إعلان

التدوينة صفر.. حقيقة قصة الفتاة "متعددة العلاقات" ونقلها كورونا إلى 37 شخصا

03:23 م الثلاثاء 12 مايو 2020

حقيقة قصة الفتاة متعددة العلاقات

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - أشرف جهاد وعصام خضيري:

"فتاة من (ــــ) مصابة بفيروس كورونا، وُضعت عائلتها وعائلة صديقها في الحجر الصحي. في وقت لاحق، وُجد أن الفتاة لديها علاقات مع 3 أصدقاء آخرين. إذًا 37 فردًا من تلك العائلات الخمس وضعوا في الحجر الصحي!!، ولكن الآن، علمنا أن اثنين من أصدقائها لديهما صديقتان أخريان!...".

في 24 أبريل، لم يكذب أهالي مدينة نيودلهي الهندية القصة عندما بثتها قناة محلية ادعت أن الفتاة من منطقتهم، وخلال ساعات قليلة، أعاد هنود من مدن أخرى إنتاج القصة ذاتها مع الزعم أن الفتاة من مدينتهم هم.

وفي أيام قليلة، غزت هذه القصة وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الصحف وحتى المحطات التلفزيونية في 6 دول أسيوية وأفريقية وغربية. وفي كل دولة يعيد مروجي القصة نشرها مع تغيير اسم المدينة لتكون إحدى مدن بلدهم. فمن الهند انتقلت القصة للجارة المتشددة باكستان، وبنجلاديش، ووصلت إلى نيويورك الأمريكية ولاجوس في نيجيريا... فهل كانت القصة حقيقية؟ وهل لها أساس واقعي؟ ومن أين انطلقت وكيف تحورت لتتمدد إلى 6 دول بينها دول متشددة ولا تسمح بعلاقات خارج الزواج؟

تقرير تلفزيوني اعتمد على رسالة "واتس آب"

«زوجان من دلهي اكتشف إصابتهما بـ# كورونا! لكن الفتاة اتضح أنها على علاقة مع ثلاثة رجال آخرين هم أيضا تحت الملاحظة الآن. في تطور جديد ، رجل من بين الثلاثة، اكتشف أن له صديقتين أخريين. من بين هاتين الفتاتين يعتقد أن واحدة منهما لديها المزيد من الأصدقاء الرجال».. بهذه الكلمات، أطلقت قناة تاميلية محلية في الهند العنان لقصة الفتاة متعددة العلاقات. وانتشر تقرير القناة بسرعة البرق على موقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم 26 أبريل.

إلا أن تقريرا نشره موقع انترناشيونال بزنس تايمز الهندي https://www.ibtimes.co.in/، كشف أن القناة نشرت التقرير استنادا إلى رسالة معاد تحويلها عبر تطبيق واتس آب. وقال محرر القناة للموقع الهندي إن الرسالة ظهرت على الشاشة مباشرة بعد وقت قصير من وصولها له عبر واتس آب. فهل كانت قصة الفتاة حقيقية؟

قال محرر القناة إن الرسالة كانت محولة، ولا يوجد أي دليل آخر يدعم صحتها، فيما أكد الموقع الإخباري أن القصة مختلقة ولم تحدث في دلهي.

تقرير القناة الهندية، أطلق العنان لترند الفتاة متعددة العلاقات في الهند كلها، وتناقلها العشرات بتغيير طفيف، تمثل في تغيير اسم المدينة إلى مدنهم فانتشرت نسخا من القصة تحمل أسماء مدن مومباي، وبنغالورو، وتشيناي. وتمددت القصة إلى مدينة جديدة خارج الهند وهي العاصمة الباكستانية إسلام أباد، وذلك رغم عدم قبول المجتمع هناك بالعلاقات الجنسية بين الرجال والسيدات خارج الزواج.

البحث عن أصل القصة

خطأ القناة الهندية، وانتشار الشائعة، دفعنا للبحث عن "التدوينة صفر" (أول تدوينة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول القصة).

بدأنا البحث باستخدام محرك جوجل، وأداة "Crowd tangel" لجمع بيانات مواقع التواصل الثلاث "فيسبوك - تويتر - إنستجرام" عن الواقعة، من الصفحات الموثقة.

وكشفت أداة Crowd tangel عن انتشار الرسالة على عدة صفحات عامة منذ يوم 24 أبريل، وهو اليوم نفسه الذي شهد نشر البوست على موقع brainly التعليمي العالمي، باعتباره سؤالا مخصصا لطلاب الثانوية العامة... اضغط هنا

صورة سؤال فتاة كورونا متعددة العلاقات

وقبلها بيوم، نشر السؤال على موقع آخر، باعتباره جزءا من امتحان تجريه ولاية هندية لاختيار موظفيها. اضغط هنا

انتشار فيروسي.. فتاة من كل مدينة

في أكثر من 300 صفحة عامة على فيسبوك فقط، وجدنا القصة تنتشر بتغييرات طفيفة.

ويوضح الرسم البياني التالي إجمالي عدد المتفاعلين مع منشورات الصفحات العامة على فيسبوك في أول 10 أيام من انتشار قصة فتاة كورونا متعددة العلاقات.

96804604_247964292932962_7829910283245060096_n

كما يوضح المخطط البياني التفاعلي التالي، كيف شارك جمهور السوشيال ميديا القصة، وبداية انتشارها بكثرة على الصفحات والجروبات العامة لفيسبوك باللغة الإنجليزية للمنشور الأصلي، ولغات أخرى.

واختتمت أغلب تغريدات الصفحات العامة بعبارة "منقول"، ما دفعنا لاستكمال البحث عن أول خبر أو تدوينة عن قصة الفتاة.

بالبحث عن القصة على محرك جوجل، وجدنا خبرين متماثلين نشرا على موقعي "kashmir.today"، و"english.tupak"، في 23 إبريل الماضي، نصه: "أثناء بحث السلطات الحكومية بإندروا في الحالات الإيجابية لـ COVID-19، وبتتبعها لنتيجة الاختبار الإيجابية لسيدة من لوسياديا وجدت مفاجأة.. فالسيدة لديها ثلاثة أصدقاء آخرين، كما تم إرسال أفراد عائلات الأصدقاء إلى عنابر العزل، إلا أن الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أن أحد الأصدقاء الأربعة لديه صديقتان أخريان".

نص الخبر، نشره أحد الأشخاص على جروب kashmir.today، يوم 23 إبريل أيضا.

1

وعلى "إنستجرام" تم تداول القصة نفسها بتاريخ 23 أبريل، مع الاستمرار في تجهيل المصدر.

View this post on Instagram

A post shared by Kashmir Update🕯(OFFICIAL) (@kashmir_update) on

البحث عن "التدوينة صفر"

بعد فشل البحث في الصفحات الموثقة، ومحرك جوجل، في حسم أول مصدر للقصة، بدأنا رحلة البحث بالأدوات المتقدمة على جوجل وفيس بوك، للوصول للتدوينة صفر، أول تدوينة نشرت النسخة الأولى من القصة.

وبتضييق نطاق البحث الزمني لما قبل يوم 24 إبريل (يوم ظهور التغريدة على الصفحات العامة والحسابات الموثقة). وصلنا إلى أول حساب نشر قصة فتاة.

ظهرت القصة لأول مرة على موقع تويتر، عبر حساب غير موثق في 19 إبريل، أي قبل 5 أيام من بدء ظهورها على الصفحات والحسابات العامة.

لكنها حملت اسم مدينة لم يتكرر بعدها أبدا، وهي مدينة أحمد أباد الهندية.

صاحب التغريدة، أعقبها بعدة ردود، بينها تعليق دعا لتجنب هذه الأخطاء حتى لا يهدم جهود الحكومة.

لم تتداول القصة بعدها حتى يوم 22 أبريل، حينها عادت القصة للظهور مرة أخرى لكنها حملت اسم مدينة جديدة هي إندور الهندية. وأعقبتها عدة تغريدات مماثلة.

في يوم 23 إبريل، استمر انتشار قصة إندور على تويتر، فيما بدأت فتاة كورونا تتحول إلى لغز رياضي على عدة مواقع تعليمية.

وفي 24 إبريل، وصلت شائعة فتاة كورونا في التنقل بعيدا عن الهند، عندما نشر حساب في دبي القصة، زاعما أنها لفتاة في المدينة التي يتواجد بها.

في اليوم نفسه، بدأ انتشار الشائعة في الصفحات العامة خصوصا في الهند وباكستان. مرة بصيغة الخبر، وأخرى بصيغة السؤال الرياضي مع تغيير المدينة حسب الصفحة التي تقوم بنشرها. وظهرت صيغة السؤال لأول مرة على تويتر أيضا.

ووصلت الشائعة محطتها الدولية الرابعة، يوم 24 إبريل، عندما شيّر سيرالنكيون القصة وكأنه سؤال رياضي عن حالة وقعت في مدينة جايلا السريلانكية .

وفي يوم 25 إبريل، غزت الشائعة تويتر، ووصلت لمدينة هندية جديدة:

وخرجت الشائعة من قارة أسيا لأول مرة، بظهورها في غانا يوم 26 إبريل، ونشرها وكأنها واقعة حقيقية يجب استخلاص دروسا منها لمواجهة كورونا.

وفي اليوم نفسه، امتدت الشائعة لمدينتين باكستانيين جديدتين:

وفي 25 أبريل، وصلت القصة لموقع فيس بوك، وهذه المرة عن فتاة - غير متزوجة من مدينة لاهور الباكستانية، مع إضافة بعض التغييرات على القصة، منها سؤال يطالب بحساب عدد المصابين النهائيين بناء على العلاقات المتعددة: "انضم إلى فصول الرياضيات، لتعلّم منهج تم إدخاله حديثًا في الرياضيات يسمى Covid Maths".

ومع تمدد الشائعة في نحو 6 دول، أصدرت الشرطة الهندية، -البلد التي انطلقت منها قصة اللغز- تحذيرا لمنسقي جروبات واتساب من نشر هذه القصة، وحملتهم المسئولية عن أي أخبار ملفقة.

الخلاصة: القصة نشرت لأول مرة في 19 إبريل، حاملة اسم مدينة أحمد أباد، للمرة الأولى والأخيرة، وبعدها بدأت تنتشر في الهند حاملة اسم عدة مدن أخرى. وتحولت من الصيغة الخبرية إلى صيغة قصص العبرة، ومنها إلى صيغة اللغز والسؤال الرياضي، وانتشرت في دول أسيوية وإفريقية وعربية.

ولا يوجد دليل واحد على حدوث القصة بالفعل في الهند، التي توعدت ناشري القصص الملفقة بالمساءلة القانونية.

فيديو قد يعجبك: