إعلان

"حرام شرعًا وعاقبته وخيمة".. الأزهر للفتوى يوضح حكم من يتقاضى راتبًا عن عمل لا يقوم به (خاص)

01:05 م الأحد 12 يوليه 2020

مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد قادوس:

ما حكم الشرع في تقاضي الموظف أو العامل راتبًا عن عمل لا يقوم به، هل هو أكل مال بالباطل، وما حكمه؟ وما آثاره على الشخص نفسه؟.. سؤال وجهه مصراوي إلى مركز الازهر العالمي للرصد والافتاء الإلكتروني.

في إجابتها، أكدت لجنة الفتاوى الالكترونية بمركز الأزهر إنه إذا تعاقد الموظف أو العامل على أداء عمل معين، بصفة معينة، ووقت معين، وجب عليه الالتزام والوفاء بما تعاقد عليه، دون إخلال أو تقصير؛ لما روي عن عمرو بن عوف المزني أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: " والمسلمونَ على شروطِهم إلَّا شرطًا حرَّمَ حلالًا أو أحلَّ حرامًا"، وأداء الموظف لعمله بإتقانٍ وتفانٍ دليل على يقظة ضميره، وحرصه على ما يحب الله ويرضاه رسوله-صلى الله عليه وسلم-.

واستشهدت لجنة الفتاوى الالكترونية بحديث روي عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».

وأضافت اللجنة، في تصريح خاص لمصراوي، أن التهرب من أداء الواجبات يتسبب في تدهور الاقتصاد، والتخلف عن ركب التقدم والازدهار، وكم عانت الأمم والشعوب، وقاست الدول والممالك من غياب الضمير الإنساني في أداء التكليفات والمهام، وكم تعطلت كثير من المصالح، وضاعت العديد من الحقوق، وتكبد الناس المشاق، جرَّاء إهمال بعض العمال أو الموظفين وتفريطهم.

وأشار الأزهر للفتوى إلى أن تقاضي الراتب أو الأجر على العمل دون أداء حقيقي له حرام شرعًا، ويعتريه ما يلي:

1- أنه أكل للأموال بالباطل، وقد حرم الله تعالى ذلك بقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}.

2- أنه نوع من الغش: وقد تبرأ النبي – صلى الله عليه وسلم-من الغاش -وهو المخادع المراوغ -، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».

3- أنه نوع من خيانة الأمانة؛ فالعامل أو الموظف المنوط به عمل معين، إن قصَّر فيه وأهمل، ولم يؤده على الوجه المطلوب، ثم هرع إلى راتبه فاستحله وانتفع به، خائن للأمانة التي حُمِّلَها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».

4- أنه ضياع للمال، وصرفه في غير منفعة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال حيث قال: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ»، كما أن حفظ المال مقصد شرعي من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء.

وأكدت لجنة الفتاوى بالأزهر في خلاصة فتواها أنه بناء على ما تقدم فما اكتسبه الموظف أو العامل من مال دون عملٍ حقيقي يقابله، فهو كسبٌ حرامٌ، وجب عليه ردُّه؛ والتَّوبة إلى الله عزّ وجلَّ.

وأضافت اللجنة أن المسلم مطالب بتحري الحلال والبعد عن الحرام، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى-عباده بالسعي في الأرض وابتغاء الرزق، فقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، وحصر الرزق المبتغَى بالحلال دون الحرام، فقال تعالى: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا}، وقال أيضا: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا}.

ولما جاء فيما رواه أبو هريرة سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآلة وسلّم: إنَّ الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المُرسلين؛ فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172]، ثم ذكر الرجلَ يُطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له؟! رواه مسلم.

ويوصي مركز الازهر مَنْ حالُهُ هذا، أن يتقي الله في نفسه، وفي أولاده، ولا يطعمهم إلا من حلال؛ فإن عاقبة الحرام وخيمة، وآثاره سيئة، تضيق معها الحياة، ولا تصفو من الكدر، نسأل الله ان يرزقنا وإياكم الحلال الطيب، وأن يبارك لنا فيه.

فيديو قد يعجبك: