إعلان

مبارك "بلا حواجز" في مذكرات رجاله: "منوفي حدق.. وحكاية مقابلة أزعجته"

10:18 م الثلاثاء 25 فبراير 2020

الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك

كتب- أحمد شعبان:

رحل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، صباح اليوم الثلاثاء، عن عمر يناهز 92 عاماً، قضى 30 عاماً منها على رأس السُلطة في مصر، 3 عقود في "قصر الرئاسة"، قبل أن يُخلع من الحكم بعد ثورة شعبية في الخامس والعشرين من يناير 2011. ويقضي ما يقرب من عقد بين ردهات المحاكم والسجون والمستشفيات. سنوات الرجل الطويلة دونّ بعضاً من تفاصيله عدد من رجال "مبارك" في مذكراتهم، كشفوا خلالها عن صورة أخرى للرئيس "بلا حواجز".

"مبارك" في مذكرات عمر موسى: "مُنوفي حدق.. ومثال للموظف المصري"

الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك (1)

في الجزء الأول من مذكراته "كِتَابِيَهْ" الصادرة عن "دار الشروق" عام 2017، تطرّقَ عمرو موسى، وزير الخارجية، في عصر مبارك، طوال فترة التسعينيات وحتى أوائل الألفية، في فصل معنون بـ"حسني مبارك" عن حكاياته واجتماعاته مع الرئيس الأسبق، الذي كان في عين "موسىى": "رجلاً وطنياً ومصرياً حدق، ومُنوفياً بكل معنى الكلمة، لم يكن من السهل خداعه وبالطبع كان يعلم بحجم الفساد المستشري(..)، كان الرئيس يناقش كأي منوفي حقيقي، وعند مناقشته للموضوعات واتخاذ الآراء، كان يجتمع بخبراء في الظل قبل الاجتماع مع فريقه".

ويمضي وزير الخارجية الأسبق في حديثه عن "مبارك": "كان شخصية لطيفة مُحببة، له قفشاته الطريفة.."، وكذلك كان مثالاً لـ"الموظف المصري": "دخلت مرة مكتبه الداخلي الواقع في الدور الأرضي في خلفية منزله، فوجدت أكواماً من التقارير التي تصدر عن أجهزة الدولة وتُرسل إليه بوصفه رئيساً للجمهورية في شكل كتب أو ملفات صغيرة الحجم، وهذا ما يفسر قولي إنه كان موظفاً كبيراً يقتنع بأنه يجب الاحتفاظ بهذه التقارير التي ربما يحتاج لأن يعود إليها في يوم ما".

كذلك فإن "مبارك" في نظر "موسى" كان :"متواضعاً في طموحاته، ليس مستعداً لأن يدخل في أي مغامرة عسكرية ضد إسرائيل(..)"، فيما عرج في حديثه عن "أسعد لحظات مبارك حين أخطره الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) بإلغاء جزء من ديون مصر العسكرية التي انخفضت بمقدار 7 مليارات دولار، إثر مشاركة مصر في تحرير الكويت عام 1991، كان الرئيس سعيداً وذكر لي – ولآخرين- أنه ظل يضع خطاب الإعفاء في جيبه لعدة أيام، يُخرجه كل حين ليقرأه من جديد، ويتأكد من أن مليارات الدولارات قد زالت عن كاهل مصر وكاهله".

وعن "نوادره مع الرئیس"، يحكي عمرو موسى أنه كان يحي مداعبة الرئيس الأسبق في أحیان كثیرة بسبب عدم قدرته على الاستمتاع بحریة التنقل لدواعي الأمن، يقول: "أذكر أننا في ذات مرة كنا في زیارة لفرنسا، وقلت له: یا سیادة الرئیس: وهو فیه حد یحب یبقى رئیس محبوس؟ انظر إليَّ. الآن أنا أتمتع بحریتي، وسأخرج للتنزه وتناول العشاء في مطعم باریسي أحبه، وبعد ظهر غد بعد المباحثات سأخرج لشراء بعض الملابس والمستلزمات الشخصیة. دعوت الرئیس للعشاء في الخارج إلا أنه اعتذر بأن خروجه سیؤدي إلى ’دربكة كبيرة’. ثم قال لي: لازم أشوف كل اللي هتشتریه. بالفعل اشتریت مجموعة متنوعة من َرَبطات العنق وعدداً من القمصان والجوارب، وحذاء. فأعجب بكل ما اشتریته إلا الحذاء ’كل حاجة شیك إلا الجزمة’، وعلى الفور استدعى مدیر مكتبه جمال عبد العزیز كي یذهب للمحل الذي اشتریت منه لیشتري له بعض الملابس، ولم ینسَ أن ینبهه بأنه یحب الجوارب متوسطة الطول، عكسي أنا؛ حیث أحب الجوارب الطویلة أي التي تصل إلى مستوى الركبة".

عن "قفشات مبارك"، روي "موسى" في موضع آخر من مذكراته، واقعة تتعلق بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وطرائفه المثيرة. يحكي أنه في إحدى زيارات مبارك ووزير الدولة للشؤون الخارجية السابق بطرس غالي لليبيا، وبينما كان الأخير يتحدث بطلاقة أمام القذافي عن الأوضاع في أفريقيا وغيرها، أعجب القذافي بغالي فأهداه "شوال مكرونة"، وظل غالي يتندر بالواقعة بين أصدقائه، كما كان مبارك يسأل غالي كلما التقاه عن مصير "الشوال"، وما إذا كان وزن "غالي" قد زاد من كثرة أكل "المكرونة".

مذكرات بطرس غالي.. مقابلة غريبة وحفل تخرّج علاء مبارك

الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك (2)

في أحد كتب مذكراته، الصادر عام 2013، يروي بطرس غالي الدبلوماسي الشهير في كتابه "بين النيل والقدس: يوميات دبلوماسي مصري"، بعضاً من المواقف والحكايات التي جمعته بالرئيس الراحل حسني مبارك، فيحكي عن "سيدة مالاوي" التي أزعجت مبارك، قائلاً: "يوم الاثنين 23 نوفمبر 1987، استقبل الرئيس مبارك في الصباح السيدة الأولى لمالاوي على الرغم من الاعتراضات المتحفظة لبعض مستشاريه، وكما هو معمول به في تقاليد بلادها جثت السيدة الأولى على ركبتيها أمامه، وزحفت نحوه لتسليمه رسالة الرئيس باندا. نظر إليّ الرئيس مبارك منزعجاً، فلقد نسيت أن أنبهه لهذا التقليد المتبع في مالاوي عند تسليم الرسائل. ازداد قلق الرئيس بينما كانت السيدة الأولى تقترب منه وهي زاحفة على ركبتيها. تدخلت قائلاً: ’هذا من تقاليد مالاوي يا سيدي الرئيس، لا تقلق’. بعد المقابلة، استدعاني الرئيس مبارك وقال لي: ’تجعلني أجري مقابلات غريبة مع الرؤساء الأفارقة’، فرددت: ’هذا كله من أجل توطيد زعامتك وزعامة مصر فى أفريقيا يا سيادة الرئيس’".

وفي فبراير عام 1983، كان موعد حفل تخرج علاء مبارك" في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ولما كان مقرراً أن لا يحضر الرئيس الحفل، لأنه "من المقرر أن يرأس البروفيسير مالكوم كير هذا الحفل. وكان هذا البروفيسير قد نشر مقالاً انتقد فيه الرئيس مبارك بشدة. ولمّح لي الرئيس بأنني أستطيع ترأس هذا الحفل. إنها مهمة حساسة للغاية، خصوصا أنه لم يسبق لي التدريس في الجامعة الأمريكية ولأن مالكوم كير زميلي وصديقي"، بحسب رواية "غالي" في مذكراته.

ويمضي "غالي": "تسلحت بالشجاعة وتناقشت في الأمر مع رئيس الجامعة الأمريكية الذي أكد لي حرصه على حضور الرئيس لحفل التخرج. وتعهد لي بتلبية مطالب الرئيس مبارك كافة، وقال لي إنه سيقول للبروفيسير إن الرئيس مبارك يصر على أن يرأس وزير مصرى هذا الاحتفال، وطلبت من صديقى مجدي وهبة مساعدتي على إعداد خطبة ــ باللغة الإنجليزية ــ تكون لائقة بمثل هذه المناسبة".

"وفي يوم الأربعاء 23 فبراير 1983 وصل الرئيس مبارك والسيدة قرينته إلى مقر الجامعة الأمريكية. وكان في استقبالهما هيرمان إيلتس السفير الأمريكى. وبعد أن تم تقديمي للحاضرين، صعدتُ إلى المنصة، وقرأت بعناية الخطبة التى أعدها لى مجدي وهبة. بعد ذلك وزعت الشهادات على الخريجين. جاء علاء وقبّل والديه"، على ما روى "غالي" في مذكراته.

مذكرات كمال الجنزوري.. الرئيس يغضب

الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك (3)

أواخر عام 2013، أصدر الدكتور كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الأسبق مذكراته "طريقي"، وتحدث في موضع منها عن تكليفه بتشكيل الحكومة في يناير 1996، وغضب مبارك منه برغم النجاح، يحكي: "عندما توليت رئاسة الوزارة، وشهد الجميع لها بالنجاح لمدة أربع سنوات متتالية، واستمع الرئيس إلى البعض فيما أملوه كذبا، ورغم تأكده بعدم صحته، غضب علي غضبة لم تلحق بأى رئيس للوزراء قبلى أو بعدى، وإن لم يحقق فى وزارته ما حققته فى التنمية وتطوير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وإنجاز ما استطعت فى مجال العدالة الاجتماعية بشكل أرضى الجميع. وهو الرضا الشعبى الذى كان أول سبب فى عدم رضاه شخصيا، ولعله لم يعلم أن رضا الناس من رضا الله وهو الأهم لدي".

حازم الببلاوي.. و"سيجار" مبارك!

1dee660a-3304-4c5b-985b-a989e5549aa0

عرف عن الرئيس الراحل مبارك رفضه الحديث عن حياته الشخصية وتفاصيلها، وكان شائعاً أنه لا يدخّن، غير أن شهادات شخصيات اقتربت منه أشارت إلى أن كان يدخّن "السيجار"، بينهم الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان"، وكذلك حديث حازم الببلاوي، رئيس وزراء مصر الأسبق في مذكراته.

لم يكن حازم الببلاوي من "رجال مبارك"، إذ لم يتولى منصباً وزارياً في حكومات عصره المتعاقبة، لكنه تولى مناصب اقتصادية عدة، ويروي في مذكراته "شخصيات على مسيرتي" تفاصيل لقاءه مع مبارك، حين كان الببلاوي رئيساً للبنك المصري لتنمية الصادرات في الفترة من 1983 إلى 1995، يحكي الببلاوي قصة السيجار الذي قذفه مبارك إليه في أول اجتماع بعد توليه الرئاسة: "كانت تتم دعوتي للاجتماعات اللجنة الوزارية الاقتصادية التي كانت تضم إلى جانب رئيس الوزراء، وزراء المجموعة الاقتصادية ورئيسي مجلسي الشعب والشورى وأمين اللجنة الاقتصادية في الحزب الوطني. وكنت الوحيد في هذه الاجتماعات من خارج المسئولين السياسيين، وأصغرهم سنًّا ومقامًا؛ ولذلك كان مكاني في الجلوس في آخر طاولة الاجتماعات والأقرب إلى باب الخروج".

يروي: "في أول اجتماع لي بدأت المناقشات تتشعب وتنتقل من موضوع إلى موضوع دون حسم وتدخل في تفصيلات فرعية، وشعرت حينذاك بأنني غريب. ولذلك، فعندما جاء الساعي لتوزيع القهوة والشاى على الحاضرين، سحبت مقعدى إلى الوراء وأخرجت سيجاراً وأشعلته مع شرب القهوة. ويبدو أن الرئيس لاحظ هذا الانفصال النفسي، فتوقف عن الحديث ونظر إليَّ قائلاً: ’يا جماعة، أصل حازم عائد من الكويت وتعود على تدخين السيجار’، ثم أخرج من جيبه سيجاراً محترمًا وقذف به لي من أول المنضدة. وتلقفت السيجار ووضعته أمامي".

فيديو قد يعجبك: