إعلان

كيف آثر أصحاب الكهف الإيمان على زينة الحياة الدنيا؟

كيف آثر أصحاب الكهف الإيمان على زينة الحياة الدنيا

كيف آثر أصحاب الكهف الإيمان على زينة الحياة الدنيا؟

04:55 م الأربعاء 02 مايو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - د. علي جمعة:

إن من سعة رحمة الله تعالى بخلقه وعنايته بهم بعد استخلافهم في الأرض بموالاة إرسال الرسل إليهم بالهدى كلما نسوا وضلوا مع أخذهم بالحلم والإمهال لمسيئهم، وقد شملت رحمته عز وجل جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم، ولكنه سبحانه أولى أولياءه رعاية خاصة؛ وأحاطهم بعنايته وصانهم من كل سوء، يقول صلى الله عليه وسلم : «إن لله عز وجل عبادا يحييهم في عافية, ويميتهم في عافية، ويبعثهم في عافية، ويدخلهم الجنة في عافية».. (المعجم الأوسط).

وأضاف جمعة في بيان له أن ممن أحاطهم الله سبحانه بعنايته وجعلهم في رعايته وخلدهم بذكره لهم في القرآن الكريم أصحاب الكهف، وهم فتية من صالح قومهم، ثبتوا على دين الحق لما شاع الكفر والشرك في قومهم وانتشر الباطل والبغي في ديارهم {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} هم فتية تبين لهم الهدي في مجتمع ضل عن الله تعالى، ولا حياة لهم في هذا المجتمع إن هم أعلنوا عقيدتهم وجاهروا بها، فلا سبيل لهم إلا أن يفروا بدينهم إلى الله، وأن يختاروا معيشة الكهف على زينة الحياة الدنيا.

وتابع جمعة: هكذا يعرضهم القرآن الكريم كنموذج للإيمان في النفوس المؤمنة; كيف تطمئن به وتؤثره علي زينة الأرض ومتاعها: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} وتحكي القصة كيف يحفظ الله هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة ويشملها بالرحمة، فالكهف ضيق خشن وبعيد عن العمران والناس، ولكن حمى الله أوسع وأرحم، ورعاية الله للمؤمنين أرحب وأعظم.

واستطرد: فها هم شباب مؤمنون أووا إلى الكهف، فضرب الله على آذانهم فناموا سنين طويلة، ثم يأذن الله ببعثهم بعد هذه السنين: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ}، وهم لا يدرون كم لبثوا، فكل ما يعلمونه أنهم أدركهم النوم فناموا ثم استيقظوا، ثم رأوا أنه لا طائل من هذا السؤال وليس من المهم معرفة الجواب، ففوضوا الأمر لله وانصرفوا إلى شأنهم وقالوا: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ}.

وهكذا يدرك هؤلاء الفتية بعد استيقاظهم ونزولهم المدينة أنه في فترة نومهم قد تغيرت الأحوال وطويت الدهور وزالت دول وقامت أخري، وفي الوقت ذاته يعلم الناس الذين استيقظوا في عهدهم أن قدرة الله تعالي لا يحدها حد وأن رعايته لأوليائه لا نهاية لها وأن وعد الله حق: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}.

* نقلاً عن الصفحة الشخصية لفضيلة الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

إعلان