إعلان

''الجنبكية'' .. المعاناة تسكن جوانبها الحزينة

11:33 ص الأربعاء 04 فبراير 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - علياء أبو شهبة:

سميت الجنبكية بهذا الاسم نسبة إلى فيها كفر جاني بك الأشرفي بنى مدرسة ملحقة بداره، كانت منارا للعقول قبل مئات السنوات فسميت المنطقة تيمنا به، إلا أن طاقة العلم انطفأت وأصبح سكان الشارع يحاصرهم الإهمال من كل جانب، ويقتل كل أمل بداخلهم لإصلاح أحوالهم المعيشية.

في منتصف شارع الأزهر في الجهة المؤدية إلى شارع صلاح سالم تقع وكالة الغوري التي تعتبر صرحا ثقافيا هاما يحتضن حفلات الإنشاد الصوفي والتنورة وغيرها من الفنون، ما أن تتجاوز الغوري تنتقل إلى زقاق الدويداري في الناحية الأخرى من شارع المعز، والذي يحفل بكل ما يخص جهاز العروسة من الملابس والمفروشات المنزلية على طريقة ''من الإبرة للصاروخ'' كما يقولون، وهو الشارع الذي ينتهى بسبيل محمد علي وهو أثر إسلامي هام أسسه محمد علي رحمة على روح ابنه إسماعيل، ويقع في شارع النحاسين أمام مسجد الناصر محمد بن قلاوون.

بنهاية سور باب النصر أحد أبواب القاهرة الفاطمية، الذي يسبقه سوق ''الشماعين'' وتعتبر من أقدم مناطق صناعة الشمع في مصر، يتبقى للوصول إلى الجنبكية تجاوز شارع الخيامية الذي يضم بين جنباته مجموعة من أندر وأكفأ الصناع في العالم لفن يكاد ينقرض لقلة صانعيه، الذين يستقرون في ورش داخل بيوت غالبيتها يستند إلى أعمدة خشبية، لتثبتها وتطول أمد بقائها.

بعد نهاية منطقة الخيامية يوجد شارع المغربلين وفي حاره صغيرة متفرعة منه يقع شارع الجنبكية، الذي يتسم بالضيق الشديد، ويميز أرضه وجود ما يشبه الحواجز تتوسط الشارع بشكل عشوائي، فجأة انطلق الشاب العشريني حماده عبدالله، العامل في ورشة النجارة ليوضح لمصراوي سبب وجود هذه الحواجز لوقف سريان مياه الصرف الصحي بسبب تكرار انسداد مواسير الصرف وغرق الشارع ما يؤدي إلى تلف البضائع والممتلكات، كما أنها تؤثر على صمود البيوت القديمة وتزيد من ضعف أساسها.

قاطع حديثه أحد شباب الحي الذي رفض في البداية التحدث عن مشاكلهم لأنه أمر تكرر عشرات المرات بدون أي استجابة لتحسين أوضاعهم، ثم تحدث عن انقطاع المياه لساعات طويلة، وقال:'' يبقى الواحد راجع من شغله أخر اليوم مراته تقوم على الساعة 11 تفضل تغسل وتطبخ وتحضر للراجل لقمته لغاية الفجر لما تتقطع المياه''.

أمام منزل بسيط جلست أم سيد تتابع بضاعتها البسيطة المكونة من الحلوى والبسكويت وزجاجات المياه الغازية، وقالت لمصراوي :''بحاول استرزق اطلع بخمسة جنيه في اليوم تسند مع المعاش ومتابعة الحنفية لو جت المياه عايزة أقوم أغسل''، وفتحت باب البيت ويضم حوش مشترك مقسم إلى غرف بعضها سقفها يغطيه الصفيح، وبعضها يجمعها حمام مشترك، ويتجول في الحوش طيور متنوعة ما بين الدجاج والحمام والبط.

ثم تحدثت أم سيد عن مشكلة الزبالة التي تدفع مقابل إزالتها على فاتورة الكهرباء ولجامع القمامة وفقا لقدراتها المادية ''يوم اديله نص جنيه أو جنيه كده يعني''، لكن ذلك لا يمنع من تراكم القمامة التي تؤدي بدورها إلى انتشار الحشرات والثعابين التي تتخذ من الشقوق الكبيرة في جدران البيوت جحورا لها.

قاطعها حديث الأطفال شهد و ندى و عمرو ومحمود، الذين تسابقوا في روي قصص عن الثعبابين ليقول أحدهم :''مره كنا بنلعب كده وفجأة نزل التعبان علينا من فوق البيت اللي هناك ده''، لتقاطعه شهد :''في الصيف لما الكهربا بتقطع الجو بيبقى حر وبننزل نقعد في الشارع بنلاقيه نازل علينا من فوق''.

بالقرب من عشش مبنية بالطوب الأحمر جلست الحاجة سكينة سيدة ستينية ملامح وجهها تبدو كما لو كانت أكبر سنا، قالت بتلقائية :''ده الهم كبرني كده''، وتحدثت عن معاناتها بسبب انقطاع المياه وعدم قدرتها على حمل الأواني وقت توفر المياه لتخزين بعضها، ما يدفعها لاستعارة المياه من جيرانها.

تتذكر الحاجة سكينة عندما أصيبت بجلطة في القلب ولولا أبناء الحي كانت لتموت على الفور، لأن الشوارع الضيقة لا تجعلها تحلم بدخول سيارة اسعاف، ''يعني اللي معاه فسبه و لا توكتوك والحمدالله''، وختمت حديثها :''إحنا كويسين الحمدالله ده أنا بسمع أن العيال بتموت في الشارع كتير يا كبدي أمهم تقعد تربي وفي الأخر يجيلها عيلها ميت كبدي عليهم''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج