إعلان

هل "الجنيه القوي" أمام الدولار أكثر فائدة للاقتصاد المصري؟

03:49 م الثلاثاء 28 يناير 2020

الجنيه المصري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- ياسمين سليم:

يسجل سعر صرف الجنيه أمام الدولار أداءً قويًا منذ بداية العام الماضي وحتى الآن، بعدما كسر حاجز 16 جنيهًا لأول مرة منذ فبراير 2017.

وارتفع سعر صرف الجنيه أمام الدولار نحو 213 قرشًا حتى الآن مقارنة بسعره في بداية العام الماضي، بنسبة ارتفاع حوالي 11.8%.

ووصل متوسط سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك حاليا، بحسب بيانات البنك المركزي، إلى نحو 15.73 جنيه للشراء، و15.83 جنيه للبيع.

ويرجع محللون ومسؤولون ارتفاع قيمة الجنيه إلى زيادة المعروض من الدولار نتيجة ارتفاع موارد مصر من العملة الصعبة نتيجة أكثر من سبب منها زيادة إيرادات السياحة واستثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية.

ويبدو للبعض أن ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار خبرًا سعيدًا للاقتصاد المصري، خصوصًا بعد التراجع الذي شهدته العملة المحلية جراء قرار التعويم في نوفمبر 2016 والذي تسبب في ارتفاع معدل تضخم الأسعار لمستويات قياسية نتيجة لانخفاض قيمة العملة.

ويرى محللون ومستثمرون تحدثوا لمصراوي أن ارتفاع الجنيه أمام الدولار، علامة على تحسن الاقتصاد المصري، لكن في الوقت نفسه تحتاج مصر للعديد من الإجراءات التي تضمن ألا يضر هذا الارتفاع بمكونات الاقتصاد.

رابح وخاسر

"لا شك أن ارتفاع الجنيه أمام الدولار هو علامة على تحسن مركز الاقتصاد المصري"، بحسب ما يقوله عمرو عدلي، أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لمصراوي.

ويضيف أن "ارتفاع الجنيه يعني أن الاقتصاد يدخل له موارد دولارية تساهم في الدفاع عن قيمة العملة الوطنية، وهو أمر مهم لأن مصر مستورد صافٍ للغذاء والوقود وهذا الأمر ينعكس على معدلات التضخم".

وهو ما تتفق معه الدكتورة عالية المهدي، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتقول لمصراوي "من الناحية الداخلية.. يعني ارتفاع الجنيه أن منظومة التعاملات داخل البلد ارتفعت وهذا أمر جيد بالنسبة للمواطن، لأن قدرته الشرائية تحسنت والتضخم تراجع".

وسجل التضخم السنوي قفزات كبيرة خلال عام 2017 تأثرًا بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة خلال الأعوام الأخيرة، ومن ضمنها تعويم الجنيه، ورفع أسعار الطاقة عدة مرات، حيث بلغ التضخم ذروته في يوليو 2017 عند 34.2%، وهو أعلى معدل في نحو 3 عقود.

لكن التضخم السنوي بدأ في التراجع بشكل ملحوظ بدءا من نوفمبر 2017 وحتى مايو 2018، قبل أن يعود للصعود مرة أخرى في يونيو 2018 مع رفع أسعار الوقود.

وتراجع معدل التضخم السنوي مرة أخرى على مدار شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين، ثم ارتفع مجددًا في شهري يناير وفبراير، وانخفض مجددا في شهري مارس وأبريل، قبل أن يعود للارتفاع في مايو الماضي، ثم شهد هبوطا حادا في شهور يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر الماضية رغم رفع أسعار الوقود والكهرباء في يوليو، ثم عاد للارتفاع في ديسمبر ويناير الماضيين.

وبحسب عالية المهدي "فإذا كان الهدف من ارتفاع الجنيه تحسين مستوى المعيشة فهذا يعني أن ارتفاع الجنيه أمر جيد".

وحدد تقرير لبنك استثمار فاروس، صدر الأسبوع الماضي القطاعات التي ستستفيد من ارتفاع قيمة الجنيه بأنها قطاع السلع الاستهلاكية، والرعاية الصحية والأدوية، مع تراجع تكلفة إنتاج السلع أو توفير الخدمات.

من الخاسر؟

ولا يبدو ارتفاع قيمة الجنيه أمرًا جيدًا على المستوى الخارجي، بحسب ما تقوله، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

وتضيف: "ارتفاع قيمة الجنيه يعني ارتفاع أسعار السلع المصرية المُصدرة للخارج مقابل السعر في الدول الأخرى، وبالتالي تقل تنافسيتنا، وهذا يضر بهدف مصر في حال كانت تريد زيادة الصادرات".

وهو ما يؤكده عمرو عدلي، ويقول "الصادرات ستكون بها مشكلة لو أن الجنيه استمر في الصعود أمام الدولار".

ويروي أحمد هيكل، رئيس مجلس إدارة شركة القلعة القابضة، خلال لقاءه مع الإعلامية، لميس الحديدي، على فضائية الحدث، منذ أيام كيف أن ارتفاع الجنيه أثر على إحدى شركاته قائلًا: "إحدى شركاتنا توقفت عن تصدير الورق للصين بسبب أن الصين خفضت عملتها نحو 20% وفي المقابل ارتفع الجنيه أمام الدولار نحو 12% لذلك أصبح سعر منتجاتنا مرتفعًا بنسبة 32% عن بقية المنافسين".

ويكمل: "كانت النتيجة أن المستوردين في الصين أصبحوا لا يجيبون على مكالمتنا لأن سعر بضائعنا أصبح غالي".

وبحسب هيكل: "ارتفاع الدولار يخلف تضخم ويتعرض المستهلك للضغط، أما في حال انخفاض الدولار وزيادة قيمة الجنيه، يتعرض المصنعين والمزراعين لضغوط".

وخلال العام المالي الماضي سجلت قيمة الصادرات المصرية ارتفاعًا لتصل إلى 28.4 مليار دولار مقابل 25.8 مليار دولار خلال العام المالي 2017- 2018.

وتعتبر السياحة من أبرز الخدمات التي تعتبر موردًا كبيرًا للعملة الصعبة.

وبحسب إلهامي الزيات، رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة إمكو للسياحة والفنادق، فإنه "ليس من مصلحتنا كعاملين في المجال السياحي أن يرتفع الجنيه أمام الدولار".

واستفادت السياحة من تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار عقب قرار التعويم، حيث جذب سعر الخدمات السياحية الرخيصة مقارنة بالدول المتنافسة المزيد من السياح إلى مصر.

وحققت مصر خلال العام المالي الماضي إيرادات قياسية من السياحة بلغت 12.5 مليار دولار، مقابل 9.8 مليار دولار خلال العام المالي 2017- 2018.

ويقول تقرير بنك استثمار فاروس إن القطاعات الخاسرة من قوة الجنيه تتضمن قطاعات المقاولات، والصناعة، والكيماويات والأسمدة، والبتروكيماويات، ومواد البناء.

وفسر التقرير خسارة هذه القطاعات بتراجع إيرادات التي تعتمد كثير من شركاتها إما على التصدير للخارج، أو تنفيذ مشروعات خارج البلاد.

عودة للاستيراد

ويعتبر البعض ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار خبرًا سعيدًا نظرًا لأن مصر دولة مستوردة في الأساس، أي تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها وأن تراجع في الدولار يعني أنها ستوفر من فاتورة استيرادها.

لكن ارتفاع الجنيه قد يفتح شهية المستوردين مع تراجع الدولار، للتوسع مرة ثانية في الاستيراد.

وقبل قرار تعويم الجنيه فرضت مصر قيودًا على الواردات من الخارج، في ظل النقص الشديد للعملة الصعبة وتفشي السوق السوداء.

ويقول عمرو عدلي إن "القطاعات الإنتاجية التي تعتمد على المدخلات المستوردة، من الممكن أن تستفيد من التحسن في سعر الصرف، بالتوسع في الاستيراد على نحو يؤدي إلى تسجيل عجز في الميزان الجاري".

وهو ما تحذر منه عالية المهدي وتقول إذا أصبحت قيمة الجنيه مرتفعة هذا يعني أن الوارادت ستكون رخيصة الثمن وهذا يعني أننا سنستورد أكثر.

وارتفعت قيمة الواردات المصرية خلال العام المالي الماضي إلى 66.5 مليار دولار مقابل 63.1 مليار دولار العام المالي 2017- 2018.

وبحسب عمرو عدلي فإن جزءًا من تحسن العجز التجاري- أي الفرق بين الصادرات والوارادت- بعد التعويم كان نتيجة انخفاض الواردات وليس زيادات الصادرات.

ويضيف: "لو نظرنا مثلًا إلى الزيادة في الصادرات غير البترولية بعد التعويم، سنجد أنها كانت أقل من المتوقع ومحبطة للغاية، ويدل على أننا لا نزال نعاني من قيود هيكلية".

ما هو الأفضل؟

سيكون السؤال الذي يطرح نفسه حاليًا هو ما هو الأفضل بالنسبة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.

تقول عالية المهدي إنه من الأفضل أن يكون هناك توزانا في سعر الصرف، وإذا كنا ننوي التصدير فلا نستهدف أن نرفع قيمة الجنيه أكثر.

وهو ما يؤيده رجل الأعمال، أحمد هيكل، ويقول في لقاءه التلفزيوني: "لازم يكون سعر الصرف بميزان من ذهب، ويكون في توازن علشان ارتفاع الجنيه مش خبر سعيد".

وتضرب عالية المهدي مثلًا بهذا وتقول "البلاد القوية مثل الصين تكون في غاية السعادة عندما تتراجع عملتها لأنها ستستطيع أن تبقي بضاعتها رخيصة وبالتالي يزيد التصدير".

وبحسب المهدي فإنه "من الأفضل أن نبذل جهودًا لزيادة صادراتنا، وننوعها ولا نعتمد على تصدير منتجات البترول والسياحة والمواد الأولية فقط، ولكن من الممكن أن نصدر خدمات تعليمية وصحية ومنتجات سلعية".

وينصح إلهامي الزيات، العاملين في السوق المصري بتعلم القواعد الجديدة لسعر الصرف ويقول: "عومنا الجنيه وده معناه ممكن يبقى يوم فوق ويوم تحت ولازم نتعود على كده".

ويعتبر عمرو عدلي، أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية أن مصر تحتاج إلى استراتيجية لمعالجة المشكلات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري، وتحديدًا المشكلات التي تقف أمام توليد العملة الصعبة بشكل دوري ومستدام.

اقرأ أيضا:

ما هي القطاعات المستفيدة والخاسرة من ارتفاع الجنيه أمام الدولار؟

فيديو قد يعجبك: