إعلان

أستاذ صيدلة تنتج المعقمات في الجامعة: "إحنا زي الجنود مينفعش نسيب مكانا"

11:15 ص الثلاثاء 24 مارس 2020

المصنع التجريبي لكلية الصيدلة في جامعة مصر للعلوم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

مع كل يوم يمر، يزيد شعور رحاب عبد المنعم بالمسؤولية؛ ترتفع أعداد المصابين في مصر بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تخرج المطالبات بالبقاء في المنزل لدرء انتشار الوباء، فيما تصر أستاذ الصيدلة على الذهاب إلى معملها.

0

تسابق الزمن مع العاملين معها لإنتاج مطهرات الأيدي والأسطح، تعمل كي تغطي احتياجات وقاية جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تود لو استطاعت أن تلبي ما يلزم الجمهورية، لكنها وجدت البديل في نصيحة تقدمها لأحدهم لينتج في مكانه، فمنذ بدأت الأزمة علمت رحاب أن دور العاملين في القطاع الصيدلي والطبي قد حان.

في فبراير المنصرف، مع تجاوز فيروس كورونا حدود الصين، وإعلان مصر تخصيص مستشفى للحجر الصحي، استشعرت رحاب الحذر؛ بادرت الأستاذة الجامعية بنشر ثقافة الوقاية في جامعة مصر للعلوم والتكنولجيا "بقينا نحط معقمات في الكليات والمدرجات والطرقات وعلقنا ملصقات". اعتمدت رئيس قسم الصيدلة الصناعية في إنتاج المادة المطهرة على المصنع المنشأ داخل الكلية "في 2019 عملنا مصنع مصغر عشان الطلبة يجربوا فيه ويتعلموا بشكل عملي وكمان يخدم مجتمع الجامعة".

لم تعلم أستاذ الصيدلة أن فكرة المصنع التجريبي التي اقترحتها سوف تصبح منقذًا لمحيط الجامعة "لما الفيروس ظهر في مصر وبدأت إجراءات تعليق الدراسة حولت كل خطوط الإنتاج لعمل المعقمات" تقول رحاب لمصراوي.

وفيما كان الكثير يبحث عن زجاجات الكحول والمعقمات أو يضطر لشراءها بثمن مرتفع، وفر مصنع كلية الصيدلة للعاملين في جامعة مصر والطلاب مواد تعقيم الأيدي والأسطح بنسب كحول 70% وبتكلفة في متناول الأيدي.

1

نشرت صفحة الكلية على فيسبوك قائمة المواد وأسعارها، منتصف الشهر الجاري، كان الغرض إعلام مجتمع الجامعة بالمبادرة، لكن سرعان ما انتشر الأمر باعتبارها شأن عام، تلقت أستاذ الصيدلة كم هائل من المكالمات "جوه وبره مصر وفي ناس عايزة كميات كبيرة.. منها اللي عايز نص طن".

لمست رحاب حالة تصفها بـ"جشع"، ليس في الراغبين بالاستحواذ على المعقمات، لكن أيضًا في ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة لإنتاج هذه المطهرات، وبقدر ما زادت تلك الحالة من ضغط على الأستاذة الجامعية، إلا أنها دفعتها لإعادة التفكير فيما تصنع، تساءلت "هل اللي بعمله صح ولا غلط؟"، فيما استقرت إلى أنها "واحدة.. جزء من البلد بدأت باللي أقدر عليه وكل صيدلي بإمكانه ينتج لازم يعمل ده".

منذ تعليق الدراسة، تحولت مهمة الأستاذة الجامعية من التدريس والمهام الإدراية كرئيس قسم إلى الإنتاج بيدها. تفتح عيناها صباح كل يوم على استقبال مكالمات هاتفية، ثم تسارع بالذهاب "لو يوم قلت هروح 11 ألاقيني بنزل 9 عشان أروح انتج أكتر"، لا يشغلها المسافة "أنا ساكنة في الشيخ زايد والجامعة في أكتوبر. ولو أبعد من كده هروح برضه".

تطارد المسؤولية رحاب حتى في أحلامها "ساعات بصحى وأنا عمالة أفكر إزاي أنتج المعقم بأعلى جودة في أقل وقت". لا تنقطع أستاذ الصيدلة عن متابعة الأبحاث بشأن كورونا ووسائل الوقاية، خلصت من إحداها إلى خلط مادتين بينهما الكحول لإنتاج المعقم.

لنحو 10 ساعات تصل أحيانًا فترة عمل رئيس قسم الصيدلة في المصنع التجريبي، يرافقها شخصان أو ثلاثة من الأساتذة يتطوعون بالعمل "ما بجبرش حد أنه ييجي.. اللي حابب يعمل ده من غير التزام"، فيما ترفض مبادرات بعض الطلبة للمشاركة في الإنتاج.

ما بين 60 إلى 100 لتر ينتج مصنع كلية الصيدلة يوميًا، تتولى رئيس القسم توصيلها إلى إدارة الجامعة لتوزيعها على الكليات لتعقيم الأسطح وكافة الأرجاء، فضلاً عن تغطية احتياجات طلاب وأساتذة الجامعة.

0

تغادر أستاذ الصيدلة أسرتها يوميًا، تترك ابنيها مع والدتها المسن، يجدها البعض "بتغامر" بينما ترى أن الواجب في مثل هذه الظروف يحتم التضحية "اللي شغالين في القطاع الطبي والصيدلي دلوقتي زي الجندي في ساحة قتال.. مينفعش أسيب مكاني"، لكنها لا تغفل في الوقت ذاته الإجراءات اللازمة؛ فما إن تعود لمنزلها "مبسلمش على حد ولا ألمس شيء لحد ما أعمل لنفسي تعقيم شامل".

لا يتوقف هاتف رئيس قسم الصيدلة الصناعية عن الرنين، ترد طلب البعض لمنتجات التعقيم بإخبارهم "أنها خاصة بمجتمع الجامعة الداخلي"، تحزن السيدة "أتمنى أغطي مصر كلها لكن مش مسموح لي اشتغل بره الجامعة"، غير أن العزاء يأتيها في استقبالها لمكالمات من صيادلة، يسألونها عما تصنع فتنقل لهم خبرتها، تبتغي في ذلك نشر للفكرة "عندنا كام كلية صيدلة على مستوى الجمهورية، لو كل كلية فتحت معملها وانتجت مش هنشيل هم الأزمة خالص".

فيديو قد يعجبك: