إعلان

لماذا تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر رغم "الإصلاحات الاقتصادية"؟

04:24 م الأحد 07 أكتوبر 2018

الدولار

كتب- مصطفى عيد:

تراجع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الماضي، مقارنة بالعام السابق عليه، رغم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة لتهيئة مناخ الاستثمار لجذب الشركات المحلية والأجنبية لإقامة مشروعات في السوق المصري.

وقال اقتصاديون إن الانخفاض في صافي الاستثمار الأجنبي المباشر يرجع إلى عدة أسباب، أبرزها استمرار أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع، وتراجع حجم الطلب في السوق المصرية بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي أثرت على القوة الشرائية للمواطنين، إلى جانب ضعف الترويج للجهود التي بذلتها الدولة خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى التأثر بما يحدث من تطورات في الأسواق الناشئة.

تراجع الاستثمار غير البترولي

بحسب بيانات البنك المركزي المصري عن ميزان المدفوعات الصادرة الأسبوع الماضي، تراجع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال العام المالي الماضي إلى نحو 7.7 مليار دولار مقابل نحو 7.9 مليار دولار خلال عام 2016-2017.

وكانت الحكومة تتوقع جذب 10 مليارات دولار صافي استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام الماضي، كما رفعت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، سحر نصر، توقعاتها أحيانا إلى 12 مليار دولار.

وتقل الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تحققت في العام المالي الماضي، عن توقعات صندوق النقد الدولي، والتي كان قد خفضها، أصلا، في بيانه عن نتائج أعمال المراجعة الثالثة للاقتصاد في يوليو الماضي، لتصل إلى 7.8 مليار دولار مقابل 8.4 مليار دولار كان يتوقعها في تقرير المراجعة الثانية، ومقابل 9.4 مليار دولار في تقرير المراجعة الأولى.

ووفقا لبيانات البنك المركزي، فإن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع البترول ارتفع إلى 4.5 مليار دولار خلال العام الماضي مقابل 4 مليارات في 2016-2017، وهو ما يعني أن الاستثمارات غير البترولية تراجعت إلى نحو 3.2 مليار دولار العام الماضي مقابل نحو 3.9 مليار دولار في العام السابق عليه.

ورغم ارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى 1.7 مليار دولار مقابل نحو 1.4 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق عليه، إلا أن الاستثمارات غير البترولية خلال الربع انخفضت إلى نحو 600 مليون دولار مقابل نحو 700 مليون دولار في نفس الفترة من 2016-2017.

ورغم ارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي خلال الربع الأخير من العام الماضي على أساس سنوي، فإنه تراجع مقارنة بالربع السابق عليه والذي سجل نحو 2.3 مليار دولار.

جهود جذب الاستثمار

يأتي هذا التراجع رغم الجهود التي بذلتها الحكومة لتهيئة مناخ الاستثمار خلال العامين الماضين ضمن إجراءات الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه بالاتفاق مع صندوق النقد، وأبرزها تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 والتراجع الحاد في الجنيه والذي كان من المفترض أن يساهم في جذب الاستثمار، إلى جانب القضاء على مشكلة نقص العملات الأجنبية.

كما أصدرت مصر قانونا جديدا للاستثمار، وآخر لتسهيل الحصول على التراخيص الصناعية، وثالثا للإفلاس، وعدلت قانون الشركات، كما طورت الحكومة مراكز خدمة المستثمرين، من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وأصدرت خريطة بالفرص الاستثمارية في مصر.

ونفذت وزارة الاستثمار حملة للترويج للخريطة الاستثمارية في مصر خلال بطولة كأس العالم 2018 التي أقيمت في روسيا.

لماذا تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر؟

قالت الدكتورة عالية المهدي الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن الغلاء الناتج عن الإصلاح ساهم في تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي، مع انخفاض الطلب على السلع والخدمات في السوق المصرية وهو ما ساهم في ضعف القوة الشرائية للمواطنين خاصة الطبقتين الوسطى والأقل دخلا وهما الطبقتان الأكثر استهلاكا.

وأضافت أن تراجع الطلب يساهم في تأجيل توسعات الشركات الأجنبية الموجودة بالفعل في مصر، وتفضيل الشركات التي تفكر في دخول السوق، أن تنتظر لحين عودة الطلب إلى قوته، خاصة في ظل توافر أسواق أخرى مستقرة وتشهد طلبا جيدا.

وأرجع محمد البهي رجل الأعمال وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ضعف جهود الترويج الخارجي لجذب الاستثمار إلى مصر خلال الفترة الماضية، رغم الجهود التي تم بذلها على جانب الإصلاحات التشريعية والفنية لتأهيل مناخ الاستثمار.

وأشار البهي إلى أهمية مثل هذه الحملات لتوضيح التغيرات التي حدثت في مصر خاصة مع الصورة الذهنية السيئة التي لا تزال عالقة في أذهان بعض المستثمرين بسبب بعض الإجراءات التي تم اتخاذها ضد مستثمرين عرب بعد ثورة يناير، وأيضا العوائق التي كان تم وضعها أمام خروج عوائد استثمارات الأجانب من مصر قبل تعويم الجنيه.

وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، لمصراوي، إن هناك عدة أسباب ساهمت في تراجع الاستثمار الأجنبي خلال العام الماضي منها استمرار أسعار الفائدة المرتفعة بالبنوك في الوقت الذي يعتمد فيه المستثمر الأجنبي على الاقتراض في تمويل جزء من استثماراته.

وفي اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس قبل الماضي، ثبت البنك المركزي أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي عند 16.75% للإيداع، و17.75% للإقراض، وذلك بعد أن خفضها 1% مرتين هذا العام في فبراير ومارس مع التراجع الملحوظ في معدلات التضخم.

وأضافت رضوى أن العامل الآخر الذي ساهم في تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر هو تغير الظروف المتعلقة بمناخ الاستثمار مع بداية 2018، ومخاوف الاستثمار في الأسواق الناشئة بشكل عام مع احتمالية حدوث ضعف في العملة أو إمكانية رفع أسعار الفائدة وبالتالي إمكانية تحقيق خسائر في الاستثمارات.

واتفقت عالية المهدي مع رضوى السويفي، على أن العاملين السابقين يعدان أيضا من أبرز العوامل التي قد تكون ساهمت في تراجع الاستثمار الأجنبي العام الماضي.

وقالت عالية إن رفع الفائدة لمستويات مرتفعة في بعض الدول مثل الأرجنتين وتركيا قد يجذب أصحاب الاستثمارات المباشرة إلى الاستثمار في أدوات الدين الحكومية في هذه الدول، وتجميد خططهم للاستثمار المباشر لحين انتهاء فترة ارتفاع العوائد فيها.

ولكن على العكس يرى محمد البهي أن اضطرابات الأسواق الناشئة من المفترض أن تنعكس بالإيجاب على مصر التي تتمتع باستقرار الأوضاع مقارنة بهذه الدول، وتوافر مزايا جاذبة لديها ومنها الأمن الداخلي وتحسن البنية التحتية سواء من حيث الطرق أو الطاقة، بالإضافة إلى مزايا قانون الاستثمار للمستثمر الأجنبي.

وتتوقع الحكومة وصول صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الحالي إلى 11 مليار دولار، حسبما نقلت وكالة رويترز عن وزيرة التخطيط هالة السعيد، في أغسطس الماضي، حيث تستهدف الحكومة الوصول بصافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 20 مليار دولار في عام 2021-2022.

ولكن عالية المهدي تتوقع استمرار الظروف الحالية المتعلقة بتراجع الطلب خلال الفترة المقبلة مع ارتفاع التضخم المتوقع مع آخر خطوات رفع دعم الوقود أواخر العام المالي الحالي، وبالتالي التأثير بالسلب على جاذبية الاستثمار بشكل عام.

وكان وزير المالية محمد معيط، قال في حوار مع مصراوي، نشر اليوم، إن "البيروقراطية" هي السبب الرئيسي وراء هروب المستثمرين الأجانب وعدم ضخهم استثمارات كبيرة، بسبب التعقيدات التي يواجهونها في الإجراءات.

اقرأ أيضاً:

وزير المالية: ندعم الأنبوبة بـ150جنيهًا.. وسنصدِّر بعد الاكتفاء من الغاز- حوار

فيديو قد يعجبك: