إعلان

ليس المسلمون وحدهم.. ديانات أخرى يحج أتباعها إلى أماكنهم المقدسة

06:59 م الإثنين 27 يوليه 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - آمال سامي:

لا توجد أمة من الأمم أو ديانة من الديانات إلا ولها أماكن مقدسة يشد أتباعها الرحال إليها ويسعون إليها وفقًا لتقاليد وطرق معينة، ونقلت لنا كتب التاريخ والأديان كيف كان الإنسان منذ بدء الخليقة يرنو إلى ما يمكن تقديسه وعبادته كرغبة أساسية فطر عليها، والحج من تلك العبادات التي تأخذ مسلكًا جماعيًا لأتباع الديانة الواحدة فتضمهم جميعًا عبر طقوس خاصة تختلف بها كل ديانة عن الأخرى تتوجه فيها إلى الإله الذي تعتقد في ربوبيته وألوهيته بالترحال وزيارة المكان الذي يعتقدون في تقديسه، وهو ما يخبرنا به الله تعالى في سورة الحج: " لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ".

يفسر ابن كثير تلك الآيات قائلًا إن الله تعالى جعل لكل قوم منسكًا، والمنسك عند العرب هو الموضع الذي يعتاده الإنسان، ويتردد إليه، إما لخير أو شر . قال : ولهذا سميت مناسك الحج بذلك ، لترداد الناس إليها وعكوفهم عليها .

ويعرف إبراهيم درباس موسى الحج في بحثه المنشور بمجلة الأنبار للعلوم الإسلامية حول الحج في الديانة الهندوسية، الحج في اللغة بأنه كثرة القصد إلى من يعظم، وفي الأديان سواء كانت سماوية أو وضعية بأنه شد الرحال إلى مكان مقدس، أما اصطلاحًا فعرفه بأنه زيارة مكان مخصوص في زمان مخصوص بقصد مخصوص.. فما هي طقوس الحج في الأديان الأخرى غير الإسلام؟

الحج في الديانة اليهودية

الحج عند اليهود هو رحلة يقصد بها المؤمنون إلى مكان مقدس بظهور إلهي أو بنشاط معلم ديني من أجل تقديم صلاتهم في إطار ملائم لذلك بصفة خاصة، ويجرى التمهيد للحج ببعض طقوس التطهير وتتم الزيارة في تجمع من شأنه أن يظهر للمؤمنين الجماعة الدينية التي ينتمون إليها. وورد ذكر الحج في العهد القديم في سفر التكوين: "ثم قال الله ليعقوب قم اصعد إلى البيت وأقم هناك مذبحًا لله الذي يظهر لك حيث هربت من وجه عيسو أخيك"، ويذكر عبد الرازق رحيم الموحي في كتابه "العبادات في الأديان السماوية" أن الحج في اليهودية مفروض ثلاث مرات في السنة حسبما ذكر سفر الخروج "ثلاث مرات يعيد لي في السنة"، وذلك في ثلاثة أعياد يهودية، وهي: عيد الفصح، وهو احياء لذكرى خروج موسى باليهود من مصر وعبور البحر، وعيد المظال، وعيد الأسابيع أو العنصرة، والحج فرض على الذكور فقط دون الإناث والقاصرين والعميان والعرجان والمسنين في اليهودية، وكذلك المرضى سواء كانوا مرضى عقليين أو عضويين، وعلى كل حاج أن يقدم "صدقة" في حجه، ويحج اليهود الآن إلى حائط المبكى فقط ويعتبرونه بديلًا عن الهيكل والمعبد الذين لا وجود لهما الآن، وبحسب إبراهيم درباس، يعتبر اليهود حائط المبكى جزئًا من السور القديم لهيكل سليمان، كما أصبح الحج غير ملزم الآن حسبما قرر عدد من حاخامات اليهود.

ومن طقوس حج اليهود اختصاص جبل صهيون بالتعظيم، والطواف حوله، ففي سفر أشعياء يقول: "هلم نصعد إلى جبل الرب"، ويحرم اليهود في الطواف دخول النجس وأشعث الرأس ومخرق الثياب، ويلزم كل زائر أن "يقدس" أي ينظف يديه ورجليه، وعندما يصل الحجاج إلى المدينة المقدسة "القدس" أو أورشاليم كما يدعوها اليهود، يوجهون سلامًا تحية لها.

الحج في المسيحية

ليس في المسيحية فريضة الحج بالمعنى المعروف لدى اليهود والمسلمين، فلم يرشد عيسى عليه السلام إلى ذلك، لكنه عندما بلغ الثانية عشر من عمره ذهب مع أمه إلى أورشاليم لأداء الحج كما في الشريعة اليهودية حسبما ذكر عبد الرزاق الموحي في كتابه السابق، فيقول إنجيل متى: "وصعد يسوع إلى أورشاليم" وهو ما كان في عيد الفصح اليهودي، وأيضًا في سفر أعمال الرسل ذكر لكون عيسى عليه السلام قد أدى حج العنصرة اليهودي.

وفي معجم اللاهوت الكتابي يعرف الحج في المسيحية بأنه رحلة إلى مرقد القديس أو زيارة إلى مكان مقدس آخر، ويتم ممارسة هذا الطقس لدوافع مختلفة، منها الحصول على المساعدة الروحية أو القيام بصيام التشكر أو القيام بفعل تكفيري، وذلك بالنظر إلى جسد المسيح وما يمثله وهو المذبح الذي يمثل مكان صلب المسيح في كل الكنائس.

يحج المسيحون إلى عدة أماكن متفرقة، فيحجون إلى قبور القديسين، أو إلى القدس، وأيضًا إلى بيت لحم حيث ولد المسيح، وكنيسة القيامة، وغيرها.

تقول جانيت رزق في بحثها "الحج الروحي والرحمة المنشودة في السنة اليوبيلية" المنشور بمجلة المشرق في عددها الثامن، أن هناك أربعة أفعال تلخص الحج المسيحي وهي:

1. انطلق: فالحج المسيحي دعوة إلى القيام بمسيرة على مثال مسيرة إبراهيم، فيترك المؤمن بيته واستقراره ليخوض مغامرة برفقة الرب كما ذكر لإبراهيم في سفر التكوين: "انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك".

2. سر: فعلى الحاج أن يسلك دربًا طويلًا يتخلله المخاطر والمحطات المتنوعة ويستغني عن كل ما هو غير ضروري ليتشبه بمسيرة "يسوع" المسيح إلى أورشليم.

3. اقم: أي إدراك أن الرب موجود في كل شيء وليس في الأماكن المقدسة فقط.

4. عد: فالحج عودة إلى الأصول وإلى الزمان القديم ولكنه في الوقت نفسه لا يعني التغرب عن الزمن الراهن.

الحج في الديانة الهندوسية

الحج في الديانة الهندوسية، حسبما يذكر إبراهيم درباس موسى، في بحثه السابق ذكره، هو شد الرحال إلى الأماكن المقدسة بالهند، خاصة نهر الغانج، وذلك لأن الهندوس يعتقدون أن أحد الآلهة قد استم فيها، ثم زيارة الأشخاص المعظمين، ويترك الهندوسي الحاج الأهل والأقارب ولا يتصل بهم إطلاقًا طوال فترة حجه بل حتى لا يفكر فيهم، ويتخلى في الحج عن لباسه فيغتسل ويختار لباس الإحرام، وهو قميص طويل وإزار بلون أصفر، ويأخذ عصا من القصب الهندي ويعلق عليه نوع من الآنية للماء، ويرتل ورد خاص وهو "هري كرشن هري رام" ويمشي على قدميه، ويؤدي الهندوس مناسك الحج في أعيادهم السنوية، ولديهم أعياد كثيرة منها ما يصاحبها الحج إلى معبد أو ضريح أو هيكل معين أو نهر من الأنهار المقدسة.

ويعد "كومبه ميلا" أشهر مواسم حج الهندوس، وهو يحدث أربعة مرات كل 12 عام في مدينة الله آباد بالهند وهو اسم فارسي يعني مدينة الله، وحسب ال BBC يعد الحج الهندوسي "كومبه ميلا" أكبر تجمع بشري في العالم حيث يصل عددهم فيه نحو 100 مليون هندوسي يؤدون طقوسهم على ضفاف نهر الغناج المقدس.

الحج في الديانة البوذية

بدأ البوذيون طقوسهم في السفر الجماعي والحج للأماكن المقدسة بعد وفاة بوذا بأعوام طويلة، فحسب الـ BBC فالحج في البوذية ليس فريضة أو طقس ديني، على الرغم من أن الموسوعة العربية ذكرت أن الحج من أعظم الطقوس الدينية لدى البوذيين حيث يرجون فيه الشفاء من الأمراض وأيضًا المتعة الروحية.

لدى البوذيون أربعة أماكن مقدسة للحج، وهي لومبيني مسقط رأس بوذا في النيبال، وبود غايا حيث جاءه الوحي تحت شجرة تين، وسارناث في الهند، حيث علم للمرة الأولى، وكوسينارا في الهند حيث مرقده.

الحج عند السيخ

في كتاب "السيخ تاريخهم وعقائدهم" التي أصدرته دائرة المعارف الهندية، اعتبر ديانة السيخ التي أسسها نانك توفيقًا بين عناصر مستمدة من الإسلام وأخرى من الهندوسية، فهي ديانة تعتمد على فكرة التوحيد على الرغم من عدم وضوح وثبات هذا الإله، فهو مرة يكون رام، وأخرى براهما وثالثة هاري، ومعنى السيخ بالعربية "العارف" أو المريد.

لدى السيخ معبد مقدس هو "المعبد الذهبي" ويقع في مدينة إمريتسار بالهند، وكل عام يسافر إليه أتباعها، وأيضًا في باكستان، يقع ضريح غورو ناناك في مدينة كرتاربور الباكستانية، الذي يتوجه إليه السيخ إليه احتفالًا بذكرى ولادة مؤسس ديانتهم نانك.

اقرأ أيضاً..

- بالصور والفيديو: كوارث وإتاوات ومشقّة على دروب الحج قديماً

فيديو قد يعجبك: