إعلان

هدنة من جلسات الكيماوي.. صغار 57357 في مهرجان حكاوي لفنون الطفل

03:11 م السبت 06 نوفمبر 2021

أطفال مستشفى 57357 أثناء عرض في مهرجان حكاوي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتابة وتصوير-إشراق أحمد:

في لحظات تبدل حال جودي؛ ما إن أخبرتها والدتها "هنروح رحلة"، نسيت الصغيرة ذات الثلاثة أعوام ما فعلته بها جلسات الكيماوي لثلاثة أيام، تراجعت عن إلحاحها بالعودة للمنزل حتى أنها لم تسأل عن مكان الفسحة "فرحت أوي وبقت تقولي هنروح الجنينة" تقول الأم أميرة حافظ.

جودي بين عشرة أطفال من مستشفى 57357 لعلاج السرطان تغير مسارهم من البيت للمستشفى، يوم الخميس الماضي، ليتواجدوا في التحرير بعدما استقبلوا دعوة حضور عروض مهرجان حكاوي الدولي لفنون الطفل.

1

أطلق مركز أفكا للفنون الدورة الحادية عشر من مهرجان حكاوي في الفترة من 2 إلى 9 نوفمبر الجاري في ثلاثة محافظات وهي القاهرة، الإسكندرية، والمنيا، ويجمع المهرجان كل عام عروض دولية ومحلية مخصصة للأطفال من جميع أنحاء العالم بهدف تعليم وترفيه الأطفال المصريين وعائلتهم من خلال الفنون والثفاقة.

في شهر مارس الماضي، اكتشفت أميرة مرض ابنتها جودي بالسرطان، أصبحت الأم تحمل طفلتها أسبوعيًا من الفيوم لتتلقى جلسات الكيماوي في مستشفى الأطفال، وفي الأسبوع السابق كانت الأيام ثقيلة "قعدنا ثلاث أيام. كانت آخر الجرعات الجامدة". اُنهكت الصغيرة ووالدتها، اختفت ابتسامة ذات الثلاثة أعوام المعروف عنها المرح بين رفاقها.

أرادت الأم أن تعود سريعًا للمنزل للتخفيف عن ابنتها حتى تفاجأت بإخبار المشرفين لها بأمر الرحلة "خلصنا الأربع متأخر وكنا هنسافر الصبح فلما قالوا لي هنودي الولاد مسرح قلت لجودي وبقت بتتنطط".

2

في التاسعة والنصف صباحًا، داخل مسرح الفلكي التابع للجامعة الأمريكية، انتظر الصغار رفقة أمهاتهم العرض المسرحي "جميز". لا يعرف الأطفال الحاضرين بأن ما يرونه نسخة مصرية من عرض أمريكي كاد ألا يقدم نظرًا لعدم قدرة الفنانين على المجيء لمصر بسبب "كورونا"، غير أن تعاون أفكا مع مع جامعة تكساس ومسرح إليناس جعل العرض متاحًا كما يقول مصطفى محمد، المدير التنفيذي لمركز أفكا للفنون القائم على المهرجان.

لم تتوقف جودي عن المناكفة، تتحدث لوالدتها ولكل من حولها، تسير بينهم موزعة الابتسامة بردائها الزهري وطوق يحيط برأسها الخالي إلا منه بينما تبادر بطفولية للإجابة دون سؤال "عندي شعر حلو في البيت".

3

منذ 10 أعوام ولأطفال 57357 مكان في المهرجان كما تقول دينا سامي، مسؤولة المتطوعين بالمستشفى والتي صاحبت الصغار، موضحة أنهم يصحبون مَن لديهم القدرة على الخروج وسط تجمعات "بنسميهم المنتصرون.. اللي بيتابعوا في المستشفى أو حالتهم تسمح"، وفي كل مرة يحرص المشرفون على تواجد مجموعة مختلفة كي يخوض الجميع التجربة.

ما كانت سعادة رانيا شوقي أقل من ابنها أحمد، جلست السيدة العشرينية جوار الصغار، تلمع عينيها بالابتسام "أول مرة أدخل مسرح وأشوف حاجات زي كده"، وكذلك طفلها ذي الثمانية أعوام.

4

كان عرض "جميز" صامتًا إلا من موسيقى وحركات الفنانين، إلى جانب همهمات وضحكات الصغار والكبار. قدم شاب وفتاة خلال نحو نصف ساعة فقرة تفاعلية مضمونها عن الصداقة، أشركوا الأطفال معهم باللعب وتوزيع "الطراطير".

لم يكن صغار مستشفى السرطان وحدهم، تواجد عدد من الأهالي والصغار القادمين خصيصًا للمهرجان والعروض "أحنا بنتوجه لكل الأطفال مش فئة معينة.. اللي بيقدروا يحضروا بتذاكر بيكون قصادهم ولاد بيتواجدوا مجانًا" كما يقول المدير التنفيذي لمركز أفكا، مشيرًا إلى أن هذه الدورة مختلفة بسبب ظروف كورونا "كنا بنعمل عروض في المستشفى بالتزامن مع المهرجان لكن اكتفينا بدعوة اللي يقدر منهم يجيي السنة دي".

5

قبل 5 أشهر دارت حياة رانيا فقط في منزلها "مكنتش بخرج إلا لو عيل من العيال تعب أو نروح زيارة في العيلة"، فيما أصبحت زيارتها بين الفيوم والقاهرة أسبوعيًا من أجل علاج طفلها الأكبر، ولتزامن مرض أحمد مع تفشي كورونا، لم يكن هناك فرصة للخروج من المستشفى، لذا كان للرحلة الأولى لهما بعيدًا عن حدود الغرف والأدوية وقع خاص.

طيلة العرض في مسرح الفلكي ومن بعده الذهاب لحضور آخر في معهد جوتة يسمى بغرفة الأسرار، تخففت الأم لساعات من رؤية أثر الكيماوي على طفلها، أشرق وجه أحمد رغم تغير ملامحه، تفاعل ورفاقه أثناء عرض تبسيط العلوم، يتحرك هنا وهناك بحثًا عن حل اللغز، فيما صار مع كل انتقال لفقرة آخرى يسأل في حزن "خلاص كده هنروح؟".

6

خلاف الأعوام الماضية، شملت قائمة المهرجان 9 عروض مصرية، وواحد فقط أجنبي، وهو ما كان بمثابة خطوة مهمة للقائمين على الفاعليات "حاولنا نستغل موقف أن الدنيا كلها توقفت بعد كورونا وحاولنا ندعم الفنانين المصريين"، وهذا كان هدف المهرجان من الوصول لإنتاج عروض محلية للأطفال كما يقول المدير التنفيذي لمركز أفكا للفنون.

يسعد مهند عمرو كثيرًا بالرحلات، يكفيه أن يستقل سيارة ويتنفس نسمات الطريق، ما إن يتواجد اسمه في كشوف الأسماء حتى يعلم أن تجربة جديدة في الانتظار، لم يأت صاحب الثلاثة عشر عامًا مع والدته كما فعل رفاقه، بل صحب ابنة خالته شهد أحمد التي بمثابة الشقيقة الكبرى.

7

على النقيض، تفضل شهد البقاء في المنزل، لكن لأجل مهند ورؤيته سعيدًا أصحبت تحب الرحلات، خاصة مع أطفال مستشفى 57357، التي لا يحلم الصبي بشيء سوى أن يتمكن من إقامة مشروع يكون داخل المستشفى، فلا ينقطع وصاله معها أبدًا.

قضى الأطفال وذويهم والمشرفون ساعات من المرح، اختتمت مع الرابعة عصرًا، عاد كل منهم إلى منزله بجرعة من الانبساط، تحمل جودي "طرطور" لشقيقها الكبير مروان حصلت عليه من عرض "جميز"، ويفكر أحمد في تجربة وضع الورق على سطح الماء دون أن يبتل وضع دبوس في بالون من غير أن يتمزق، فيما تعلم الأمهات أن طريق العلاج من السرطان ينتظرهم الأسبوع المقبل وما بعده، لكن لن يهونه إلا مثل هذه الأوقات.

8

فيديو قد يعجبك: