إعلان

15 يوما من العمل.. قصة أول حجر صحي بالجهود التطوعية في الموصل

10:39 ص الأحد 26 يوليه 2020

حجر صحي بالجهود التطوعية في الموصل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

قبل نهاية يونيو الماضي، كانت مدينة الموصل العراقية خالية من حجر صحي مُخصص لاستقبال الوافدين، جرت العادة على إرسالهم لمستشفى تابع للجامعة الشمالية بمحافظة نينوي، غير أن ذلك أدى لنقل العدوى من حالات إيجابية لفيروس كورونا لأخرى مشتبه بها، لذا اجتمعت أربعة فرق تطوعية بالإضافة للمكتب الهندسي لإنشاء مكان يستقبل الوافدين مدة 14 يوما قبل مرورهم داخل المحافظة.

3 سنوات سيطر فيها تنظيم داعش الإرهابي على الموصل، جرّف بنيتها التحتية، باتت محافظة نينوي الأكثر تضررا بعد تحريرها في 2017، حاول سعد الوزان -أحد المتطوعين المسئولين عن الحجر- وزملاؤه منذ انتشار الفيروس المستجد التخفيف من آلام أهل المحافظة، تارة بتوزيع مواد غذائية، أخرى بالدعم النفسي للأسر في ظل الوضع الحالي "لكن ظلت أزمة إنه ما عندنا مكان مخصص للحجر الصحي.. حتى اجتمعنا في 25 يونيو الماضي".

1

ضم الاجتماع فريق "تطوع معنا" و"نينوى أولا" و"خلوها أجمل" و"رواد العطاء" ومكتب التعمير الهندسي التابع للمحافظة، اتفق الجميع على البحث عن أرض على أطراف المحافظة تصلح لاستقبال الوافدين من خارج العراق أو داخلها "ما كنا عارفين كيف سنوفر الأرض لكن بشكل سريع جدا ربنا أرسل طوق نجاة"، اقترح أحد المتطوعين مكانا كان في السابق معرضا للكتب "أرض مساحتها 1500 متر"، ما أن تحدثوا مع صاحبها أركان الفيصل حتى وافق على إعطائها لهم دون مقابل "والباقي علينا كمتطوعين من التجهيز وحتى التشغيل".

2

كان المتطوعون في سباق مع الزمن. فورا أطلقوا نداءات عبر منصات التواصل الاجتماعي "طلبنا من الناس تتبرع لنا بأي شيء سواء تبرعات عينية أو مادية أو بالجهد"، قدم الجميع ما باستطاعته، لم يتخيل سعد وزملاؤه أن يجمعوا حوالي 15 مليون دينار عراقي خلال أيام قليلة، فيما تم التخطيط للمكان بشكل دقيق.

3

86 سريرا يسعهم الحجر الصحي الجديد، تم توزيع الجُهد بين مئات المتطوعين، لم يتوقف العمل خلال الخمسة أيام الأولى "كنا نعمل 24 ساعة متواصلة ثم بعد ذلك 16 ساعة يوميا"، تم بناء كل شيء بشكل تطوعي "حتى النجارين والحدادين والكهربائي شاركوا بشكل مجاني".

4

شيّد الفريق المكان بالمواصفات المنضبطة، اتبعوا قواعد منظمة الصحة العالمية للحجر الصحي؛ صمم المهندسون الغُرف لتكون منفصلة عن بعضها بقواعد خشبية، فيما راعوا معايير مكيفات للهواء كي لا تشكل خطورة، أما حنفيات المياه فلا تعمل باللمس "مجرد ما تقترب منها اليد تعمل"، فيما خصص الفريق حمامات مُجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة "وأيضا غُرف مجهزة لهم" حسبما يقول سعد.

5

لم يتوقف الأمر على التجهيز الطبي فقط؛ قرر سعد، الذي يعمل مهندسا للحاسبات برفقة مهندس آخر، تصميم برنامج يُدار به المكان بالكامل "عبارة عن قاعدة بيانات إلكترونية عبر منصة محددة"، فيما ركّز المتطوعون على الجانب النفسي لمن هم بداخل الحجر؛ أنشأوا إذاعة داخلية، تبث مواد سمعية مختلفة للتخفيف عنهم خلال الـ14 يوما و"كافتيريا تراعي التباعد الاجتماعي للعاملين بالمكان".

6

منذ بداية التفشي، سجلت العراق حوالي 107 ألف إصابة، منها ما يُقارب الـ200 داخل محافظة نينوي، ورغم صغر الرقم "لكن لأن ما عندنا مرافق جيدة فالحالات مرشحة للزيادة طوال الوقت"، أنجز المتطوعون الحجر الصحي خلال 15 يوما فقط، لم يكن العمل دائما يسيرا، فما أن تم الإعلان عن إقامة الحجر الصحي "وجدنا أهل المنطقة خرجوا يتظاهرون ضدنا.. ماكو (لم يكونوا) يريدون إقامة صرح ممكن ينقل لهم العدوى".

7

مجهود مُضاعف بذله المتطوعون "تقريبا صار لنا يومين دون نوم.. نلف بين رؤساء القبائل وشيوخ العشائر حتى نقنعهم"، بشكل منطقي تحدث الشباب لأهل المنطقة، استمعوا لمخاوفهم وردوا عليها "يعني مثلا الحجر مكان مُغلق.. لا يوجد احتكاك بين الداخل والخارج بالتالي ليس هناك سبيل لنقل العدوى"، مع الوقت آمن السكان بالفكرة "لدرجة إنه جاءنا اتنين منهم متبرعين بمبالغ طائلة لاستكمال العمل".

8

تم افتتاح المكان للعمل منتصف يوليو الماضي، يشعر سعد بالفخر تجاه ما صنعوه، أتموّا مهمتهم على أكمل وجه، أما العاملين بداخله "فهم ممرضون وأطباء تابعين للمحافظة وبعضهم متطوعين".

لم يغب أثر الفيروس المستجد عن مدينة الموصل وأهلها "كتير فقدوا عملهم خاصة العمالة اليومية"، كان سعد يعمل في مؤسسة دولية "لكنها توقفت عن العمل وانا تضررت 100%"، لكن المهندس الثلاثيني يمتن لوجود المساعدات "والأهم إنه صوت المتطوعين بالموصل مسموع والناس تثق فيهم وفي محاولاتهم لجعل الأمور أفضل".

فيديو قد يعجبك: