إعلان

المفتي السابق يوضح المعنى الحقيقي لنهاية الإنسان بين الفناء والبقاء

02:00 ص الأحد 09 فبراير 2020

الدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- سماح محمد:

يروي الدكتور علي جمعة، مفتى الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن قصة جاء فيها رجل إلى ذي النون المصري، فقال: "ادع الله لي. فقال: إن كنت قد أُيدت في علم الغيب بصدق التوحيد، فكم من دعوةٍ مجابة قد سبقت لك، وإلا فإن النداء لا يُنقذ الغرقى".

وأوضح جمعة، خلال صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن معنى هذا النص هو تفسير (لا حول ولا قوة إلا بالله) أن الأمر كله لله خلقًا ولله بقاءً؛ فالله سبحانه وتعالى قد أنشأنا من العدم، وبقاؤنا أيضًا قائمٌ به، وهذه من أهم النقاط التي لا يفهمها كثيرٌ من الناس فتختلط عليهم عبارات أهل الله، نحن الآن لسنا قائمين بذاتنا بل إننا نقوم به سبحانه وتعالى؛ يعني هناك مدد من الله مستمر، فلو أوكلنا لأنفسنا طرفة عين لفنينا وليس نموت، نموت فالجسد يخرج منه الروح، والجسد باقي نغسله ونكفنه ونصلي عليه وندفنه، فأنت هكذا لم تفنَ؛ أنت لا تزال مستمرًّا، ولكن انتقلت من حالٍ إلى حال أو من حياةٍ إلى موت؛ لكن الله لو قطع عنك إمداد الاستمرار تفنى مثل التليفزيون عندما تغلقه تختفي الصورة.

وتابع مفتى الديار المصرية السابق بأن الأكوان كلها لو سحب الله منها مدد الاستمرار لفنيت، إذن فهي تحتاج إليه سبحانه كل لحظة؛ فنحن لسنا قائمين بذاتنا، هذه عقيدة الإسلام، ونخالف بذلك عقائد أخرى تقول: إنه إذا كان هناك إله فقد خلقنا فقط وانتهى ونحن مستمرون بأنفسنا، ولكننا لسنا مستمرين بأنفسنا ولا يمكن أن نقوم بذاتنا.

ونوه جمعة بأنه إذا فهم الإنسان هذا غالبًا يخشع لله، غالبًا لا تصدر منه معصية، غالبًا لو فهم هذه النقطة أنه سوف يُفنى إذا قطع الله منه استمرار البقاء وأنه سيختفي سيفنى؛ فإنه يكون على ذكرٍ دائمٍ لله، فهذا التصور وهذه العقيدة وهذا الإدراك يساعد على أن تعيش في ذكر الله "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ"، "وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ"، (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله)، "وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، "أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ".

واستطرد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: (الحمد لله حمدًا يكافئ نعمه أو يقابل نعمه ويكافئ مزيده) يكافئ مزيده يعني حمدًا ممتدًّا بعد الحمد يعني يزداد، لماذا؟ لأنك دائمًا في حالة تقصيرٍ مع ربك؛ حيث إنه هو الذي منَّ عليك بالطاعة.

وأوضح جمعة: إذن هذه العقيدة تؤدي إلى التواضع لله، وتؤدي إلى حب الله؛ فهو سبحانه المُنعم الذي يستحق الشكر (يا عائشة أفلا أكون عبدًا شكورًا) حتى لو أنه غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يشكر، شعور بالخشوع والخبوت والمنة لله سبحانه وتعالى، كل هذه هي علاج للقلب.

فنستفيد من هذا أننا لا نتعجل في قراءة عبارات الناس من أهل الله، وأن نحملها أحسن المحامل، وأن نُولد منها ما يجعلنا نسير في طريق الله، سبحانه وتعالى، سيرًا حثيثًا مستمرًّا، وأن نجعلها دائمًا كلمات تخرج من قلوبٍ نقية وتصل إلى قلوبٍ نقية، ولكن لَيّ الكلام والانحراف بها عن المقصود هو الذي أدى ببعض أدعياء التصوف إلى الانحراف والانجراف، إفراط وتفريط جاء من سوء فهم ومن سوء طوية؛ بحيث إنني أقرأ العبارة أجدها جميلة إذا أردت أن تكون كذلك، والعبارة تكون سيئة إذا قرأتها بطويةٍ سيئة تريد انتقادها والرد عليها والتصيد لها، وكذا إلى آخره مع نوعٍ من أنواع الجهالة.

فالحمد لله رب العالمين على نعمة الفهم المستقيم.

فيديو قد يعجبك: