.

وبحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية فإن سوق صناعة الحديد المصري يعمل فيه حوالي 32 شركة أبرزهم وأكبرهم مجموعة حديد عز وبشاي والسويس للصلب والجارحي وحديد المصريين والمراكبي.

وأغلب الشركات العاملة في مصر تنتمي للقطاع الخاص، فيما عدا الحديد والصلب المصرية والدلتا للصلب التابعتين لقطاع الأعمال العام، بالإضافة إلى السويس للصلب التابعة لجهاز الخدمة الوطنية.

خسائر في القطاع الخاص

تتعرض شركات القطاع الخاص لخسائر منذ سنوات، وسط زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج وصعوبة المنافسة في الأسواق الخارجية، تزامنا مع تراجع حاد في المبيعات المحلية.

وقال المهندس حسن المراكبي رئيس مجلس إدارة مجموعة المراكبي للصلب، لمصراوي، إن "القطاع الخاص ليس محملًا بأعباء العمالة الزائدة، كما أنه يستخدم تكنولوجيا متطورة جدًا، وهذه مقومات النجاح، لكن على الرغم من ذلك الشركات تحقق خسائر في آخر خمس سنوات بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة والمادة الخام، والتي تعتبر أعباء تقلل من تنافسيتها في أسعار البيع مقارنة بالتكلفة".

وبحسب المراكبي، الذي يرى أن مصر فقيرة في المواد الخام من الحديد سواء مناجم أو خردة، وتعتمد على استيراد المواد الخام، أو البيليت -وهو صلب نصف مصنع-، "لذلك لا يوجد ميزة تنافسية في الخامات لأننا نحصل عليها بالسعر العالمي".

"كان لدينا ميزة تنافسية في توفر الطاقة في مصر سواء غاز أو كهرباء، لكننا نحصل عليها بأسعار مرتفعة أكثر من الأسعار في الدول المنافسة، فأصبحت الآن هذه الميزة غير موجودة، بل أن أسعار الطاقة في مصانع الحديد أصبحت عبئا" بحسب المراكبي.

ووفقا لبيانات الجمعية المصرية للصلب، تحصل مصانع الصلب المصرية على الغاز الطبيعي بسعر يفوق ثلاث أضعاف المتوسط العالمي وتحصل على الكهرباء بسعر يفوق ضعفي المتوسط العالمي.

ونتيجة لزيادة التكلفة، تراجعت تنافسية منتجات الحديد المصرية بالسوق المحلية والأسواق العالمية بنسبة 30% في عام واحد، وفقا للجمعية.

ووفقا للقوائم المالية المجمعة لشركة حديد عز، المرسلة للبورصة المصرية – وهي أكبر شركة عاملة في السوق وتصدر جزء من إنتاجها، فإن خسائر الشركة خلال التسعة أشهر المنتهية في سبتمبر 2020، سجلت نحو 4.11 مليار جنيه.

وتراجعت مبيعات الشركة، خلال الفترة لتسجل نحو 26.45 مليار جنيه خلال التسعة أشهر الأولى من 2020، مقابل 35.26 مليار جنيه في الفترة المقارنة من 2019.

ووفقا لبيانات المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية، تراجعت صادرات الحديد والصلب المصرية خلال العشرة شهور الأولى من 2020 بنسبة 13% لتسجل 510 مليون دولار مقابل 589 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام 2019.

وأشار المراكبي، إلى أنه خلال أزمة ارتفاع الأسعار في 2008 وعلى الرغم من أن الحكومة فرضت رسوما على صادرات الحديد، كانت المصانع قادرة على التصدير وتحقيق مكاسب وذلك لأن أسعار التكلفة والطاقة كانت منخفضة، وهذا عكس الوضع الحالي.

"حاليًا وحتى مع فرض الحكومة رسوم على الواردات، مازال السوق يعاني بسبب ارتفاع التكلفة تزامنا مع تراجع الطلب في السوق المحلي نتيجة قرار وقف البناء الذي فرض العام الماضي" بحسب المراكبي.

إشكالية الطلب

عانى سوق الحديد والصلب في مصر من تراجع حاد في المبيعات خلال العام الماضي، نتيجة تداعيات كورونا وقرار وقف البناء، بالإضافة إلى تأثر السوق العالمي.

وبحسب المراكبي، تراجع الطلب خلال العام الماضي بنحو مليون طن، حيث سجلت المبيعات الإجمالية نحو 6.4 مليون طن خلال العام مقارنة بنحو 7.5 مليون طن في 2019، و8.6 مليون طن في 2018.

وقال المراكبي، إن هذا التراجع في الاستهلاك يأتي على الرغم من ارتفاع الطاقات الإنتاجية للمصانع إلى نحو 15 مليون طن سنويًا، ما تسبب في أن المصانع تنتج بـ 50% من طاقتها الإنتاجية.

ويقول خالد الدجوي، رئيس شركة الماسة لتجارة الحديد والصلب، لمصراوي، إن الشركات عانت من تراجع حاد في المبيعات في 2020، بسبب توقف البناء وتداعيات كورونا، مشيرًا إلى أن الشركات لديها مخزون كبير وتضطر لطرح عروض على المنتج لتحفيز البيع، وهي الظاهرة التي يطلق عليها "حرق الأسعار".

وأضاف الدجوي، أنه على الرغم من انحسار أثر كورونا، مازالت مبيعات الحديد لم تشهد رواجا لأن مخطط العمران الجديد في مصر لم يعلن، مشيرا إلى أن الشركات تحقق خسائر لأنه حتى مع ارتفاع الأسعار العالمية لا تستفيد منها بسبب انخفاض البيع.

وأشار إلى أن الطاقة الإنتاجية للمصانع تصل لضعف الاستهلاك، ولديها مخزون وهي تعمل بنصف طاقتها فقط، ما يعني أن السوق لا يستوعب ضخ استثمارات جديدة في هذا القطاع.

وقال المراكبي، إنه على الرغم من أن الطلب على المنتجات يحرك الصناعة، لكنه ليس العامل الأساسي في الإنتاج، لأنه إذا كانت تكلفة التصنيع تنافسية عالميا، حينها يمكن للمصانع أن تتجه لتصدير إنتاجها إذا تعطل السوق المحلي، لكن هذا لا يحدث.

وقال إنه على الرغم من عدم وجود واردات حديد في السوق المحلي حاليا لكن لا يمكن اعتبار الرسوم الوقائية المفروضة على واردات الحديد والبليت حلا طول الوقت، الرسوم "حل مؤقت ومسكن" للأزمة، لكنها ليست حلا نهائيا والحل النهائي هو أن تعيد الحكومة النظر في تكلفة الإنتاج بما يمكن المصانع من الاستمرارية، بما يعود على الجميع بالنفع وإن كان مكسب الحكومة مؤجل قليلا لحين تعافي المصانع.

وأشار المراكبي، إلى أن الأوضاع الحالية والخسائر تهدد بخروج الاستثمارات من قطاع الحديد والصلب، وهذا سيكون له أثر تراكمي على الاقتصاد يتعلق بالاستيراد والعمالة، والصادرات.

فيديو قد يعجبك: