إعلان

فيلم "البرج".. رسالة أمل ينقلها مخرج نرويجي إلى العالم عن فلسطين (حوار)

02:54 م الجمعة 30 نوفمبر 2018

فيلم البرج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

الأمل هو ما أراد "ماتس جرورد"، مخرج "the tower" أن يقوله من خلال فيلمه الطويل الأول، الذي عرض بالدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي، بطريقة شاعرية قدّم المخرج النرويجي قصة لاجئين فلسطين بمخيم برج البراجنة بلبنان، من خلال الفتاة "وردة" ذات الاحدى عشر عامًا، التي أخذت تبحث وراء حكايات أقاربها لتصل إلى أمل ما يُعيد جدها الأكبر للشعور بأن العودة قادمة حتمًا.

عُرض فيلم التحريك بالمسابقة الرسمية في مهرجان القاهرة، مرتين داخل المسرح الكبير وبسينما زاوية، فيهما حاز الفيلم على تصفيق وإعجاب الجمهور، كما عُرض في أيام فلسطين السينمائية بمدينة رام الله، في دورتها الخامسة، كعرض أول في الشرق الأوسط، وعُرض أيضًا بمهرجان أوسلو السينمائي، ومهرجان آنسي للرسوم المتحركة، فيما يراه، اليوم، جمهور النرويج تجاريًا لأول مرة.

أهدى جرورد الفيلم إلى أصدقائه بمخيم البراجنة، الذي نقل حكاياتهم عبر الفيلم، ليُري العالم وجهة نظر مختلفة عن فلسطين وأهلها، حاور مصراوي المخرج والمنتج "فرود سوبستاد" لينقلا كواليس الفيلم وسبب القيام بذلك العمل، ولماذا عرض بتقنية التحريك، وردود أفعال المتلقين من الأجانب والعرب حول الفيلم.

قبل عام 2001 كان جرورد يدرس تقنية التحريك في بلده النرويج، ما إن انتهى من ذلك حتى ذهب ليعيش بمخيم برج البراجنة لمدة سنة، حيث وجد فرصة للتطوع هناك، يعيش وسط مجتمع اللاجئين الفلسطنيين، تجربة عجيبة بالنسبة لأوروبي، لكن جرورد كان مُهتمًا، فقد كانت والدته تعمل كممرضة في المخيمات الفلسطينية، كما أنه لم يعش طيلة حياته في النرويج، فقد تنقّل بين غزة وبيروت والقاهرة.

1

وقتها كان جرورد شابًا مُتحمسًا قد أنهى دراسته في تقنية التحريك، ماذا سيفعل إذا ذهب لمنطقة تبعد عن مسقط رأسه آلاف الكيلومترات، سيتعرّف على أهلها، يعقد صداقات بينهم، ويُجمع حكاياتهم المُثيرة والمحزنة، لم يعرف وقتها ماذا يفعل الشاب النرويجي بتلك المادة، في الحوار يُشير جرورد إلى خلفية رأسه قائلًا "الفكرة كانت هنا، راسخة، لكن لم أعرف كيف أترجمها"، مع مرور السنوات أخرج جرورد فيلمه القصير الأول والثاني، عام 2010 لمعت الفكرة في ذهن جرورد "انتقلت إلى هنا"، مُشيرًا إلى مقدمة رأسه، حينها تعرّف على المنتج النرويجي، ومعًا قررا تطوير الفكرة.

2

في البدء، كما يقول جرورد، الفكرة كانت عن صناعة فيلم عن إحدى المخيمات، ثُم فكّر في تناول حكاية رسام الكاريكاتير ناجي العلي، التي تحمل حياته منعطفات حزينة أدّت إلى اغتياله على أيدي الإسرائيليين عام 1987، كما أنه تهجّر إلى مخيم عين الحلوة، لكن جرورد يقول "قابلت ابنه خالد، وجدت أن القصة بها الكثير من التفاصيل التي لن تُمكنني من عمل الفيلم"، نحّى المخرج الفكرة، واستبدلها بحكايات من مخيم برج البراجنة، وصناعة فيلم قصير، لكن لكثرة التفاصيل أشار عليه المنتج لتطويرها.

امتلأ الفيلم بالعديد من الشخصيات التي تحكي تاريخ فلسطين عبر السنين، يقول جرورد إن هناك شخصين داخل الفيلم موجودين بالفعل في الواقع، هو الجد "لطفي" والفتاة "روزيت"، أما البقية فهم عبارة عن ملامح لأشخاص عديدين وحكايات سمعها جرورد.

3

في الفيلم يُعطي الجد الأكبر مفتاح بيته في فلسطين إلى حفيدته الصغيرة "وردة"، تُذهل الفتاة، تعتقد أن جدها فقد الأمل في العودة، لذا تطرق أبواب أقاربها لسماع حكاياتهم، من خلالها تحاول الفتاة عبثًا الوصول إلى الأمل. نقل المخرج شكل البيوت كما كانت في الحقيقة، فهي على هيئة مكعبات، بيوت بُنيت فوق بعضها البعض، تصعد وردة العمارة بيت بيت، في النهاية تصل إلى ما أطلق عليه "فتى الحمام"، ذلك الشاب الذي يعيش وفوقه السماء "هناك العديد من فتيان الحمام في المخيم، في سن ال17 يتعلم الصبيان تربية الحمام، حاولت توصيل فكرة التناقض بين السماء التي تُشعرهم بالحرية، واحساس الضيق المبني على أساسه المخيم".

انقسمت لغة الفيلم إلى العربية والإنجليزية، يقول جرورد إن تلك كانت الطريقة التي سمع بها أصحابه بالمخيم يتحدثون، لذا نقلها كما هي، كما انقسمت تقنية التحريك إلى شكلين، واحدة كرسومات والتي تحملنا إلى حكايات الماضي، وواحدة على شكل عرائس تُشعر المتفرج أنها حية ويُمكن لمسها، شعر المخرج أنها الطريقة الأمثل لصناعة فيلمه.

على مدار سنوات التعاون بين جرورد وسوبستاد، كان المنتج يُحاول العثور على تمويل للفيلم، ويقول سوبستاد إن عدد الممولين حوالي 20، من دول مختلفة كفرنسا والنرويج والسويد، وأن ذلك كان تحدي كبير، فقد طرق باب التليفزيون السويدي في البداية، لكنه رفض، ووصلت تكلفة الفيلم حوالي مليون دولار.

4

من الأشياء الملحوظة في الفيلم أيضًا كان البحث التاريخي الذي يُعنون كل مرحلة تاريخية في فلسطين، قام بذلك البحث جرورد بنفسه، اعتمد على وجود أرشيف للنكبة على الانترنت، كذلك على مقابلاته الشخصية وكتب السيرة الذاتية، كما ذكر في الحوار اسم كتاب What It Means to be Palestinian: Stories of Palestinian" Peoplehood"، الذي اعتمد عليه أيضًا.

كل تلك الحكايات قرر جرورد مزجها ليصنع فيلمًا عن فلسطين، قابلته أعين الأوربيين بانفعالات مثيرة، لم يقتصر عرضه على الكبار فقط، بل عُرض للصغار أيضًا، الذين اهتموا كثيرًا بمعرفة شكل الحياة داخل المخيم "شاهد الفيلم أطفال أغلبهم في عمر الـ12 ل16، بس كمان كان فيه أطفال عندهم تسع سنين، كانت أسئلة غير متعلقة بصناعة الفيلم بقدر ما كانت متعلقة بما شاهدوه عن المخيم".

ينتظر جرورد عرض الفيلم التجاري الأول، اليوم، بالنرويج، هناك ثلاث نُسخ موجودة للفيلم، واحدة للأطفال، وواحدة بالإنجليزية، وأخرى بالعربية، سيرى ما تأثير الفيلم على النرويجيين، لكنه يُدرك تمامًا عبر عروض الفيلم بالمهرجانات أن جمال السينما ينبع في نقل معاناة البشر المختلفة.

فيديو قد يعجبك: