إعلان

صديق شهيد "الدرب الأحمر".. يروي لمصراوي سنوات الطفولة والصداقة

05:13 م الأربعاء 20 فبراير 2019

كتب- محمد زكريا:

تصوير- محمد حسام الدين:

في الطريق إلى المدافن، ظل عصام سعد يبكي بحرقة، احتضنه صديق عله يخفف عنه، فيما كان يدور بعقل الرجل الثلاثيني تلك الذكريات، التي جمعته بمحمود أبواليزيد، شهيد تفجير الدرب الأحمر، منذ كانا طفلين، لم يكن أمين الشرطة يتخيل أن يفترقا يوما ما، لكن للقدر تصاريفه، "استُشهد" رجل الأمن، في الحادث الإرهابي.

مساء الاثنين، فجر انتحاري نفسه في حارة الدرديري بمنطقة الدرب الأحمر، بعدما اقترب رجال الأمن منه، في محاولة للإمساك به، ما أسفر عن وقوع 3 شهداء و5 مصابين، بحسب البيانات الرسمية.

كانت الدقائق ثقيلة، مرت على سعد كشهور، فبينما يحمل نعش صديقه، يُعيد عقله تلك المرات، التي لعبا فيها الكرة بالشارع وهما صغران، يختار كل منهما مركزه في "الملعب"، وكانت حراسة المرمى محجوزة لأبواليزيد، كان الشهيد يُجيد صد الكرات الصعبة.

من الإنترنت، شاهد سعد فيديو يُسجل الانفجار، وخزة ضربت قلبه، بسرعة هاتف صديقه، عله يجيبه عن أسئلته الخائفة، لم يرد أبواليزيد، فاتصل على هاتفه بالمنزل، الذي لم يكن أهله على علم بما جرى، في النهاية لجأ إلى زملائه في قسم الدرب الأحمر، ليُصدم بتلك الكلمة، التي ما إن سمعها لم يستوعبها عقله: "محمود مات".

البكاء لا يكل. والذكريات أيضا. يُداهم عقله كل التفاصيل. عن ذلك الأسبوع، الذي وحده الصديقان لعقد قرانهما. الصلاة في الأعياد وهما في عمر المراهقة، وصولا إلى أدائها وكل يمسك ابنه في يديه. "الشهيد" لديه 3 أولاد، أكبرهم فتاة بعمر 10 سنوات، كان هذا دافعا لألم أكبر، يعتصر قلب سعد، على أطفال، لم يرتكبوا ذنبا ليكملوا من أجله العيش دون أب.

لم يستوعب عقل سعد، الخبر من أول مرة، ظل يُكذب نفسه، جرى إلى مستشفى الدرب الأحمر، أبلغوه بعدم حضور أبواليزيد إليه، هرول لموقع الحادث، رأى أشلاء متطايرة ودماء تفرش الأرض، لكن ما إن وقعت عيناه على جثة أبواليزيد، حتى انهار تماما، لم يستطع تمالك أطرافه، كاد يسقط، لولا مساعدة أهل الحي.

إحساس سعد بتوقف عقله عن التفكير، لم يُغير من تذكيره بتلك الأيام من الماضي، التي زامل فيها الشهيد بإحدى مدارس إمبابة الابتدائية، والتي تُقابل منزلهما، اللذين يسكنانه منذ الولادة، ليقفز إليه فكرة السعي وراء تغيير اسمها لاسم الرحل، أبلغ أمنيته للمحافظ الذي حضر الجنازة، ليعده المسؤول بالنظر في الأمر.

رغم فداحة الأمر، كان عليه أن يكون سندًا لأسرة الشهيد، في أصعب مما تعرضا له في حياتهما، طالب والداه برؤية جثمان ولدهما قبل دفنه، فسعى سعد إلى تحقيق رغبتهما رغم هول الموقف عليهما، أدخلهما إلى عربة الإسعاف، ليلقيا على فلذة كبدهما السلام الأخير، كان مُكفنًا وملفوفًا بالعلم المصري، الذي مرّ بشوارع إمبابة، وسط الآلاف من المعزيين والحزانى، الذين رفعوا صورته، متمنين له الرحمة والغفران، ليستقر في مثواه الأخير.

فيديو قد يعجبك: