إعلان

بعد تعليق "العُمرة".. "كورونا" يوزّع الخسائر على شركات السياحة والمُعتَمرين

08:14 م الأحد 01 مارس 2020

العمرة وكورونا

كتب- أحمد شعبان:

كان الأمر مُفاجئاً بالنّسبة لـ"عمرو الزيات"، صاحب شركة سياحية تعمل في تنظيم رحلات الحج والعمرة، حين تلقّى اتصالاً هاتفياً، صباح الخميس الماضي، يخبره بتعذّر سفر 50 معتمراً لدى شركته إلى السعودية، حاول الرجل الاتصال بوكيل شركته في المملكة، للاستفسار عن سبب منع سفر المعتمرين، فلم يكن لدى الأخير إجابة وافية "اتفاجىء زينّا برضه، والمشكلة إن ده هيأثّر علينا كشركات والخساير هتكون كبيرة"، يقول الزيات.

لم تكن هناك أية مقدّمات للقرار الذي اتخذته السعودية، الخميس الماضي، بتعليق السماح بدخول الراغبين في أداء العمرة والسائحين إلى أراضيها بشكلٍ مؤقت، تخوّفاً من تفشّي فيروس كورونا، الذي يواصل زحفه أوروبياً وعربياً، ووصل إلى عدة دول مجاورة للمملكة، وأعلنت إيران والكويت والبحرين وجود حالات إصابة بالفيروس على أراضيها، علماً بأن السعودية لم تسجّل أي حالات إصابة أو وفاة.

يُبدي الزيات استغرابه "المفروض إننا مخلصين كل حاجة ودافعين كل الفلوس والتأشيرات طلعت من 15 يوم"، فضلاً عن سداد قيمة باقي الخدمات، من تذاكر الطيران وأماكن الإقامة وغيرها، يقول الزيات الذي تقوم شركته بإطلاق 4 رحلات عمرة في شهر رجب "كان عندنا رحلة يوم الجمعة واتلغت برضه، وكل رحلات شهر رجب مخلصين إجراءاتها ومصاريفها مدفوعة كاملة".

رغم التساؤلات الكثيرة التي تلقّاها "حسن خلف"، صاحب شركة سياحية، من معتمرين بعدما عادوا من مطار سوهاج الدولي ومنعوا من السفر لأداء العمرة، الخميس الماضي، كان القرار مفاجئاً له، وللمسافرين، غير أنه لا يبدي قلقاً كبيراً "حاجة عادية هتقعد فترة لكن هترجع الناس تروح العمرة عادي مع وجود بعض الضوابط"، بحسب ما يقول.

كلما شرد ذهن "حسن" إلى فكرة إلغاء رحلات العمرة بالكامل، لا يلبث أن يطرد الفكرة سريعاً "الخسارة هتتعدى كل الحدود لو ده حصل، لأن احنا في ذروة موسم عمرة شهر رجب وداخلين على شعبان ورمضان، يعني هيبقى موسم واتضرب وربنا يستر"، يحاول أن يُطمئن المتعاملين معه خاصة وأنه أنهى إجراءات سفر 3 رحلات، عبر شركته، لـ150 فرداً، خلال شهر رجب "الواحد المفروض إنه بيجيلي في الأول بجواز السفر وبيدفع حوالي 75% في المبلغ وبيدفع الباقي بعد التأشيرة ما تيجي، ففكرة إن الفلوس ترجع للناس بعد ما اتصرفت مش عارف ممكن تحصل إزاي"، بحسب ما يذكر.

يتوقع "الزيات" ألّا تُوقف السعودية أداء العمرة هذا الموسم "دي حاجة صعب تحصل وخسائرها كتير"، ويضيف أنه لا قلق من المعتمرين القادمين من مصر، حيث أنه لا توجد بها سوى حالة إصابة واحدة لشخص أجنبي، أُعلان شفائه، بحسب ما أُعلن رسمياً من قبل وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية.

يتوقع كلٌ من "حسن" و"الزيات" أن تكون خسائر شركات السياحة المصرية كبيرة، نتيجة لقرار تعليق رحلات العمرة، خاصةً وأن مصر دائماً ما تتصدر مصر قائمة أكثر الدولة في عدد المعتمرين، حسب إحصائية أعلنتها بوابة الحج والعمرة السعودية في يناير الماضي، فإنها أصدرت2 مليون و913 ألفاً و170 تأشيرة عمرة، منذ بدء الموسم في الأول من شهر محرم 1441 هجرية وحتى الـ22 من جمادي الأولى 1441 هجرية، وكان نصيب مصر 156 ألف و492 تأشيرة عمرة، وحلّت في المركز الرابع ضمن قائمة أكثر الدول من حيث عدد المعتمرين، علماً بأن وزارة السياحة المصرية تعلن عن 500 ألف تأشيرة سنوياً، كحد أقصى للمعتمرين، وصل عددهم منذ بدء الموسم في نوفمبر الماضي وحتى الآن إلى 310 معتمر بحسب غرفة شركات السياحة.

لا يدري الزيات، 45 عاماً، ماذا يفعل، يقوم باتصالات مع وكلاء في السعودية علّهم يخبرونه بما يطمئنه قليلاً، لا يتوقف سؤاله لهم عن موعد عودة الرحلات، و يتواصل مع الجهات المسئولة في مصر والسعودية، دون أن يصل لشيء حتى الآن، سوى أن أحد الوكلاء أخبره باحتمالية استئناف الرحلات خلال بضعة أيام، بعدما تقوم المملكة العربية السعودية بعدد من الإجراءات الوقائية.

و يتذكر حسن، الذي يعمل في مجال رحلات العمرة منذ 20 عاماً، حين انتشرت انفلونزا الطيور والخنازير في مصر قبل سنوات "وقتها ما منعوش حد، لكن عملوا شوية ضوابط ومنعوا أي حد فوق الستين سنة إنه يسافر وهكذا"، مع الأخذ في الاعتبار الفارق بين كورونا والفزع الذي خلّفه في العالم، والخسائر التي يتسبب فيها ، حيث وصل عدد ضحاياه إلى 86 ألفاً و986 مصاباً، فيما وصل عدد الوفيات إلى 2979، في الصين التي انطلق منها الفيروس الجديد "كوفيد-19"، وخارجها، فضلاً عن الضربات التي طالت الأسواق العالمية، وتعطّل الحياة في مدن عدة حول العالم.
4 (1)

عقب إعلان السعودية تعليق رحلات العمرة، أعلنت بوابة العمرة المصرية توقفها عن تلقّي أي طلبات لحين انتهاء الإيقاف المؤقت من جانب المملكة، فيما ألزم جهاز حماية المستهلك شركات السياحة التي تنظم رحلات العمرة وشركات الطيران بردّ قيمة ما دفعه المعتمرون، وحفظ حقوقهم المادية للقيام بالرحلة فور زوال سبب الإيقاف.

غير أن أصحاب الشركات السياحية تؤرقهم أسئلة كثيرة؛ فعمرو الزيات، صاحب شركة سياحة، يقول "احنا كشركات حتى الآن مش عارفين مين الجهة اللي هنرجع منها الفلوس للمعتمرين، وزارة السياحة في مصر ولّا في السعودية، وإزاي هرجع الفلوس اللي اتصرفت على التأشيرات والخدمات"، فضلاً عن الخسائر التي سيتكبدها والتي يقدرها بـ600 ألف جنيه نتيجة إلغاء رحلة عمرة واحدة لشركته.

فيما يأمل "حسن" أن يتم السماح لمن صدرت لهم تأشيرات بالسفر وأداء العمرة "لأن التأشيرات طلعت قبل القرار ومن غير ما حد يخطرنا، وفي المطارات يعملوا تحاليل واجرءات طبية واقية"، بحسب قوله، تقليلاً للخسارة.

لا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لـ"إبراهيم رجب"، صاحب شركة سياحة بالقاهرة، ألغيت رحلاته كغيره، يبدي انزعاجه لعدم تلقيهم إخطاراً أو إنذراً بالقرار قبل إعلانه بمدة تكفي لتلافي تبعاته. لا تتوقف تساؤلات وتوترات المتعاملين معه، يشير إلى حزنهم وحلمهم تأدية المناسك الذي يكاد يتبدد، غير أنه لا يملك جواباً لأسئلتهم المتتالية "مش عارف أقولهم إيه، والمعتمر ما لوش أي ذنب، لازم فلوسه ترجع لو مفيش سفر"، فيما يتمنى أن لا تطول فترة تعليق رحلات العمرة لما بعد شهر رجب "أتمنى ترجع في شعبان، ويتم السماح للي مسافروش إنهم ياخدوا فلوسهم أو يدفع الفارق ويسافر عمرة شعبان أو رمضان إن شاء الله".

فيديو قد يعجبك: