إعلان

السحر حقيقة أم خيال؟.. الإفتاء والأزهر يحسمان وهذا حكم من ينكر وجوده

08:44 م الأحد 04 يوليه 2021

السحر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

"السحر مذكور في القرآن" هكذا تلقى الألسنة هذه الجملة حين تواجه من يعارض فكرة السحر أو يسفه منها، وذلك لأن السحر بالفعل ذكر في عدة آيات قرآنية منها ما ورد في قصة هاروت وماروت في سورة البقرة، وهما الملكان اللذان ذكر القرآن أنهما نزلا ليعلما الناس السحر، ومنها ما ورد عن السحر في قصة سيدنا موسى عليه السلام والسحرة، لكن هل السحر فعلًا حقيقة؟ وإن كان كذلك في الماضي هل مازال كذلك حتى الآن؟

فتوى الشيخ عبد اللطيف حمزة وبيان أصل السحر

في الثمانينات أجاب الشيخ عبد اللطيف حمزة على تساؤل أحد المواطنين حول السحر في فتوى رسمية صدرت من دار الإفتاء المصرية، ليفسر حقيقة السحر وبدايته وقصة هاروت وماروت، فيقول حمزة إن أساس الأمر أن الشياطين في عهد سليمان عليه السلام وسوست إلى الإنس وأوهموهم أنهم يعلمون الغيب، وعلموهم السحر حتى انتشر بين الناس، ومثلما اتبع كبراء اليهود ورؤساءهم الشياطين في السحر والشعوذة، اتخذوا ما أنزل على "هاروت وماروت" من علم لنوايا خبيثة أيضًا.

يقول تعالى في سورة البقرة: "وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".

فيفسر عبد اللطيف حمزة الآيات موضحًا أن أحبار اليهود قد نبذوا الكتاب الذي أنزل على موسى، ومثل ذلك فعل أحفادهم مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، على الرغم من أنه صدق التوراة، وأتبعوا طرق السحر والشعوذة، اما سبب نزول هاروت وماروت وتعليم الناس السحر ابتداء، فيقول عبد اللطيف حمزة أن الله قد أنزلهم تعليم السحر ابتلاء من الله للناس، لا من أجل السحر بل من أجل إبطاله وإبطال ما فعلته الشياطين مع تعاليم وتعاويز، وذلك حتى يفرق بين السحر والمعجزة، فيقول " أظهر السحرة أمورًا غريبة وقع بسببها الشك في النبوة؛ فبعث الله تعالى الملكين لتعليم أبواب السحر حتى يزيلا الشبه ويميطا الأذى عن الطريق" وعلم هاروت وماروت الناس كذلك ألا يستخدموا السحر في الأذى فمن تعلمه لدفع الضرر عن الناس فقد نجا وثبت على الإيمان، أما من تعلمه ليلحق الأذى بالآخرين فقد ضل وكفر.

السحر حقيقة أم خيال؟

اختلف العلماء حول حقيقة السحر، هل هو حقيقي أم لا، فيشير عبد اللطيف حمزة إلى أنهم انقسموا لذلك إلى فريقين:

أ- فذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة إلى أن السحر له حقيقة وتأثير.

ب- وذهب المعتزلة وبعض أهل السنة إلى أن السحر ليس له حقيقة في الواقع، وإنما هو خداع وتمويه وتضليل، وأنه باب من أبواب الشعوذة، وهو عندهم على أنواع:

1- التخييل والخداع.

2- الكهانة والعرافة.

3- النميمة والوشاية والإفساد.

4- الاحتيال.

لكن رجح حمزة رأي الجمهور، إذ إنهم استدلوا على أن السحر له حقيقة وتأثير بعدة أدلة منها: أ- قوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: 116].

ب- قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه﴾ [البقرة: 102].

ج- قوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ [البقرة: 102].

د- وقوله تعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّٰاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: 4].

ويقول حمزة: "إن السحر له حقيقة وله تأثير على النفس، فإن إلقاء البغضاء بين الزوجين والتفريق بين المرء وأهله الذي أثبته القرآن الكريم ليس إلا أثرًا من آثار السحر، ولو لم يكن للسحر تأثير لما أمر القرآن بالتعوذ من شر النفاثات في العقد"، لكنه يؤكد أن أثره وضرره لا يصل إلا بإذن الله، فهو متوقف على مشيئة الله سبحانه وتعالى.

لكن يخالفه في ذلك الإمام الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إذ أكد في أكثر من مرة أن السحر لا يؤثر في حقيقة الأشياء بل هو تخييل للناس، قائلًا إن السحر ليس من خوارق العادات وإنما هو تخييل يرجع إلى خفة في اليد، ففي إحدى حلقات برنامجه "الإمام الطيب" ذكر أن الساحر يؤثر في أعين الناس فيجعلها ترى أشياء لا حقيقة لها في واقع الأمر، وفي ذلك يكمن الفارق بينه وبين المعجزة، فالأخيرة تؤثر في حقيقة الأشياء وذواتها، أما السحر فهو مجرد تخييل يتعامل مع العين لا مع الأشياء، كما أنه علم يمكن أن يتعلم ويعارض بمثله، مؤكدًا أنه لا يقلب حقيقة الأشياء ولا يغيرها ولا يؤثر فيها.

ويرى الطيب أيضًا أنه لا يمكن أن يتلبس الجن الإنسان، فيقول أن ما نسمعه ونشاهده ممن يقولون ذلك هو "خيالات واختراعات لا أساس لها من الصحة مؤكدًا أن قوة الجن في الوسوسة والإضلال لا في التلبس، لقوله تعالى: " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ".

حكم تعلم السحر

من الغريب أن هناك من العلماء من أحل تعلم السحر وتعليمه، فمن هؤلاء كان الإمام الفخر الرازي وهو ما خالف فيه جمهور العلماء الذين اتفقوا على حرمة تعلم السحر وتعليمه وذلك لأن القرآن الكريم ذكره في معرض الذم وبين أنه كفر، وكذلك عده الرسول صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ولكن يؤكد عبد اللطيف حمزة أن " والمسلم الذي لا يؤمن بالسحر لا يؤثر ذلك في إسلامه".

لماذا لا يؤثر الإيمان بالسحر أو عدمه في عقيدة المسلم؟

يقول الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الشريف، في إحدى حلقات برنامجه "الإمام الطيب" في وقت سابق، أن الإيمان بالملائكة أصل من أصول الإيمان الذي بينها النبي صلى الله عليه وسلم وهي الإيمان وملائكته وكتبه ورسله اليوم الآخر والقدر"، فلو لم يؤمن بالملائكة لانهدم إيمانه تمامًا، أما الإيمان بالجن، فالقرآن على الرغم من حديثه عنهم لم يجعل الإيمان به عقيدة من عقائد الإسلام".

فيديو قد يعجبك: