إعلان

عبرت بدراجتها 17 دولة بـ2000 يورو.. الجانب المظلم في رحلة الجدة دوروثي لمصر

11:55 ص الأحد 13 نوفمبر 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد نصار:

على بعد 150 كم جنوب غرب ستوكهولم، كانت الجدة دوروثي هيلدبراندت في منزلها وسط عائلتها، قبل أن تودعهم لتبدأ رحلتها الشاقة إلى مصر؛ رغبةً منها في حضور مؤتمر المناخ cop27.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي التقى مع السيدة السويدية دوروثي هيلدبراندت، الخميس الماضي خلال جولة الرئيس السيسي، التفقدية، بالدراجة مع مجموعة من مرافقيه في مدينة شرم الشيخ، لتفقد المنطقة الخضراء الصديقة للبيئة.

رحلة الجدة إلى مصر عبر دراجتها الكهربائية ليست الأولى؛ فهي اعتادت ترك موطنها لأيام طويلة وربما لأشهر كاملة مدفوعة بشغفها لاكتشاف أماكن جديدة والتعرف على ثقافات مختلفة حول العالم.

لدى الجدة دوروثي الكثير من الاهتمامات المختلفة؛ مثل الرقص وأنواع أخرى مختلفة من الفن تثير الإعجاب.

وتقول الجدة، خلال حديثها إلى "مصراوي"، فإنها مولعة بالقراءة، والمسرح، والموسيقى، والمعارض، وتاريخ البلدان التي تسافر إليها في تنقلاتها المستمرة.

تجوب الجدة سبعينية العمر مدنًا وقرى ومعابر في رحلاتها المستمرة دون رفيق؛ فلم تجد لها مؤنسًا في هذا المسار حتى ولو ليوم واحد؛ ليس لها شيء سوى دراجتها وعزيمتها التي لا تلين وشغفها الذي لم ينقطع يومًا ما.

تقضي دوروثي معظم الأيام وحيدة حين تركب دراجتها أو حتى عندما تتوقف للراحة والتقاط الأنفاس، فتوضح: أنا أعيش وحدي وصنعت رحلاتي وحدي، لأنني لم أجد رفيقًا حتى ليوم واحد.

حزَّمت الجدة أمتعتها وجهزت دراجتها لتنطلق في رحلتها إلى مصر عابرةً حدود 17 دولة، ومن حيث تقيم في كاتاريناهولم، السويد، والتي تقع جنوب غرب ستوكهولم، انطلقت دون رفيق.

تقول الجدة دوروثي هيلدبراندت إنها بدأت رحلتها في الأول من شهر يوليو الماضي لتعبر حدودًا وأراضي لم تطأها قدمها من قبل، وتحظى بعلاقات تعارف عابرة مع أناس ليس بينها وبينهم ما هو مشترك.

بدأت الجدة رحلتها من السويد حتى عبرت حدود الدنمارك؛ وهي أول دولة تطأها قدمها بعد مغادرة الأراضي السويدية، لتجوب بدراجتها أراضي الدنمارك وصولًا إلى الحدود مع ألمانيا، والتي عبرتها هي الأخرى.

وحينما دخلت دوروثي الأراضي الألمانية توقفت للاستراحة وقضاء ليلتها الأولى قبل أن تواصل رحلتها، وهكذا تفعل مع حلول ليل كل يوم، تقيم أحيانًا في نزل على الطرق أو فنادق صغيرة تصادفها في طريقها وفي أحيان أخرى تتمكن من الحصول على استضافة خاصة لدى بعض السكان المحليين.

عبرت السيدة السبعينية 17 دولة، استغرقت لعبور أراضيها واحدة تلو الأخرى أيامًا مختلفة؛ بعضها تمكنت من عبورها في أيام قليلة والبعض الآخر في أيام أطول.

تتذكر دوروثي التزاماتها المادية في موطنها المطالبة بسدادها في مواعيدها، فقد استطاعت قبل بدء رحلتها أن توفر ما يقرب من 2000 يورو لتتمكن من استكمال رحلتها إلى مصر.

بسبب قلة المبلغ المادي معها والتزامها بسداد الأقساط الخاصة بإيجار منزلها في السويد، حاولت الحصول على مضيفين خاصين لليالٍ، وتمكنت بالفعل من الاعتماد عليهم في جزء من رحلتها عبر البلدان التي مرت بها، وحين لم تتمكن من ذلك أو لم تجد ترحيبًا باستضافتها كانت تلجأ إلى المكوث في نزل أو فنادق رخيصة الثمن.

فعلت الجدة ذلك في الأراضي الألمانية ومن بعدها الفرنسية والسويسرية والنمساوية، ولم تكن قلة الأموال فقط هي المشكلة التي تواجه دوروثي فتعرضت إلى الكثير من المتاعب: اتبعت طرقًا جانبية وأخرى مليئة بالحصى يصعب عليّ ركوبها، وواجهت حيوانات ضالة غاضبة في بعض البلدان.

ومن ثم شعرت دوروثي بالحنين لأسرتها، حيث تفتقدها دائمًا في ترحالها المستمر، إلا أن التكنولوجيا يسرت لها البقاء على اتصال دائم؛ حيث العائلة وأينما تكون هي: الاسم: لدي 4 أبناء + حفيدان، وأتواصل معهم عن طريق المحادثات الهاتفية أو من خلال تطبيق سكايب لمحادثات الفيديو.

لجأت دوروثي إلى تلك الطرق مرتَين: احتجت إليها مرتَين وحصلت على مساعدة للمضي قدمًا، وعندما لم يعد بإمكاني المتابعة بالدراجة عبر نهري Rhein وDanube، كانت هناك بعض الطرق الجبلية شديدة الانحدار التي اضطررت إلى دفع دراجتي إليها، وحصلت على بعض المساعدة في النقل عن طريق السيارات.

تساعد الدراجة الكهربائية دوروثي هيلدبراندت في جعل رحلتها سهلة إلى حد كبير: كنت أحمل سلالتي وحقائبي طوال الوقت على دراجتي، عندما كنت أركبها.

في هذه الأثناء والمغامرات التي عاشتها دوروثي لأيام طويلة كانت تمكنت من عبور أراضي: فرنسا وسويسرا والنمسا وسلوفاكيا وهنغاريا وكرواتيا وصربيا وبلغاريا واليونان.

ألقت التوترات والخلافات السياسية التركية السورية بظلالها على رحلة الجدة دوروثي: خططت للذهاب برًّا على طول الطريق؛ لكن للأسف تركيا أغلقت الحدود مع سوريا.

تقول السبعينية السويدية: على الرغم من أنني اضطررت إلى ركوب العبارة الوحيدة الموجودة (رجولي للشاحنات) في ذلك الجزء من البحر الأبيض المتوسط من تاسوكو في تركيا إلى طرابلس في لبنان، لم أركب دراجتي في جميع أنحاء لبنان وسوريا.

رحلة الجدة دورثي

رحلة الجدة دورثي

وبعد أن انتهت دوروثي من عبور أراضي لبنان، تمكنت من ركوب دراجتها في الأردن، محطتها قبل الأخيرة، في رحلتها إلى مصر: ولكن مرة أخرى في الأردن تمكنت من ركوب دراجتي، ومن الأردن وصلت دوروثي إلى نويبع؛ لكنها لم تتمكن من ركوب الدراجة من نويبع إلى شرم الشيخ: لم يُسمح لي بركوب دراجتي.

عانت الجدة خلال رحلتها مشكلات في الفرامل، وكان من الصعب العثور على ميكانيكي دراجات يمكنه إصلاحها، وواجهت متاعب أخرى كادت تدفعها إلى حد الاستسلام: عندما كنت على وشك الاستسلام، شجعني مَن يتابعوني على "فيسبوك" بكلمات؛ مثل "أنت قريب جدًا.. لا.. أنت لا تستسلم".

إلى جانب تشجيع المتابعين، كان لدى دوروثي راع ساعدها في أشياء؛ مثل الملابس والأحذية وبطارية إضافية وكاميرا حركة، كما منحها صندوق جمعيات مبلغ 400 دولار.

ستمكث دوروثي في مصر لتمضية إجازة في مدينة القاهرة؛ حيث يوجد صديق لها، لتبدأ بعد ذلك البحث عن وجهتها الجديدة مع دراجتها الكهربائية.

ومن جديد ستعاود الجدة دوروثي فعل ما اعتادت عليه منذ كان عمرها 57 عامًا مستمرة في البعد عن أسرتها التي اعتادت هذا الأمر بمرور الوقت: ليست لدينا مشكلات، فقد اعتادوا على ذلك؛ لأنني كنت أعمل في الخارج منذ أن كان عمري 57 عامًا، وأفضل العمل في الخارج على أن أكون عاطلة عن العمل في المنزل، أنا أحصل على معاش التقاعد، وكان لدي الكثير من المهن وأصحاب العمل المختلفين، وأحاول دائمًا أن أستقل عن المنفعة الاجتماعية.‏

فيديو قد يعجبك: