إعلان

"المبادرة المصرية" تُجيب: هل يحق للسجناء الإضراب عن الطعام؟ (سؤال وجواب)

06:13 م السبت 21 مايو 2016

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

بعد شروع المحتجزون على خلفية المشاركة في تظاهرات "جمعة الأرض" في الإضراب عن الطعام، أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ملفا يعرض أسئلة وأجوبة حول أسباب إضراب السجناء عن الطعام وهل هو حق لهم وكيفية تعامل المشرع المصري وإدارات السجون مع الأمر.

*ما هو الإضراب عن الطعام في سياق السجن؟ ولماذا يضرب سجناء أو غيرهم عن الطعام؟

الإضراب عن الطعام شكل من أشكال الاحتجاج المشروع. وكثيراً ما يختار السجناء الإضراب عن الطعام عند استنفاد وسائل التعبير عن الرأي أو المطالب. وفي أحيان كثيرة يكون الغرض من الإضراب هو لفت انتباه الرأي العام إلى انتهاكات حقوقية تشمل الاحتجاز غير المشروع أو التعسفي، والتعذيب أو غيره من أشكال إساءة المعاملة في السجون. ويهدف الإضراب في المعتاد إلى إخزاء السلطات وممارسة الضغط عليها لتلبية مطالب السجناء.

ويلجأ بعض السجناء المضربين إلى رفض الطعام بجميع أنواعه، وغيره من المكملات الغذائية، بينما يمضي آخرون إلى مدًى أبعد، فيرفضون مجرد تناول الماء فيما يعرف بالإضراب "الجاف". و يقبل بعض السجناء الحقن في الوريد بمحلول الملح أو غيره من أشكال العلاج الطبي، بما في ذلك التغذية الصناعية، بينما يرفضها آخرون باستنكار.

وهناك إضراب جماعي عن الطعام وعادة ما تنظمه مجموعات من السجناء أو المحتجزين في وضع مماثل، ولهم مطالب متشابهة، بينما يشرع سجناء آخرون في إضرابات فردية.

والإضراب المطول عن الطعام يستتبع بعض العواقب الطبية الوخيمة، وقد يؤدي إلى الموت، الذي لا يسعى إليه المضربون، إلا أن بعضهم مستعدون لمواجهته إذا لم تتم تلبية مطالبهم.

وفي بعض الأحيان يشرع بعض مطلقي السراح، ومنهم النشطاء الحقوقيون وأقارب السجناء، في الإضراب عن الطعام تضامناً مع المحتجزين المضربين.

*هل يتمتع السجناء بحق الإضراب عن الطعام؟

دون أدنى شك، يمثل الإضراب عن الطعام فعلاً مشروعاً يندرج تحت الحق في حر ية التعبير. ويجب أن يتمتع الأفراد باستقلالية تامة عن سلطات السجن وعن زملائهم في الزنازين سواء في قرار الإضراب أو قرار إنهائه.

*هل ينظم التشريع المصري الحق في الإضراب؟

سكت المشرع المصري عن هذه المسألة، ولا توجد مواد في لائحة السجون أو مراسيم وزارة الداخلية المتعلقة بإجراءات السجون تتصدى لقضية السجناء المضربين عن الطعام. أما كتيب قطاع السجون فهو يحتوي على لوائح إضافية للأفراد العاملين بالسجون، لكنه غير متاح للجمهور العام.

وتنص التشريعات واللوائح المتعلقة بالسجون على مسؤولية أطباء السجن عن تقديم العلاج والرعاية الطبية للسجناء، إلا أن القانون يسمح باعتراض المدير العام للسجن أو من ينوب عنه على قرارات الأطباء بما فيها القرارات التي تنصح بنقل السجناء إلى مستشفيات لتلقي العلاج (المادة 33 من القانون 79 لسنة 1961 بشأن الإجراءات الداخلية للسجون)، علاوة على هذا فإن أطباء السجون موظفون بوزارة الداخلية، ومن ثم فهم خاضعون لوزارة الداخلية لا وزارة الصحة مما يلقي بظلال الشك على حيدتهم.

* كيف تتعامل إدارات السجون المصرية مع الإضراب عن الطعام في السجون؟

نظريًاّ، عند إعلان السجين عن إضرابه عن الطعام فإنه يتم تحرير محضر بالواقعة من طرف إدارة السجن وإرساله إلى النائب العام. وفي بعض الحالات تقوم إدارة السجن باستجواب السجين بشأن قراره، وتحثه على إنهاء الإضراب باستخدام أسلوب "العصا والجزرة"، بعبارة أخرى، يمكن أن يوعد السجناء بمزايا إذا أنهوا الإضراب، أو تهديدهم بإجراءات عقابية إضافية إذا لم ينهوه. وفي حالات نادرة، مثل حالة سناء سيف المحبوسة احتياطيًاّ منذ 3 أشهر في أعقاب اعتقالها من مسيرة، تقوم النيابة العامة باستدعاء السجناء لاستجوابهم بشأن الأسباب الكامنة خلف الإضراب.

و لكن بالممارسة، وفي معظم الحالات التي وثقتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تتجاهل إدارات السجون وقطاع السجون بوزارة الداخلية خطورة إضراب السجناء عن الطعام أو تستخف به. على سبيل المثال، قال مدير سجن وادي النطرون لأحد المضربين، وهو إبراهيم اليماني، إن رد النيابة على محضر إضرابه عن الطعام كان: "أبلغونا عندما يموت"، وهذا بحسب أسرة اليماني. وفي حالات أخرى وبخاصة حين يلفت الإضراب عن الطعام انتباه الإعلام تحاول الحكومة التهوين من مظالم السجناء والأثر السلبي للإضراب على صحتهم، بل إن الحكومة تتمادى في بعض الحالات وتنكر مزاعم قيام السجناء بالإضراب عن الطعام أصلاً، أو تحاول إطعامهم بالقوة. وقد ظهرت بوسائل الإعلام صور لعبد الله الشامي مطلق السراح حاليًاّ وهو يحمل الطعام عندما كان محتجزاً يوم 22 من مايو رغم احتجاج عائلته بأنه أرغم على تناول الطعام، وبأن الصور مرتبة.

وفي توقيت أحدث، رغم أدلة غامرة على العكس، ومنها تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان، ادعى أحد مسؤولي قطاع السجون، وهو اللواء محمد علي حسين، في مقابلة إعلامية بتاريخ 8 من سبتمبر، أنه لا يوجد سجناء مضربون عن الطعام في سجون مصر.

حاولت السلطات أيضًا إكراه السجناء على تعليق إضراباتهم، بالتهديد بإجراءات عقابية تشمل ظروف احتجاز أسوأ. فعلى سبيل المثال، تم توجيه تهديدات بالحبس الانفرادي والنقل إلى أحد المضربين، وهو أحمد زيادة، من جانب ضابط شرطة بسجن أبو زعبل، فور إعلانه عن إضرابه عن الطعام، وهذا بحسب عائلته. وفي حالات أخرى يقوم المسؤولون بتحذير المضربين من الموت دون تحقيق أهدافهم.

وفي معظم الحالات المعروفة للمنظمات الحقوقية، تخفق السلطات المصرية في توفير رعاية طبية كافية وأخلاقية للمضربين عن الطعام، وترفض مناشدات أطبائهم ومحاميهم وعائلاتهم بنقلهم إلى مستشفيات خارج السجن لتلقي العلاج، وباستثناءات نادرة تخفق في رصد العواقب الصحية للإضراب عن الطعام.

*هل يجب على الأطباء أو إدارات السجون إطعام السجناء بالقوة تحت أي ظرف لإنقاذ حياتهم؟

يقرر إعلان مالطة الذي أصدرته الجمعية الطبية العالمية بشأن المضربين عن الطعام أنه: "حتى لو كانت بقصد الإفادة فإن التغذية المصحوبة بالتهديد أو الإكراه أو القوة أو استخدام القيود البدنية هي شكل من أشكال المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. وتضارعها في انعدام المقبولية ممارسة التغذية القسرية لبعض المحتجزين بهدف تخو يف أو إكراه غيرهم من المضربين عن الطعام على وقف الإضراب".

إذا كان السجناء قادرين على التعبير عن رغباتهم بوضوح، ولا يعانون من اختلال عقلي، فلا يجوز إعطاؤهم طعامًا أو علاجًا يرفضونه. وإذا عجز السجناء عن التعبير عن رغباتهم بحرية على سبيل المثال، لوجودهم في غيبوبة أو بسبب تهديدهم أو إكراههم من جانب إدارة السجن أو تعرضهم لضغط أقرانهم من المضربين عن الطعام في زنازينهم، فإن على أطبائهم المعالجين إجراء تقييم مستقل وموضوعي، وينبغي اتباع التوجيهات الواردة أدناه كما ينصح إعلان ملطة بشأن المضربين عن الطعام.

فعلى الأطباء أخذ التاريخ الطبي للمضرب عن الطعام، وإجراء فحص طبي شامل، وشرح العواقب الطبية للإضراب عن الطعام لضمان موافقة السجين عن علم. وينبغي حفظ تعليمات السجين المسبقة، التي قدمها طوعاً وعن علم، وتسليمها إلى أي أطباء يتولون حالته وهو ما يتسم بأهمية خاصة إذا فقد المضرب عن الطعام أهليته البدنية أو الذهنية.

على الأطباء أن يسألوا المضرب على انفراد عن رغباته فيما يتعلق بالعلاج الطبي والتغذية الصناعية في بداية الإضراب عن الطعام، وعليهم احترام سرية العلاقة مع المضرب عن الطعام، فإذا عجز المضرب عن الطعام عن التعبير عن رغباته، ولم تكن هناك تعليمات مسبقة يعتمد عليها، فعلى الأطباء ممارسة الحصافة في تقدير المصلحة الفضلى للمضرب استنادًا إلى تاريخه الطبي وقيمه.

وفي السياق المصري يعمل أطباء السجون لدى وزارة الداخلية، مما يثير بواعث قلق جدية فيما يتعلق بحيدتهم واستقلالهم. ومن ثم فمن اللازم دائماً التماس الرأي والوصفات العلاجية من أطباء مستقلين، في أوضاع الإضراب المطول عن الطعام.

*هل يسمح التشريع المصري بالإفراج عن المضربين عن الطعام لأسباب طبية؟

تحدد المادة 36 من قانون السجون شروط الإفراج الطبي عن السجناء المدانين فقط، وهذا بعد قيام السجين بتنبيه طبيب السجن، وعرضه على رئيس الإدارة الطبية المختصة بقطاع السجون، إضافة إلى طبيب شرعي. وإذا قرروا أن حالته الصحية تستلزم الإفراج فلا بد من الحصول على إذن المدير العام للسجون والنائب العام. وبصفة عامة، تستغرق هذه الإجراءات وقتاً طويلاً، وتتوقف بالكامل على تعاون أطباء السجون وإداراتها.

أما المحبوسين احتياطيًاّ فإن قرار الإفراج عنهم لأي سبب لا يصدره إلا النائب العام، أو عضو النيابة الذي يحقق في القضية، أو المحكمة التي تجدد أوامر الحبس الاحتياطي أو تنظر في القضية. وتدهور الصحة وحده لا يعد سبباً كافياً للإفراج بموجب قانون الإجراءات الجنائية. ويمكن لهيئات القضاء ممارسة سلطتها التقديرية وإصدار قرار بأن خطر الهروب مستبعد، بالنظر إلى سوء حالة المحتجز الصحية.

وفي حالة الصحفي عبد الله الشامي، صدر قرار الإفراج مباشرة من النائب العام يوم 16 من يونيو، بعد إضراب الشامي عن الطعام لمدة 149 يومًا.

*ماهي الأسباب التي دعت إلى الإضرابات عن الطعام في السجون المصرية؟

هناك عدد من الشكاوى المتكررة في الأسباب التي أعلنها المضربون عن الطعام والتي تتضمن الآتي: "الاعتقال التعسفي، الحبس غيرالقانوني، الحبس الاحتياطي المطول، التعذيب وأشكال أخرى من العنف الجسدي يتعرضون له داخل السجون، أساليب عقاب ومعاملة غير آدمية في السجون، فشل السلطات في تحقيق أدنى معايير المحاكمة العادلة بحسب حالات عديدة موثقة".

*من هم المضربون عن الطعام في السجون المصرية؟

أضرب عن الطعام خلال العام الماضي طائفة كبيرة من السجناء سيدات ورجال وأطفال متبايني الانتماءات السياسية، بعرض السجون ومراكز احتجاز الأحداث وأقسام الشرطة المصرية.

وكان من بين الأسباب إبداء الاحتجاج على اعتقالهم التعسفي، وحبسهم الاحتياطي المطول، وإخفاق السلطات في احترام أدنى معايير المحاكمات العادلة في العديد من الحالات الموثقة، والتعذيب وإساءة المعاملة وظروف السجون اللاإنسانية التي يتعرضون لها.

وبدأت موجة جديدة من الإضراب عن الطعام تستجمع قواها في أواخر أغسطس، فيما بدأ عدد من أبرز النشطاء في رفض الطعام احتجاجًا على احتجاز المعارضين السياسيين، وللدعوة إلى إلغاء قانون التظاهر الذي تسبب في حبسهم، وبدون الحق في الوصول المستقل إلى السجون وغيرها من مراكز الاحتجاز في مصر سيكون من المستحيل على المنظمات الحقوقية وبقية منظمات المجتمع المدني أن تحدد العدد الدقيق للمضربين عن الطعام في السجون المصرية، وبخاصة أن بعض المضربين لا يحظون بتواصلٍ يذُكر مع مجتمع النشطاء أو وسائل الإعلام. وبحسب مجموعتي النشطاء، "الحر ية للجدعان" و"جِبنا آخرنا"، يضرب عن الطعام في الوقت الراهن 85 شخصًا بعرض سجون مصر وأقسام شرطتها، ومنها مجمع سجون طرة، وسجن أبو زعبل، وسجن القناطر، وقسم شرطة الجيزة.

فيديو قد يعجبك: